خبر : ويكيليكس: إسرائيل ليست محرجة!! هاني حبيب

الأربعاء 01 ديسمبر 2010 12:26 م / بتوقيت القدس +2GMT
ويكيليكس: إسرائيل ليست محرجة!! هاني حبيب



مرة أخرى، يفرض موقع "ويكيليكس" نفسه على العالم، وعلى الأخص قياداته السياسية الاولى، ويفرض على العلاقات الدولية أن تعيد تقييم أدواتها ووسائلها، والأغرب انه سيعيد الشبكة العنكبوتية – الإنترنت – الى سنواتها الاولى، والغريب ان هذه الشبكة وقبل أن تصبح أداة للمجتمع الدولي، ولمعظم أفراده، كانت حكراً على وزارتي الدفاع والخارجية الاميركيتين، والآن، يبدو أن هاتين الوزارتين، كما كافة او معظم وزارات العالم بأسره، ستعيد النظر بتبادل المعلومات عبر الشبكة بعدما أطاح هذا الموقع بقدسية السرية التي حاولت هذه المؤسسات المتحكمة أن تتستر على خداعها وكذبها.والواقع، ان ما نشره هذا الموقع، لم يسجل جديداً حقيقياً، او تأثيراً مباشراً على تعديل وجهات نظر الرأي العام، ذلك انه اكتفى بنشر مستوى واحد من مستويات السرية التي تحكم العلاقات الدولية بين أنظمة الحكم المختلفة، ويقول خبراء أمن "المعلومات والوثائق" ان مستويات السرية في هذا السياق وبالتدريج هي، سري، سري جداً، سري للغاية، محظور التداول، ولكل مستوى من هذه المستويات اطار يتمكن من الاطلاع على ما ينحصر في المستوى المحدد، لذلك يقال انه أمكن الوصول الى تلك الوثائق من احد الافراد، او الجهات التي تتمتع بمستوى اول منخفض، وهو اطار "سري" حيث ان معظم ما جاء تحت عنوانه هو اقرب الى المعلومات الصحافية والانطباعات المتداولة لدى افراد ومحللين وساسة.هذا الموقع لم يكن معروفاً قبل ان ينشر منذ عدة أشهر شريطاً مصوراً لهجوم طائرتي أباتشي أميركيتين على مدنيين في العراق، ما ادى الى سقوط عدة قتلى مدنيين ومقتل كادرين صحافيين من وكالة رويترز العام 2007، وقيل فيما بعد ان أحد رجال الاستخبارات الاميركية في العراق، وهو برادلي مايننغ وراء هذا التسريب، حيث اعتقل ولا يزال معتقلاً حيث يقبع الآن في زنزانته داخل قاعدة كوناتيكو العسكرية في ولاية فرجينيا. رغم ذلك، أرعب هذا الموقع وأرهب قادة العالم، خاصة القيادة الاميركية، بنشره بين وقت وآخر، عدداً هائلاً من الوثائق بالغة الأهمية الى درجة ان واشنطن اعتبرت هذا النشر، جريمة تتعلق بالأمن القومي، والى حد ان احد الشيوخ ساوى بين الموقع والقاعدة، باعتباره – الموقع – إرهاباً دولياً.والغريب، ان هذا الموقع الذي استقى كل وثائقه من أرشيف الخارجية الاميركية، لم يتعرض ولو لمرة واحدة، من قبل القيادة الاميركية، الى "التشكيك" بمضمون الوثائق المنشورة، وهذا اعتراف صريح بصحة ما تحمله هذه الوثائق من أخبار وأسرار، والتي في غالبيتها مجرد انطباعات سفير ورأيه، او انطباعات ورأي احد الساسة، ازاء الساسة الآخرين، دون ان نغفل مدى خطورة تداعيات مثل هذه الانطباعات.وقبل الموجة الاخيرة من نشر الموقع لأكثر من ربع مليون وثيقة، هرعت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون لتحذير نظرائها في معظم دول العالم، من خطورة ما سيتم نشره من الوثائق وان عليهم الاستعداد لتلقي الصدمات والفضائح والافتراءات والخدع، وكان من بين من حذرتهم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، حيث نشرت المواقع الفلسطينية والعربية، ان نتنياهو بات يعيش لحظات ما قبل النشر بحالة من الهلع والخوف، خشية الكشف عن أسرار تؤثر مباشرة على وضعه الداخلي وعلاقاته، خاصة مع الادارة الاميركية، واذا علمنا ان كافة الوثائق المنشورة هي وثائق اميركية، واذا علمنا ان اهم علاقة تقيمها هذه الادارة مع الآخرين، هي العلاقة مع اسرائيل وقيادتها، واذا علمنا ان ما نشر من وثائق تتعلق بإسرائيل مباشرة او غير مباشرة، من بين 250 ألف وثيقة، كانت خمسون وثيقة فقط، للفت ذلك الانتباه، خاصة وأن كل ما نشر حول اسرائيل، على قلته، لم يوفر اي حد من الإحراج لحكومتها، وفي بعض الاحيان إطراء لسياستها، كما جاء في الوثيقة التي تشير الى استعداد نتنياهو لتبادل أراض مع الجانب الفلسطيني والإقدام على تنازلات مهمة في سبيل التوصل الى تسوية سلمية، وهكذا فإن اسرائيل لم تتضرر، بخلاف كافة الدول التي تناولتها الوثائق، ما يطرح سؤالاً لا بد منه، فيما اذا كان هذا الامر، مسيطراً عليه أم انه لا يعدو كونه صدفة!!لم يكتف هذا الموقع، بكشف خبايا وأسرار العلاقات الدولية انطلاقاً من وثائق الخارجية الاميركية، بل انه أسهم وبشكل لا يقبل الشك عن مجال آخر من مجالات الخداع، والمتعلق بمفهوم "حرية تبادل ونشر المعلومات ووضعها بتصرف الجمهور" وهو ما فعله هذا الموقع بالضبط، الا ان الولايات المتحدة، ومعظم دول العالم، التي تضررت من النشر، اعتبرت ما يقوم به الموقع جريمة أمن قومي على نطاق عالمي، وبات جوليان اسانج (استرالي – 39 عاماً) اهم مطارد على النطاق العالمي، والمطلوب الاول مستبدلاً موقعه بموقع بن لادن، وتقول "نيويورك تايمز" انه يعيش حياة طريد تلاحقه أشباح المخابرات من كل أصقاع العالم، وقد يغير لون شعره اكثر من مرة كل اسبوع، ولا يستخدم الا النقد بدلاً من بطاقات الائتمان، ويبدل هاتفه كلما استبدل قميصه وتحاك حوله الدسائس القضائية، حتى يتم جلبه الى المحاكم بذرائع اخرى، مع ذلك فإنه ما زال مصمماً على المضي قدماً في تزويد الجمهور الدولي بكل ما تم إخفاؤه عنه من كذب وخداع قادته على مستوى المعمورة، ولكي يفضح المفهوم السائد والمخادع حول حرية النشر والتعبير.والأكثر غرابة في هذا السياق، أن الجهات التي يجب ان ترفع راية حرية النشر والتعبير وهي وسائل الإعلام الغربية، هي التي بدأت في محاربة هذا الموقع الذي يرفع راية الحقيقة وحرية تداول المعلومات، فبعد الصحافة الاميركية، أخذت الصحافة البريطانية، وبشكل منظم، تشن هجوماً على الموقع، بعدما تلقت الصحف "مذكرة" تنبه من خلالها الحكومة البريطانية رؤساء التحرير "التحلي بالمسؤولية" وهم يتبادلون هذه الوثائق، وهكذا كان رد فعل هذه الصحف أن أخذت زاوية الهجوم على الموقع وشن حرب على جوليان اسانج صاحب الموقع، هكذا فعلت صحف "الصن" و"نيوز أوف وورلد" و"ميل أون صنداي" بينما تجاهلت صحيفة "أوبزرفر" الأمر برمته!!ويمكن القول، ان ما فعله هذا الموقع، اكثر من تسونامي إلكتروني، وربما أكثر خطورة من القاعدة لصاحبها بن لادن، لكن الأهم من ذلك كله ما سينعكس على حياة العلاقات الدولية، إذ من الممكن في ظل الخوف من تسرب المعلومات، أن تعود هذه العلاقات الى ما قبل استخدام الهاتف والفاكس، الى عصر يتم تبادل المعلومات والعلاقات بين الدول من خلال "الحمام الزاجل"!!.‏www.hanihabib.net هاني حبيب