خبر : نتنياهو في واشنطن... اختبار جديد لأوباما!! .. هاني حبيب

الأحد 07 نوفمبر 2010 09:19 م / بتوقيت القدس +2GMT
نتنياهو في واشنطن... اختبار جديد لأوباما!! .. هاني حبيب



انتهت الانتخابات الانتصافية للكونغرس الأميركي إلى ما كانت استطلاعات الرأي قد "بشّرت" به مسبقاً، إذ فقدت إدارة أوباما أغلبيتها في مجلس النواب، ومع أنها ما زالت تحتفظ بأغلبيتها في مجلس الشيوخ، إلاّ أن الفارق قد تقلص بشكل واضح، هذه الانتخابات، كأية انتخابات أميركية، كان محورها الوضع الداخلي المتعلق بالاقتصاد ومستويات البطالة والضرائب، وهو ما دفع العديد من المراقبين والمحللين إلى القول إنه ليس هناك تغيير يذكر على السياسة الخارجية الأميركية، بما فيها تلك المتعلقة بالشرق الأوسط والملف الفلسطيني – الإسرائيلي تحديداً، حتى إن هؤلاء تعجبوا من رد فعل نتنياهو، الذي رحّب "بسقوط إدارة أوباما" متوقعاً تحسناً في أدائها لصالح الكف عن الضغط على إسرائيل بشأن العملية الاستيطانية.ويعلل هؤلاء رأيهم السابق، بأن إدارتي كلينتون وكارتر، لم تتمتعا بأغلبية في الكونغرس بمجلسيه، من دون أن يؤثر ذلك على سياستها الخارجية، خاصة حيال ملفات الشرق الأوسط، علماً أن معظم الرؤساء تعدوا أغلبية حزبهم في الكونغرس في ولايتهم الأولى، وما جرى لإدارة أوباما لا يخرج عن هذا السياق، وذهب بعض هؤلاء إلى ما هو أبعد من ذلك بالإشارة إلى أن أوباما سيكون أكثر حرية في اتخاذ مواقفه بعدما انجلت الصورة، وبات غير خاضع لضغوط إسرائيل، وإذا ما تأكد أوباما من أنه لن ينجح، هو أو حزبه في التمديد لولاية ثانية، فإنه سيكون أكثر جرأة في الضغط على إسرائيل، خاصة في مجال وقف وتجميد الاستيطان، وربما الاعتراف بدولة فلسطينية في حال عرض الأمر على مجلس الأمن!! وقد يعتبر هؤلاء ما سربته وسائل الإعلام الإسرائيلية من أن البيت الأبيض سيطرح أفكاراً جديدة، ينقلها نائب الرئيس بايدن إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو أثناء زيارته المرتقبة لواشنطن بعد أيام، قد يعتبر هذا دليلاً على أن واشنطن لا تزال مستمرة في جهدها على الملف الفلسطيني – الإسرائيلي، وبسرعة ملحوظة، حتى بعد نتائج الانتخابات الانتصافية للكونغرس الأميركي.وأعتقد أن كافة هذه الآراء صحيحة، ولكن بشكل نسبي، ولا يمكن القياس عليها، لتحديد طبيعة السياسة الخارجية الأميركية بعد نتائج هذه الانتخابات، خاصة على الملف الفلسطيني - الإسرائيلي، ذلك أن السياسة الخارجية الأميركية، باتت أكثر ارتباطاً بالأوضاع الداخلية والمستوى الاقتصادي الداخلي للولايات المتحدة، وعلى سبيل المثال لا الحصر، فإن كلفة الحروب في أفغانستان وباكستان والعراق، تنسحب مباشرة على الاقتصاد الأميركي، ولعل أحد أهم أسباب تدهور هذا الاقتصاد الموروث من إدارة بوش الثاني الجمهورية، يعود إلى ما تورطت به إدارة أوباما من إرث حربي لم تتمكن من الخلاص منه خلال العامين الماضيين، بل على العكس، فإن الإدارة الديمقراطية، اندفعت لترجمة السياسة البوشية الجمهورية في كل من العراق وأفغانستان وباكستان، ولم تف بتعهداتها، خاصة فيما يتعلق بإغلاق معتقل غوانتانامو!!.ويقال إن الرئيس الأميركي، أي رئيس، إنما هو ملك متوج من الناخبين وليس بالوراثة، ويعود ذلك إلى الصلاحيات الواسعة التي بحوزته وفقاً للدستور، إلا أن هذه الصلاحيات تقيدها نصوص تتعلق بصلاحيات الكونغرس، ما يجعل الرئيس في مرات عديدة، يعقد الصفقات مع الكونغرس، ففي سبيل تسهيل تمرير برنامج، يضطر إلى تأييد مشروع برنامج آخر، يطرحه الحزب المعارض، خاصة عندما يتعلق الأمر بقانون الميزانية، وفي ظل التشكيل الجديد للكونغرس، وإعلان الحزب الجمهوري، خاصة تيار "نادي الشاي"، أنه يزمع على مراجعة كافة البرامج والقرارات التي تم تشريعها سابقاً، بهدف إعادة التصويت عليها لإلغائها، فإن أمام إدارة أوباما عدداً من التنازلات والتراجعات والصفقات، للإبقاء على ما أمكن منها، وهذا يتطلب خضوعاً لضغط الكونغرس، الذي تزايدت فيه نسبة المؤيدين لإسرائيل عما كان الأمر عليه في الكونغرس السابق، ما سيكون له انعكاس واضح على سياسة أوباما في الشرق الأوسط وعلى الملف الفلسطيني – الإسرائيلي تحديداً!.غير أن بوسع أوباما أن يناور على الخلافات بين تياري الحزب الجمهوري نفسه، بين التقليديين ونادي الشاي، فهذا الأخير له برنامج يختلف مع تطلعات التقليديين في العديد من الأمور، من بينها رغبته في تحجيم دور أجهزة الحكومة، ومعارضته زيادة الإنفاق على القوات المسلحة والاستمرار في برنامج الإعفاءات من الضرائب الذي سبق أن فرضته إدارة بوش السابقة، وكذلك تأييده إلغاء قانون الضمانات الصحية، في بعض هذه القضايا، هناك رؤية مختلفة بين التيارين، ما قد يساعد أوباما على المناورة، ولكن بصعوبة، في سبيل نقل الخلاف والمعارضة إلى التيارين، بدلاً من أن تنحصر المواجهة بينه وبين الحزب ككل.ومن أهم النواب المؤيدين لإسرائيل الذين عادوا مجدداً إلى المجلس، اريك كانتور، الذي أشار إلى أنه سيسعى إلى دراسة الميزانية مجدداً، بخصوص المساعدات الأميركية، مع تأكيده أنه سيبقي على المساعدات الأميركية لإسرائيل دون تعديل، وكذلك ايلينا روس، التي من المفترض أن تترأس أهم لجان مجلس النواب، لجنة الخارجية والأمن، والتي تعتبر ليكودية متطرفة، حتى أنه يقال إنها تصف ليبرمان بالمعتدل وربما بالمتهاون!!وفي مثل هذا الوضع المعقد، لرسم السياسة الخارجية الأميركية، وفي ظل التحولات في الخارطة الحزبية ومراكز القوى لدى مؤسسات صناعة القرار في الولايات المتحدة، أجد أنه من الصعب تحديد الوجهة التي ستتخذها هذه السياسة، خاصة فيما يتعلق بالملف الفلسطيني – الإسرائيلي، الذي بدوره يعتبر من أكثر الملفات تعقيداً وإرباكاً، ويتوجب التريث إلى حين التعرف الى الخطوات الأولى التي ستخطوها إدارة أوباما على هذا الصعيد، لكي يكون من الممكن التعاطي مع جملة من الاحتمالات دونما تجاهل لطبيعة العلاقة الاستراتيجية الحاكمة بين إسرائيل والولايات المتحدة.ومحطة الاختبار الأولى، ليست بعيدة، حين يقوم نتنياهو بزيارة الولايات المتحدة بعد أيام، حيث لن يقابل الرئيس الأميركي وإنما نائبه، هذه الزيارة بالغة الأهمية، ليس من منظار مدى تأثيرها المباشر على العملية التفاوضية، بقدر ما هي إشارة إلى ما يمكن أن تكون عليه العلاقات الأميركية – الإسرائيلية لاحقاً. وعلينا مراقبة – والحال هذه - كافة التفاصيل المتعلقة بهذه الزيارة حتى يمكن رسم صورة أولية لما يمكن أن تكون عليه طبيعة العلاقات بينهما بعد ما جرى من تغيير في الخارطة الحزبية الأميركية.وفي كل الأحوال، ودون تجاهل للعلاقات الاستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ينبغي عدم تجاهل الرؤية الجديدة التي أتى بها أوباما إلى العالم ورغبته في إحداث تغيير مهم في رؤية العالم للولايات المتحدة، مع اكتسابه خبرة مريرة في العامين الأولين من ولايته، ما يجعله أقدر على وضع هذه الرؤية، بحدود معينة، موضع التنفيذ!.