كتمت نفس قلمي وحاججت عقلي واستجبت لأمنياتي وعاطفتي كفلسطيني أعشق فلسطين وتساوقت مع التفاؤلات الإعلامية بأن المصالحة باتت قاب قوسين أو أدنى وخاصة في ظل أجواء ايجابية "العشر الأوائل من ذي الحجة، موسم الوحدة والترابط(الحج)، ذكرى استشهاد القائد الرئيس أبو عمار"رحمه الله"، حملة مودة الحمساوية والتي استطاعت حماس أن تكسر الحواجز وتطرق القلوب التي تحمل مواقف وذكريات أليمة"، كلها أجواء ايجابية لخوض جولة جديدة من جولات المصالحة (لأصحاب البلد وأهل الديار) بعد رأب الصدع مع دمشق. ومع انتهاء المصافحات والتقاط الصور الإعلامية والدخول في الغرف المغلقة وفتح الملفات " فإذا بها تخفى بين صفحاتها قنابل وألغام نسفت التوقعات وحطمت الأحلام عندما طلب وفد فتح فتح الملفات التي تم الاتفاق عليها مسبقا مثل إنشاء لجنة قضائية تحسم الأمور المتعلقة بتشكيل اللجنة القانونية للانتخابات بالتوافق، وكذلك المحكمة القضائية المتعلقة بالانتخابات و اللجنة الأمنية العليا، أي ان الحوار عاد لنقطة الصفر وليس استكمالا للنقاط التي انتهت عندها الجولات السابقة فبدا البون شاسعاً بين الطرفين وكاد أن ينسف لقاء الثلاثاء كل شيء ويقلب الطاولة لولا بعض الكلمات التي نصحت استكماله في اليوم التالي الأربعاء وبالفعل تم الجلوس مرة أخرى لتفتح فتح باقي قنابلها وهو الملف الأمني التي وصفته بالخط أحمر لا يمكن تجاوزه، فرفضت اللجنة الأمنية العليا وإعادة هيكلية الأجهزة الأمنية في الضفة متحججة بأن هذا يخضع للقانون الفلسطيني ويجب أن يكون الأمن في منأى عن التجاذبات السياسية وأن هناك التزامات و اتفاقيات يجب الالتزام بها وحصرت الملف الأمني بإعادة أفراد الأجهزة الأمنية المستنكفة عن العمل في غزة حيث قال وفد فتح "نرفض فكرة المحاصصة في المؤسسة الأمنية، وأن الأجهزة الأمنية العاملة في الضفة الغربية هي أجهزة مكتملة النصاب والشرعية وانه لا يمكن إجراء إعادة هيكلة لها وأن المطلوب بحث مستقبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة كون أن الموجود في غزة هي أجهزة محدثة أي تم تشكيلها حديثاً" فردت حماس عبر وفدها "ان الأجهزة التي تم تشكيلها في غزة هي أجهزة ما بعد تحرير غزة من الاحتلال الإسرائيلي وهي الشرعية كونها شكلت على أجندة وطنية بعد زوال الاحتلال، وأن الأجهزة التي يجب إعادة تشكيلها وفق أجندة العمل الوطني الفلسطيني هي أجهزة الضفة الغربية التي شكلت في ظل الاحتلال الإسرائيلي وتعمل في ظل سيطرته واحتلاله للضفة" ولهذا قال رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنيه "إن جولة حوار المصالحة لن تستطيع أن تحل كل الخلافات المتعلقة بملف الأمن وملفات أخرى" معبرا عن عسر عملية الهضم التي تصاحب عملية الحوار وبقيت حماس متمسكة بمطالبها وهي العقيدة الأمنية وتشكيل اللجنة الأمنية العليا وتفكيك ملف الاعتقال السياسي منوهة بأنها سهلت كل الأجواء لإنجاح الحور وإنها مستعدة للتنازلات في الإداريات والهوامش السياسية والفروع وليس في الثوابت والأصول وخاصة في الملف الأمني الذي يحب أن يكون فلسطينياً خالصاً ونقياً وألا يكون تحت الوصاية الأمريكية أو الاتفاقيات الإسرائيلية ويجب نشر ثقافة العقيدة الأمنية بين صفوف رجال الأمن وبتحريم التعامل والتخابر وحتى نقل المعلومات ولو بالحد الأدنى مع الجانب الإسرائيلي هذا ما رشح لنا من مصادر قريبة جداً من جولات المصالحة التي جرت في دمشق والتي اتفق فيها المجتمعون على استمراريتها بعد إجازة عيد الأضحى المبارك دون تحديد زمان ومكان الانعقاد، ومن هنا وأمام هذه الحقائق نرى ما يلي: :1. المصالحة على مفترق طرق والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت التي لا تبشر بالخير في ظل الاعتقالات الأمنية المستمرة في الضفة ومن خلال تصريحات السيد الرئيس أبو مازن التي أعاد في خطابه أمس في ذكرى استشهاد القائد أبو عمار ما تم تجاوزه من كلمات واتهامات وغمز ولمز بحق من يفترض ان يكون شريكته في الحكم.2. المصالحة بعيدة التحقيق في الوقت المنظور ولقد أكد بعض قادة الاحتلال بأن المصالحة الفلسطينية لن تتحقق والخلافات بين حماس وفتح كبيرة، وهذا يدل على أن القيادة العسكرية الإسرائيلية عندها تفاصيل التفاصيل وأنها تملك ورق مؤثرة تستطيع إخراجها وفرضها على الطاولة متى شاءت وكيف شاءت وهنا تكمن الخطورة عندما ترهن المصالحة بالاحتلال الذي يعيش أزهى مراحله من إذكاء فتنة الانقسام وتهميش المفاوضات مع السلطة وتهويد القدس والمدن العربية داخل الخط الأخضر وحملته الشرسة على الهوية والتواجد الفلسطيني في الداخل كما قالت النائبة حنين الزعبي إسرائيل أمنت المفاوضات والتفتت إلينا نحن في الداخل "3. فتح لا تريد من المصالحة سوى شيء واحد فقط هو كيف تعيد غزة لشرعيتها وكيف تعود هي إلى غزة وفي المقابل إن حماس لن تتنازل بسهولة عن غزة ولذا فإن المعركة ستشهد في الأيام القادمة فصولاً جديدة من المناكفات السياسية سواء على مستوى التنسيق الأمني مع الجوار الإقليمي وخاصة في ظل تحركات إقليمية دبلوماسية عالية متبادلة هنا في المنطقة وهناك في أمريكيا، بجانب رفع وتيرة التصريحات الإسرائيلية النارية التي تهيئ الأجواء للقيام بشن هجوم غير مسبوق على غزة حسب زعمهم أو تنفيذ الخطة التي وضعت بمشاركة محمد دحلان حول توفير الأجواء وتقديم الدعم اللوجستي لاقتحام غزة من قبل أجهزة الضفة حتى تعود لدحلان كرامته وثقته لدى رؤسائه.4. الوطن أصبح جزء من الماضي نتحكم فيه زمر منتفعة ارتضت بالتبعية الإقليمية والأمريكية والإسرائيلية لذلك ما عادت تقدم المصلحة الوطنية على أي مصلحة شخصية أو حزبية أو عائلية فالعودة إلى الوطن ما عاد مشروعاً وطنياً ولا أولوية لدى القادة التنفيذيين وعلى الشعب الفلسطيني أن يقول كلمته وان ينتفض من جديد ، ما عاد الكيل بالمكيالين ينفع يجب أن يقال للمفرط أنت مفرط وللمتعاون أن متعاون وللعابث أنت عابث. لذلك لابد من وضع النقاط على الحروف ولابد من القيام بهذا الخطوات اليوم وليس غداً لأن غدا سيكون صعباً على الشعب الفلسطيني و ربما ينذر بهجرة ثالثة بعد 56،67م وعندها لا ينفع اللوم ولا ينفع الندم؟؟