خبر : من النظرية الى التطبيق/بقلم: بن كاسبيت/معاريف 26/11/2010

الجمعة 26 نوفمبر 2010 02:01 م / بتوقيت القدس +2GMT
من النظرية الى التطبيق/بقلم: بن كاسبيت/معاريف  26/11/2010



 يوم الجمعة الماضي نشر في هذه الصفحات تقرير عن الوزير جلعاد اردان الذي تردد اذا كان سيغادر الساحة السياسية ليتوجه لمنصب سفير اسرائيل في الامم المتحدة. في ختامه، في الفقرة قبل الاخيرة، طرح المراسل شالوم يروشالمي السؤال ما الذي سيحصل اذا ما توجه بنيامين نتنياهو نحو حل وسط تاريخي، عاد الى حدود 67 وقسم القدس. اردان، كما كتب يروشالمي، يقول انه في مثل هذه الحالة سيحصل نتنياهو على اسناد جماهيري، ولكن الليكود سيتفكك.  هذا القول صاخب. لو كان الحديث يدور عن مقابلة مباشرة فكان ينبغي له، برأيي ان يكون العنوان الرئيس. الصادح. جلعاد اردان، أحد الرموز اليمينية البارزة في حزب السلطة، الوزير المتميز، السياسي الكفؤ، المكان الثاني في الانتخابات التمهيدية (بعد جدعون ساعر) معارض صاخب للتجميد الاول والثاني، يعترف بانه اذا عاد نتنياهو الى خطوط 67، فسيكون الجمهور معه. ماذا يحصل هنا؟ إما أن يكون اردان قبل خرف أو أن يكون هذا هو الرأي السائد في الليكود. حسب فحص عينة هادىء اجريته هذا الاسبوع، فان الامكانية الثانية هي الصحيحة. اردان لم يخرف. اغلبية وزراء الليكود يعرفون هذه الحقيقة. واولئك الذين ينتمون الى الجناح المركزي (وربما حتى اليساري) وكذا جزء ممن ينتمون الى الجناح اليميني.  بيبي يسير نحو الضياع لا قلق. لا حاجة بعد للشروع في رزم الامتعة في يهودا والسامرة. نحن بعيدون عن ذلك. ولكن على المستوى التاريخي، الاستراتيجي، الفكري، فان ما فعله بنيامين نتنياهو حتى الان لليمين الاسرائيلي لم يسبق أن جرى ابدا. كان ايهود باراك هو الذي اقترح في حينه تقسيم البلاد، ولكنه فعل ذلك بصفته زعيم معسكر اليسار (وحطم المسيرة السلمية لسنوات طويلة). اما الان فان هذا المفهوم بات يتسلل في اعماق اليمين. وهذا أمر لا مرد له. مهما كانت النهاية، يدور الحديث عن حجر طريق لا يمكن التراجع عنه. في اعادة تعريف للخطوط الهيكلية. "فقدنا بيبي"، قال لي قبل بضعة اسابيع احد ابرز الزعماء في المناطق. قال، وعلى ما يبدو كان يعرف عما يتحدث. على هذه الخلفية، لن يسقط احد من كرسيه اذا ما سكن في الانتخابات القادمة بنيامين نتنياهو، ايهود باراك وجدعون ساعر تحت سقف واحد. المسافة الايديولوجية بينهم صحيح حتى اليوم تساوي صفر. واذا بتنا نتحدث، اذا ما تجاهلنا للحظة المواضيع الشخصية ورواسب الايغو المتعاظمة، فان قسما كبيرا من كديما تسيبي لفني، بما في ذلك لفني، يوجدون هناك. الخريطة السياسية الحقيقية في اسرائيل تختلف تماما عن كتلها القائمة في الكنيست. الايديولوجيا القديمة دحرت الى الهوامش، في اليسار وفي اليمين. الاغلبية الساحقة، المتماسكة، الحقيقية توجد في الوسط.  صحيح، قائمة يكون فيها ايضا بيبي وتسيبي، باراك وداليا ايتسيك، موفاز وساعر، هنغبي وهيرتسوغ تخلق وجع رأس شديد إن لم نقل شقيقة، ولكن يحتمل ان يكون هذا هو الوضع. وعلى هذه الخلفية يصرخ الى السماء التفويت التاريخي لنتنياهو الذي لم يشكل بعد الانتخابات حكومة الثلاثة احزاب، الليكود، كديما والعمل، على اساس تغيير طريقة الحكم وانقاذ المجتمع الاسرائيلي من تواصل التأصل والتطرف. هو لم يفعل ذلك، إذ في داخله لا يزال ليس هناك. يمكنه أن يتحدث عن ذلك مع الرئيس اوباما، والرئيس بيرس والرئيس مبارك، ولكنه على ما يبدو لا يمكنه على الاطلاق أن يفعل ذلك ايضا. مع كل الاحترام لمؤتمر الرؤساء اياه، فان الاختبار الحقيقي هو في الميدان. وهناك، نتنياهو هزيل. قد يكون بدأ يسلم بتقسيم البلاد في رأسه، ولكن جسده مغروس في المكان، مزروع وعالق في الارض. لا تقتلع غرسا، تقول له غرائزه.  قدرته على القرار تقترب من الصفر. شكه الطبيعي، تردده، جودة القوى البشرية حوله، كل هذه تقزم جدا الاحتمال في أن يقوم بيبي بفعل حقيقي. قد يكون دوره التاريخي ليس التطبيق بل الفكر. ابقاء ارئيل ها هو ما يقوله مصدر أمريكي كبير في حديث مغلق: نعم، نحن نعرف. نتنياهو رسم هذه الخطة لدى اوباما. صحيح حتى الان يتحدث هو عن 90 في المائة من الارض. وهذا حتى قبل ان تبدأ المفاوضات. لا يوجد ما يدعونا الا نرفعه الى 95 في المائة، واذا ما اضفنا الى ذلك تبادل الاراضي فان الخلاف يبقى عندها حول 1 في المائة او 2 فقط. وهذا بالتأكيد قابل للحل.  المشكلة الحقيقية ستكون مع القدس. هناك سيكون الامر صعبا. ولكن المبدأ أن يحصل الفلسطينيون على هذا الحد أو ذاك من خطوط 67 لم يعد يسقط احدا من كرسيه، ولا حتى في محيط نتنياهو. وقد سمح للرئيس اوباما بان يفهم بانه يريد الوصول الى هناك. وانه يريد صنع التاريخ. وهذا هو السبب الحقيقي للعناق الذي تلقاه بعد اللقاء الاخير مع اوباما وهذا هو السبب للصبر المبالغ فيه الذي نبديه نحن الان حياله، رغم المهزلة حول التجميد.  وها هو ما يقوله مصدر مقرب جدا من نتنياهو. حميم. ليس سياسيا. ليس مصابا بالمصالح: نعم، بيبي اجتاز الروبيكون. بشكل لا لبس فيه. وهو يعرف بان لا بديل. وهو لا يريد تسوية انتقالية. لا يريد اغلاق الحدود اولا. يريد ان يؤدي الى نهاية النزاع. فقط من أجل هذا سيكون مستعدا لان يدفع الثمن. وما هو الثمن؟ التخلي عن يهودا والسامرة، هذا هو الثمن. ولكن نتنياهو يخاف اخلاء مستوطنات. وهو يعتقد انه يجب ان يترك للمستوطنين خيار البقاء. لا مانع من ناحيته من ابقاء الاغلبية الساحقة من المستوطنات، بما في ذلك المنعزلة، في شكل جيوب. اذا كانت الترتيبات الامنية مرضية، مثلما يريد بيبي، واذا كانت ستكون قوة ناتو قوية، واذا ما ترك تواجد للجيش الاسرائيلي على نهر الاردن في المستقبل المنظور، فعندها يمكن عمل ذلك. المهمة هي ابقاء ارئيل. حتى كجيب. لا حاجة لاصبع لحمي كامل يتسلل الى العمق الفلسطيني، يكفي فقط طريق وصول. في حالة الاصابع ستكون لنا بلالين صغيرة مع خيط يؤدي اليها. المهم الا يقتلع يهود.  المصدر سُئل لماذا، اذن نتنياهو لا يغير الائتلاف. لانه يخشى، قال المصدر لانه لا يتم مثل هذا العمل في مرحلة مبكرة بهذا القدر لانه يتعذب ويتمزق ويخاف من ليبرمان ويخشى فقدان اليمين (مرة اخرى) وواثق من ان لفني ستغرس له سكينا في الظهر في لحظة الحقيقة وليس لديه الشجاعة ليوقف التحالف التاريخي مع الاصوليين (والذي وجد تعبيره في التصويت الفضائحي للائتلاف ضد "قانون التملص" هذا الاسبوع في الكنيست، وفي الجلب المتوقع الفضائحي بقدر لا يقل لـ "بواقي" الفلاشا، كي يكون ايلي يشاي راضيا). باختصار، بيبي يريد ولكنه يخاف. عندما يقرر، اذا ما قرر، سيكون هذا متأخرا اكثر مما ينبغي. مثلما هو الحال دوما. ولكن في هذه الاثناء هناك حاجة للزمن من أجل هضم ذلك. تنازل الجزء المركزي في اليمين الايديولوجي عن حل وحدة البلاد. وصول الليكود، بتأخير طفيف، الى رؤيا كلينتون. تحول بيبي الى بيلين. صحيح، في هذه الاثناء يدور الحديث فقط عن الاقوال، وهي ايضا ليست علنية تقريبا، ولكن الطريق واضح، والاتجاه محدد. المسافة بين بنيامين نتنياهو واتفاق جنيف اصغر اليوم بكثير من المسافة بينه وبين روبي ريفلين.  حالة يروحام بالمناسبة، قول اردان، الذي يشارك فيه معظم كبار رجالات الليكود، في موضوع التأييد الجماهيري المتوقع لمسار السلام التاريخي الذي سيطرحه نتنياهو، مغروس عميقا في الاستطلاعات ايضا.  نتنياهو، وهذا معروف، لا يتحرك مترا دون استطلاع. فهو يفحص كل شيء، كل الوقت ويعرف الحقيقة. فقد تفجرت في وجهه هذا الاسبوع في يروحام. كديما اجترف هناك كل الصندوق وبقوة. نصر جارف، 44 في المائة، في الجولة الاولى لميخائيل بيتون. قبل كل شيء، مرشح كفؤ، رجل المكان، قصة نجاح تدفىء القلب. الربط بينه وبين كديما فعله يوحنان بلاسنر وقد ثبت هذا كربط مظفر.  رغم أن ايفات ليبرمان جاء وعقد هناك اجتماعا كبيرا، رغم ان موطي افيسرور، مرشح الليكود غطى المدينة بمنشوراته مع بيبي، رغم كل شيء، فقد فاز كديما وهو يمشي. لفني نفسها، التي جاءت هي ايضا الى اجتماع كبير في المدينة، استقبلت بحرارة مفاجئة. الحاخام المحلي (لشاس) طلب لقاءها واثنى عليها. كما كانت ايضا حملة مثالية (مكتب ايتي بن حورين وتل الكسندروفتش)، وبالطبع مرشح مناسب، ولكن العنوان كان مسجلا على الحائط. كان يفترض بروحام أن تكون لليكود وليس لكديما.  شخصيا أيضا، وضع بيبي في الاستطلاعات المعمقة يتفاقم بانتظام. فهو في انزلاق منذ اشهر طويلة. تفوق كديما سيصبح ظاهرا ومستقرا. وفي المقياس الشخصي ايضا، للرضى عن رئيس الوزراء، يهبط نتنياهو تحت الخط الاحمر. فرضية المستطلعين على مدى السنين هي أن رئيس وزراء يهبط تحت الخط الخامس (المستطلعون مطالبون بان يرتبوا بعلامة تقدير من 1 الى 10) لن ينجح في العودة.  بيبي هبط هذا الاسبوع، حسب استطلاع هام واحد على الاقل، الى علامة 4.7. وهو يقرأ الارقام ويفهم معناها. انه السلوك السخيف، الزعامة المتقزمة، انعدام القدرة على القرار، الوقوع في أسر رجال ظلام شاس، الازمة مع الامريكيين. الجمهور لا يختلف مع نتنياهو في الاتجاه السياسي العام، ولكنه لا يصدقه. مطلوب زعيم. وعليه، يعلق نتنياهو بنفسه مرة اخرى في متاهة لا مخرج منها. بالضبط مثلما في 1999. الى أن يقرر القيام بفعل ما فانه لن يكون عندها لهذا الفعل أي منفعة. إذ بهذه الوتيرة، بعد شهر وشهرين لن يكون لكديما أي سبب يدعوه الى الانضمام الى هذه العربة العرجاء. منذ الان هذه هي الروح العامة هناك. وعن حق، كديما لن ينضم الى نتنياهو اذا لم يغير تركيبته الائتلافية. حلم بيبي "الصنوبر الكبير"، هو ائتلاف من 102 نائبا. الـ جم يع. ابراهيم صرصور رئيس المعارضة. بيبي وتسيبي وايفات وباراك واصوليون اشكناز وشرقيون ينضمون بكثافة تحت مظلة حكومة واحدة (مع 70 وزيرا، ولكن من يحصي)، ويمكنه أن يفعل ما يريد، فيقصف ايران، وفقط العرب ضده.  قانون لفين ولكن هذا حلم جبناء ولهذا فانه لن يتحقق. لا يمكن ان يوافق الجميع. مهما فعل، في النهاية سيتعين على نتنياهو أن يقرر بنفسه. في قصف ايران، في السلام (او لا) على حد سواء. من حظه أنه لا يجرب ان يقر ايضا القرار بقصف ايران في استفتاء شعبي. من أجل ماذا وصل الى منصبه؟ اين المسؤولية؟ القوة الداخلية؟  هذا، بالمناسبة، هو السبب الذي جعله يتبنى بحرارة الى قلبه قانون الاستفتاء الشعبي. نتنياهو سعيد بازالة عبء القرار عن كتفيه ووضعه  على كتفي "الشعب". فهو بالاجمال سيجلب التسوية، اما الشعب فيقرر ويصادق. ولن يكون ممكنا اتهامه. هذا سيسهل عليه جدا المسيرة، ويمكنه أن يقول للمتمردين بان في النهاية يوجد استفتاء شعبي. حياة سهلة. هو مجرد موظف، هم الذين يقررون. وبدون صلة، الثناء على النواب يريف لفين، رئيس اللجنة التي أعدت القانون، وزئيف الكين رئيس الائتلاف اللذين حققا هذا الاسبوع انتصارا لامعا مع هذا القانون في الكنيست. وبالنسبة للتأييد الكثيف من النواب الذي جند بعمل كالنمل، وكذا بالنسبة للعمل الصبور المثابر والحازم الذي قام به يريف لفين. فقد تجاوز كل المعارضات والتأخيرات والمناورات التي قام بها معارضه وقاد هذا القانون بتصميم. صحيح أن الامريكيين يرون في هذا القانون عائقا للسلام، والاوروبيون مصدومون والجامعة العربية تشجب بشدة، ولكن حسب نهج لفين فان هذا انجاز جدير بالاشادة. من اجل هذا بعث به ناخبوه الى الكنيست. لا يوجد رجل كبير مسؤول رائحة حادة من الانتخابات بدأت تصعد الى الجو في الكنيست. هذا هو السبيل. تساحي هنغبي يواصل حملته الشخصية لحكومة وحدة، ولكن دون تأثير ذي مغزى. وكذا ارنون ميلتشن، الوسيط الخالد يحاول أن يدخل في المساحة التي بين بيبي وتسيبي ولكن الطرفين غير متحمسين. في حزب العمل الوضع يتفكك منذ زمن بعيد. وكم هو الوضع عفن هناك يثبته السلوك الذي لا يصدق لشالوم سمحون الذي دحرجته المحكمة من على كل الدرج في محاولته تنحية ايفي شتانسلر من رئاسة الصندوق القومي لاسرائيل، ولكن سمحون قرر ان يتسلم الصندوق مهما يكن والحزب الان يوشك على أن يفقد الموقف الاهم هذا في صالح الاصلاحيين (؟)، كي يعتزل سمحون الحزب ويتنافس على المنصب بتكليف من الاصلاحيين. في دولة الاقزام، كما يتبين، كل شيء ممكن. في ظل كل هذا يتواصل الامر مع الادارة الامريكية في موضوع التجميد الثاني. نتنياهو يعرف بانه يجب أن يكون هناك تجميد ثانٍ، يجب أن تكون وثيقة امريكية وانه يجب عليه أن يقرها في المجلس الوزاري في كل الاحوال. اذا ما سقط هذا فهو يعني أنه لا يوجد رئيس وزراء في اسرائيل. الموضوع هو ان في هذه القضية يوجد الكثير من الاشخاص الاغبياء، ولكن لا يوجد رجل كبير السن مسؤول. ولا حتى الادارة. بل ربما العكس. هناك كثيرون في القدس، وفي واشنطن ايضا يعرفون ان بيبي تلقى بالفعل التعهدات التي عرضها على وزراء السباعية (البديل، الذي يقول ان نتنياهو كذب على السباعية، لا يمكن استيعابه). بما في ذلك نهاية التجميد الثاني (ولا يوجد آخر)، وكذا استثناء القدس. يحتمل أن يكون فهم اكثر مما ينبغي بقليل، على عادته، ويحتمل أن تكون هذه ثقافة الغمز الشهيرة خاصته، ولكن المبادىء قيلت. من تراجع عنها كان الامريكيون. الادارة الامريكية، كما يتبين، لا تدار على نحو افضل مما يدار مكتب رئيس الوزراء. هناك ايضا الفوضى تحتفل، وهناك ايضا لا يوجد عمل مرتب، اليد اليمنى لا تعرف ما تفعله اليسرى وبالعكس. يمكن ان يدفع بسهولة نتان ايشل الى منصب رئيس طاقم البيت الابيض (لو كان يعرف الانجليزية فقط)، وما كان لاحد أن يلاحظ الفرق.