اعاد الحديث عن قرب التوقيع على اتفاق المصالحة بين حركتي حماس وفتح شيئا من التفاؤل الحذر في الشارع الفلسطيني ، ذلك لان هذا الشارع قد ذاق الامرين جراء الانقسام الذي كان بعد رفض حركة فتح نتائج الانتخابات التشريعية التي فازت بها حركة حماس والتي اجريت في العام 2006 م . ولا يختلف اثنان ولا ينتطح عنزان في ان التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني الداخلي كان احد اسباب الانقسام ، فالتدخل السافر المباشر من قبل امريكا والرباعية الدولية في فرض شروطها ورؤيتها على الاطراف الفلسطينية كان من الاسباب المباشرة للانقسام، فحركة حماس هى التي دفعت الثمن الاكبر جراء رفض شروط الرباعية ، وكذلكفإن تدخلات الدول الاقليمية وما نتج بعد ذلك على الارض من تداعيات سلبية في اكثر من اتجاه وانحياز تلك الدول لطرف على حساب الطرف الاخر ادى الى تعقيد الموقف وعدم الخروج من المازق. ولا نريد هنا ان نخوض او نتكهن باسباب اللهجة الجديدة المتفائلة عن قرب المصالحة والاستعداد لانجاحها والتغلب على الصعاب التي تعترض المصالحة بعد التصريحات المتشنجة طوال الفترة السابقة من هنا وهناك والتي تعتبر حماس عدوا مركزيا لا مجال للتفاوض معه حتى يرفع الراية البيضاء ويعتذر للشعب الفلسطيني .فإننا الان نسمع كلاما مغايرا ومبشرا على لسان اكثر من طرف من قيادات حركة فتح فالحديث يدور عن لهجة مختلفة وكلها تشير بانه تم تذليل معظم العقبات امام التوقيع ولم يبقى سوى بعض القضايا . الا اننا نترك الاجابة واستشراف اسباب هذا الانعطاف المفاجئ الذي نتمنى له الاستمرار والنجاح (رغم ان ايدينا لا زالت على قلوبنا) ونفضل الحديث عن جانب اخر في الموضوع ، فانا احب هنا ان اتحدث بلسان الشارع الفلسطيني لا بلسان السياسين ، هذا الشارع الذي صدم اكثر من مرة من فشل جولات الحوار سابقا وهو يحاول ان يتفاءل اليوم ..... ومن حقه ان يتساءل ماذا تعني المصالحة..؟ هل تعني المصالحة ان الاطراف ستلتقي هنا او هناك ثم يتم التوقيع على اتفاق معين وبعد ذلك تؤخذ الصور التذكارية ويكتفى بالمصالحة على مستوى القيادات ويكون الخروج من مازق التوقيع على ورقة التفاهمات والورقة المصرية التي كادت ان تكون معلوما من الدين بالضرورة في نظر البعض ولندخل ولمدة اربع سنوات قادمة في مازق تأويل النقاط التي تم التوقيع عليها كل حسب فهمه وطريقته ؟. وهل التوقيع جاء بنوايا مخلصة ام جاء نتيجة حتمية للمأزق الحاد الذي وقع فيه كل طرف او المازق الذي وقعت فيه المفاوضات سرها وعلانيتها وبسبب التلاعب الاسرائيلي بمواقفه تجاه المفاوض الفلسطيني حيث تم تقزيم الموقف القلسطيني الى مجرد المطالبة بتجميد الاستيطان المستفحل ولو لمدة من الزمن .. ثم دخول قضية يهودية الدولة ، والان التفرغ الاسرائيلي لفلسطينيي48 واعتبارهم اغراب، جاء ذلك لانحياز الموقف الامريكي الكامل بزعامة اوباما الى الجانب لاسرائيلي لان مصالح امريكا الداخلية تحول دون ممارسة أي ضغط على الجانب الاسرائيلي وفي كل الظروف وليذهب الفلسطينيون الى الجحيم ..ام ان الوضع الداخلي لحركة فتح والتململ اتجاه سلام فياض والذي طفا على السطح اخيرا بسبب الدعم اللا محدود الذي يلقاه فياض في خططه لمحاربة حماس وانهاء فتح جعل جانب من حركة فتح يسارع لطلب المصالحة علّها تكون في اتجاه ابراز فتح كطرف فاعل ومسيطر على زمام الامورلاغيرها..وهل ستفلح فى ذلك ؟ هذه الاسئلة التي تترد على لسان الانسان الفلسطيني ويخشى انه اذا حصل تطور ما على احد هذه الجوانب او غيرها ان يؤدي الى تعثر مساعي المصالحة مرة اخرى فالحديث الاسرائيلي وتهديده باعادة السيطرة على الضفة الغربية واعادة الحواجز كما كانت وسحب الانجازات التي قدمت للسلطة اذا تمت المصالحة مع حركة حماس،تشكل اسئلة محيرة, على حركةفتح ان تجيب عليها . ورغم ذلك لانريد ان نكون متشائمين ولكن دعنا نقول ان حركة فتح قالت "لا" للفيتو الامريكي والاعتراض الاسرائيلي والتخوف الاقليمي وهذا ما نرجوه ونتمناه فلا بد لها عندئذٍ ان تبرهن للشارع العربي والفلسطيني انها قادرة على ذلك بل وقادرة ايضا على الزام اجهزتها الامنية باي اتفاق ودحض الاشاعات التي تتحدث عن رفض الاجهزة الامنية لاي مصالحة مع حماس . ان على اطراف المصالحة ان تحرص بداية على مصالحة الشارع الفلسطيني الذي دفع اغلى الاثمان مقابل الانقسام .. هذا الانقسام الذي افسد العلاقات العائلية والنسيج الاجتماعي الفلسطيني بعاداته وتقاليده واعرافه . لا بد ان يشعر الانسان الفلسطيني المظلوم اصلا من اجرءات الاحتلال ومن قمعه ان هذه المصالحة قد اعادت له اعتباره في الامور كلها وخاصة الذين احرقت محالهم وصودرت امولهم وقطعت ارزاقهم دون أي سبب سوى انتمائهم السياسي والفصائلي ..وكذلك الذين فصلو من وظائفهم اذ ليس من العدالة ان توجد اسر بكاملها ابناؤها مفصولون بينما اسر اخرى تتقاضى رواتب وهي جالسة في بيوتها . ان المفصولين بسبب انتمائهم السياسي تلك الماساة لا ينهيها الا التكفير عنها وذلك باعادة هؤلاء وتعويضهم ورد اعتبارهم واعتبار ذويهم وذلك اضعف الايمان . او الذين تم حبسهم وايذاؤهم او الذين فقدوا احباءهم واعزاءهم او الاسرى المحررين الذين ذاقو الويلات في السجون الصهيونية ثم ذاقو ويلات الويلات في السجون الفلسطينية ودفعوا فاتورة الثأر التي لا علاقة لهم باسبابها اصلا .. ان من حق الشعب الفلسطيني ان يحاكم ويقاضي كل من اساء اليه ولا بد ان يقال من منصبه كل من له علاقة بهذه الاساءة من مسؤولين واجهزة وافراد بل يجب اقالة ومحاكمة كل من كان سببا في حصول وتعميق الانقسام ووصول الشعب الفلسطيني الى هذا الحال . ولعل انتقاء الاجهزة الامنية على اسس وطنية ومهنية بعيدة كل البعد عن أي خلاف سياسي يساهم في ذلك كله ولذلك يجب تشكيل لجان المصالحة والتي تضم كافة الاطراف السياسة واهل الخير والاصلاح والتي من مهامها دفن اثار الماضي البغيض والعمل على دفن اثار الانقسام وهذه مهمة عاجلة ومقدسة يجب ان يسارع اليها ودعمها كافة الاطراف. ان وقف الحملات الاعلامية الداخلية والتراشق الاعلامي يجب ان يكون من اولى الخطوات على طريق ايجاد الارضية المؤدية الى طريق انهاء الانقسام ،هذا التراشق الذي سمم القلوب واساء الى نضال وجهاد وقادة الشعب الفلسطيني . ان الشعب الفلسطيني يدرك ان التوقيع على اتفاق المصالحة يجب ان ينهي حقبة تفرد طرف دون اخر على مقدرات الشعب الفلسطيني والتي كانت من اسباب الانقسام وهذا يعد مقدمات الشراكة الحقيقية . ان عدم التفريط بالمؤسسات الفاعلة خاصة المؤسسة التشريعية ... واستقلالية القضاء واحترام حقوق الانسان كلها مقدمات ستؤدي الى زيادة ثقة الناس والشارع الفلسطيني والعربي لاي اتفاق قادم. ونحن يحدونا الامل في وعي قيادات شعبنا نحو تجنب كل ما يؤذي هذا الشعب والخروج به من مازق الفرقة والانقسام.