خبر : وعد بلفور ووعد المصالحة بين الدوافع والتداعيـات ..حسن حمودة

الثلاثاء 02 نوفمبر 2010 03:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
وعد بلفور ووعد المصالحة بين الدوافع والتداعيـات ..حسن حمودة



تمر علينا الذكرى ال93 لذكرى وعد بلفور المشئوم الذي أعطى وعدا بإقامة وطن قومي لليهود في تاريخ 2/11/1917 وذلك لدوافع منها دينية ومنها سياسية .الدوافع الدينية : إيمان بلفور كما جاء في كتابه " العقيدة والإنسانية " إن الله منح اليهود وعدا بالعودة إلى أرض الميعاد وأن هذه العودة شرط مسبق للعودة الثانية للمسيح , وأنها تحمل معها خلاص الإنسانية من الشرور والمحن , ويعم السلام والرخاء مدة ألف عام  تقوم بعدها نهاية العالم .الدوافع السياسية : أن بريطانيا تريد بهذه الخطوة ضمان تأييد اليهود في العالم في الحرب العالمية الأولى لا سيما اليهود في الولايات الأمريكية الذين دفعوا أمريكا بالفعل إلى دخول الحرب رسميا عام 1917 , كما برز تنافس القوى العظمى على السيادة والمصالح الإستراتيجية كعامل مؤثر في الوقت الذي كان لفرنسا علاقة مع المسيحيين الكاثوليك ولروسيا علاقة بالأرثدوكس , بريطانيا لم يكن لها بين السكان الأساسيين أي حليف وهو ما جعلها تعقد حلف مع الصهاينة ومن جهة أخرى إن موقع فلسطين جعل بريطانيا تفكر جديا في بسط نفوذها عليها بالإضافة إلى تنفيذ الوعد الذي قطعته بريطانيا لحاييم وايزمان بإنشاء وطن قومي لليهود مكافئة له على اكتشافه مادة الجلسرين المستخدمة في صناعة المتفجرات من السكر المخمر إذ رفض حينها بيع اختراعه إلا مقابل الحصول على هذا الوعد الذي تحقق له عندما أصبح أول رئيس وزراء للكيان الصهيوني , سبق كل ذلك أن اليهود وضعوا هدفا بإقامة وطن قومي لهم في فلسطين وبرز ذلك جليا في مؤتمر بازل عام 1897 م حيث طمأن هرتزل اليهود بإقامة وطن قومي لهم خلال خمسة أو خمسون عاما وعمل اليهود على تحقيق هذا الهدف واستطاعوا من خلال توظيف العلاقات والمال والتأثير السياسي أن يشكلوا ضغطا على قوى الاستعمار من أجل تحقيق هذا الهدف .إن فلسطين تم احتلالها بإرادة دولية من خلال جملة مصالح قوى الاستعمار الذي توجته بقرار 181 سنة 1947 في هيئة الأمم المتحدة القاضي بتقسيم فلسطين والاعتراف بدولة إسرائيل وكان لبريطانيا وأمريكا الدور الأعظم في استصدار هذا القرار حيث وعد اليهود ثرومان أن يكون رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية خلفا لروز فيلد مقابل دعم أمريكا في استخدام نفوذها على الدول الأعضاء للتصويت لصالح القرار . وعد المصالحة : إن الانقسام الفلسطيني له دوافع أيديولوجية ودوافع سياسية الدوافع الأيديولوجية تتمثل بصبغة وفهم الصراع هل الصراع العربي الإسرائيلي صراع ديني أو صراع سياسي .والدوافع السياسية تتمثل في تمثيل الشعب الفلسطيني من ناحية والسيطرة على سلطة وهمية للشعب الفلسطيني من ناحية أخرى ويبرز من خلال ما سبق التساؤلات التالية :أولا : هل تم تحرير فلسطين واختلفنا على شكل الحكم .الواقع يقول أن الشعب الفلسطيني إن لم يكن موحدا بكل فئاته وشرائحه وتبايناته السياسية ويوظف كل جهوده في استخدام وسائل التحرر الناجعة كوظيفة لخدمة هدف إقامة الدولة فذلك يعني ابتعادنا عن الهدف .ثانيا : لا يمكن تقديم مرحلة على أخرى ونعمد سياسة حرق المراحل .فمرحلة التحرر يتم فيها الإجهاد والتفاعل حول الوسائل والآليات التي تمكنا من الوصول إلى الحرية والتحرير والاستقلال والمرحلة التي تليها يقرر الشعب الفلسطيني كباقي شعوب الأرض شكل الحكم الذي يلائمه من خلال استفتاءه في صناديق الاقتراع والذي يعقبه وضع القانون الأساسي الذي يرسم الحدود وينظم العلاقات ويسن القوانين ويقرر الحقوق والواجبات ويبسط الشعب الفلسطيني سيادته على أرضه ومياهه وأجواءه ويتحكم في منافذه . تداعيات الانقسام : فلسطينيا : جرى فصل الوطن سياسيا بوجود حكومتين في الضفة والقطاع جغرافيا : فصلت الضفة عن القطاع قانونيا  : تم تشكيل مجلس عدل أعلى في غزة بديلا عن مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني المعمول به سابقا وحاليا في الضفة .نفسيا   : نتحدث عن غزة ورام الله كأننا نتحدث عن دولتين لكل منها أطماع في الأخرى .فتح ذلك الباب أمام مشاريع تدمير جغرافيا الدولة الفلسطينية مثل إلحاقها جنوبا أو شرقا أو غربا وهي مشاريع تصفوية وفتحت الأحداث وتداعياتها الباب واسعا للتعديات على حقوق المواطن الفلسطيني وحرياته العامة .إسرائيليا : تستثمر إسرائيل واقع الانقسام الفلسطيني في عدة اتجاهات أولها أن الشعب الفلسطيني غير جدير في بناء نظامه السياسي المستقل ( لا يستحق دولة ) وثانيا التشكيك بوحدانية التمثيل ومن الذي يمثل الشعب الفلسطيني وذلك يعني تعطيل الوصول إلى اتفاق قد يفضي إلى إقامة دولة فلسطينية أو تأجيل اتخاذ قرار دولي بهذا الاتجاه إذا ما توفرت المناخات لذلك , وفتح ذلك الباب أما اعتداءات إسرائيلية متكررة بذرائع الدفاع عن النفس أشدها الحرب على قطاع غزة والتغول الاستيطاني في الضفة .عربيا : لم يعد الجانب الرسمي العربي يعير اهتماما للوضع الفلسطيني الداخلي باستثناء الجانب المصري الذي مازال يتمسك بورقة المصالحة ويرفض التخلي عنها .وضعف الدعم العربي للقضية الفلسطينية وأغلب الأطراف العربية تجد في الانقسام ذريعة من أجل التنصل من التزاماتها السياسية والمادية اتجاه الشعب الفلسطيني دوليا : تئاكل مستوى التأييد والتضامن الدولي تجاه القضية الفلسطينية وانصرفت الدول والحركات التضامنية إلى اهتمامات بقضايا عالمية ودولية أخرى . إن وعد بلفور مهد لحدوث النكبة واحتلال فلسطين وطرد وتهجير سكانها الأصليين .وعدم الوفاء بوعد المصالحة يدخلنا في نكبة أخرى  ويقضي على ما تبقى من طموح لدى الشعب الفلسطيني .