خبر : قراءة في خطاب رئيس الوزراء أمام الصحافة الأجنبية ..سلامة معروف

السبت 04 ديسمبر 2010 11:23 م / بتوقيت القدس +2GMT
قراءة في خطاب رئيس الوزراء أمام الصحافة الأجنبية ..سلامة معروف



 من يقرأ خطاب رئيس الوزراء إسماعيل هنية خلال لقاءه – الأربعاء الماضي- بممثلي وسائل الإعلام الأجنبية العاملة في قطاع غزة، على هامش اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لا يحتاج لكثير فطنة أو عظيم تحليل، للقراءة ما بين السطور، فهو لم يترك شاردة أو واردة إلا وحوته كلمته، فأتت واضحة صريحة وشفافة لا لبس فيها ولا غموض، وضمن ثمانية عناوين رئيسة تناول رئيس الوزراء كل القضايا التي تمس واقعنا الفلسطيني، بدء من التصعيد الإسرائيلي الذي نلحظ أن ملامحه قد بدأت في التشكل، وانتهاء بوثائق ويكليكس وما فضحته من تواطؤ وتآمر على القضية الفلسطينية، مرورا بالبرنامج السياسي للحكومة، وقضية الحصار على قطاع غزة، والمفاوضات، وغير ذلك من القضايا التي تناولها الخطاب.   وهنا لا بد من قراءة موضوعية ومتأنية لهذا الخطاب تعطيه حقه في ظل تسارع الأحداث على الساحة الفلسطينية وأهمها( المصالحة – التصعيد الإسرائيلي-المفاوضات ) وألقت بظلالها على كل الأحداث السياسية الأخرى، ولأهمية الأحداث والمواقف التي تناولها الخطاب ، ولأهمية قائله لاحظ المتابعون والمحللون مساحة التغطية العريضة التي حظي بها الخطاب في وسائل الإعلام العربية والغربية على مختلف تصنيفاتها، رغم ما تحدث به البعض ألا جديد يذكر في الخطاب، وإنما هو تأكيد على ذات المواقف التي أعلنت عنها حركة حماس سابقا. من الموضوع الذي يشغل بال الجميع في قطاع غزة بدأ ، وبالتحذير من التصعيد الإسرائيلي انطلق ليقول للعالم أجمع إن التهديد الحقيقي في المنطقة ليس الشعب الفلسطيني الأعزل بل إسرائيل المدججة بالسلاح، وإن الحكومة ومن خلفها حركة حماس ملتزمة بتجنيب غزة أي حماقة إسرائيلية جديدة، مفندا ادعاءاتها بوجود القاعدة في قطاع غزة، وترويجها لامتلاك المقاومة صواريخ مضادة للطائرات تارة، وتارة أخرى صواريخ ذات مدى بعيد أو أسلحة فسفورية، وليؤكد من جديد أن ما يوجد هو مقاومة ضد الاحتلال تعمل فقط داخل فلسطين، مشيراً إلى أن التصعيد الأخير يندرج تحت التصعيد المستمر منذ الحرب وما قبلها على قطاع غزة حتى اليوم، وليلفت الأنظار أن الاحتلال من خلال حجة القاعدة ووجود أسلحة خطرة يحاول تضليل العالم وجلب تأييد أمريكي جديد والحفاظ على الصمت الأوروبي. وفي حديثه عن المصالحة، أكد هنية على أن المصالحة والمشاركة هي الخيار الإستراتيجي، انطلاقا من الإيمان بالتعددية السياسية، مشيراً إلى أن الحكومة تعرضت بعد الانتخابات لمعركة سياسية واقتصادية وعسكرية، معددا الظروف التي يجب أن تتوافر لنجاح المصالحة بتحقيق الشراكة السياسية والأمنية، وعدم دفع ثمن سياسي يمس حقوق الشعب، مرحباً بكل الجهود المحلية والعربية والدولية للمصالحة، مؤكداً أن حماس على استعداد تام لتنازلات تحدث اختراق حقيقي بملف المصالحة، ومذكرا أن حركته هي من بادرت لتحريك الملف بعد شهور من تجميده. الحصار والمجتمع الدولي وخلال حديثه، لم يخف هنية استيائه من فشل المجتمع الدولي في معاقبة إسرائيل على ما ترتكبه من جرائم، مذكّرا بتقرير غولدستون الذي جرم الاحتلال واتهمه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال حربه ضد غزة، ورغم التأييد الدولي الذي حظي به هذا التقرير، إلا أنه حتى اللحظة فشل المجتمع الدولي في إخراج نتائجه إلى حيز التطبيق. وفيما يخص "كذبة" تخفيف الحصار، أوضح أن حصار غزة مستمر منذ سنوات سياسياً واقتصادياً ومالياً كعقاب جماعي وبديلا عن الاحتلال المباشر، مشيراً إلى أن الاحتلال لم يكتف بذلك بل عمل على مواجهة كل من حاول كسر الحصار ليرتكب مجزرة في عرض البحر ضد أسطول الحرية، وبسبب الضغط عليه أعلن الاحتلال أنه خفف الحصار، "ولكن إسرائيل كاذبة خادعة فليس هناك تغيير جوهري على أرض الواقع فلا زالت البيوت والمساجد والمدارس والمشافي والكنائس التي دمرها الاحتلال مدمرة بسبب منعه لدخول مواد البناء، وما زالت غزة لا تستطيع الاستيراد والتصدير ولا تستطيع الاستفادة من بحرها، ولا زالت مئات السلع الضرورية ممنوعة من الدخول لغزة، ولا زالت البطالة عالية". وعن رأيه في المفاوضات؛ أكد على أن الاحتلال غير جاد في السلام، "حتى أنهم يرفضون وقف الاستيطان لمدة 60 يوماً ويؤكدون أن القدس عاصمة واحدة موحدة لإسرائيل وتستمر في بناء الجدار وترفض الاعتراف بحقوق الملايين من أبناء الشعب الفلسطيني الذين شردتهم، وتعمل على التهام الأراضي، لتعطي الفلسطينيين أخيراً كياناً ممسوخاً لا يوجد له أي ملامح دولة". وأكد أن إسرائيل تريد الأمن والأرض والسلام معاً وهذا لا يمكن، وما يزيد الأمر تعقيداً أن المجتمع الدولي ليس لديه رغبة لإلزام إسرائيل بالمعاهدات والاتفاقيات الموقعة". وأضاف "إسرائيل تريد منا الاستسلام ونحن لن نستسلم، لذا ما يجري من محاولات من إحياء مسيرة المفاوضات على تلك القواعد نعتقد أنها لن تنجح". البرنامج السياسي وفي رسالة موجهة لأطراف إقليمية ودولية، أكد هنية أن برنامج الحكومة هو برنامج حكومة الوحدة الوطنية، وهو برنامج الوفاق الوطني الذي جاء في وثيقة الأسرى التي تضمنت 18 بنداً عالجت كل الشأن الفلسطيني، وفي هذا المجال أشار إلى أن الأهداف السياسية في هذه المرحلة واضحة وأن الحكومة لا تعترض إلى إقامة دولة فلسطينية على حدود 67 وعاصمتها القدس وأن تحل قضية اللاجئين ويفرج عن كل الأسرى. وإذا كانت حركة حماس قد وصلت إلى سدة السلطة وشكلت الحكومة بالانتخابات، فإن الانتخابات في رأي رئيس الوزراء، هي الطريق الوحيد لتداول السلطة وإعادة بناء المنظمة لتضم حركتي حماس الجهاد الإسلامي والمبادرة الوطنية"، مشيرا إلى أن الوثيقة منحت الرئيس عباس حق متابعة التفاوض مع إسرائيل على أن يتم عرض أي اتفاق على استفتاء شعبي على شعبنا في الداخل والخارج"، موضحاً أن حركة حماس ستحترم نتائج الاستفتاء مهما كانت. قضايا هامة عديدة تناولها الخطاب، وأسئلة كثيرة وجريئة أجاب عنها رئيس الوزراء بمنتهى الوضوح والشفافية، وعلى أي حال يمكن القول أن الخطاب كان بمثابة صرخة مدوية تعلن من خلالها الحكومة وحركة حماس، على لسان رئيس وزرائها وأبرز قيادييها، مواقفهما بوضوح من مختلف القضايا، ولتؤكدان من جديد على ثوابتهما التي لا تقبل المساومة، ولتوصل رسالتها السياسية إلى اللاعبين في الملعب الدولي، فهل تلقى آذانا من اللاعبين فيه، أم يبقى الموقف يراوح مكانه بين لاعب واحد يملي شروط اللعبة، في حين يلوذ بقية اللاعبون بالصمت والسكوت.   كاتب من غزة