لقد تم إذا تأجيل لقاء آخر لإتمام ملفات المصالحة الفلسطينية والتوقيع على الورقة المصرية واتفاق فلسطيني آخر كملحق لها. وقد بدا وجود رغبة حقيقية من قبل منظمة التحرير الفلسطينية ومصر بإنجاز ملف المصالحة حيث تراجعت حركة فتح ومصر عن ضرورة توقيع الورقة المصرية أولا ومن ثم الحديث عن القضايا الأخرى بالإضافة لوجود ضمانات للتنفيذ من قبل مصر والرئيس محمود عباس. وهذا بدوره لم يدع أمام حركة حماس مجالا سوى الجلوس مع ممثلي حركة فتح ومناقشة جميع القضايا الخلافية والوصول لحلول وسط بعد لقاء هام جمع وزير المخابرات المصرية عمر سليمان بخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في مكة. وحيث ان توقيع اتفاق المصالحة أصبح أقرب من أي وقت مضى، وهو ما لايصب في صالح نظام الحكم في سوريا كان لابد من تكتيك ما يعقد ملف المصالحة من جديد. وكان اللقاء في سرت ووقع الرئيس عباس ومنظمة التحرير في الشرك الذي نصبه لهم الرئيس السوري حيث عمد إلى استفزاز ممثلي المنظمة حتى يرفضوا لقاء ممثلي حركة حماس في دمشق وهذا ما حصل وكان لبشار الأسد مبتغاه. النظام السوري لا يريد مصالحة فلسطينية لأن غزة ورقة قوية جدا في معادلة الشرق الأوسط وبقائها في يده يمنحه تفوقا سياسيا وقدرة عالية على المناورة ولن يتنازلوا عن غزة بتلك السهولة، حيث أن توقيع اتفاق مصالحة سيؤدي لوجود منظمة تحرير فلسطينية موحدة وقرار فلسطيني واحد يمكن الفلسطينيين من مواجهة إسرائيل والمجتمع الدولي والطامعين بشكل أقوى وأفضل. وهكذا ضرب الأسد ضربته بكل حرفنة وضاعت فرصة المصالحة الفلسطينية مرة أخرى عن طريق سوريا. والغريب أن في القوم من يقول بأن أمريكا وإسرائيل أعطت أوامرها لحركة فتح بعدم الجلوس مع حركة حماس، وهذا كان متوقعا بل ومن حقهم الخروج بهذا التفسير وذلك لرفض حركة فتح الذهاب لدمشق، ومن هنا كان على محمود عباس وحركة فتح الذهاب لآخر العالم وليس إلى دمشق فقط من أجل إتمام ملف المصالحة الذي يؤرق العديد من الدول التي لا يهمها استمرار تمزق الموقف الفلسطيني وفي مقدمتها إسرائيل وسوريا وإيران ومن لف لفيفهم. وقعت حركة فتح مرة أخرى في فخ جديد نصب لهم في قمة سرت. وبالعودة لقمة سرت لعل مطالبة الرئيس السوري للفلسطينيين باستمرار المقاومة يثير الضحك والاشمئزاز معا. فالشعب الفلسطيني مستمر في مقاومته التي لم تتوقف يوما وإن كانت بأشكال مختلفة ومتعددة من خطف وتفجير الطائرات حتى مقاطعة منتجات المستوطنات الإسرائيلية. ولا يجوز لصاحب الجولان المحتل أن يطالب الشعب الفلسطيني المقاوم بالمقاومة في الوقت الذي يمر فيه ما يزيد على أربعة عقود على احتلال الجولان دون عملية واحدة عبر الحدود السورية، وفي الوقت الذي يتم فيه ضرب منشآت حيوية سورية بطائرات حربية إسرائيلية ويمر الطيران الحربي من فوق قصر الرئيس السوري وتغتال فيه إسرائيل عماد مغنية في قلب دمشق، ويبقى الرد السوري التاريخي جاهزا: سوف نرد في الوقت والمكان المناسبين. نعم قد يردون ولكن في غزة أو من حدودها، قد يردون في لبنان أو عبر أراض لبنانية وبأياد فلسطينية ولبنانية، فلماذا يجهد نفسه من يجد يقاوم ويحرك ويسخن الجبهات والمنطقة بالنيابة عنه. هكذا هي المعادلة إذا بقاء غزة تحت سيطرة دمشق واستعمال قوى المقاومة الفلسطينية واللبنانية لخدمة أهداف سورية ويبقى الكثير مغمض عينيه يسير كما العميان لتحقيق ذلك. بل وفي مواقع حركة حماس يسمون الرئيس محمود عباس بأنه رئيس حركة فتح بسبب انتهاء ولايته ويعطون دائما لقب الرئيس لبشار الأسد. لا بأس فهو منتخب بشكل ديمقراطي منذ عدة أيام فقط، أو ربما لأن ولايته لا تنتهي إلا بوفاته أو حتى ينتهي التيه الفلسطيني. لم يكن الفلسطينيون يوما بحاجة لوحدتهم مثلما هم اليوم، فهل يتعالون على نفوسهم ويديرون ظهورهم لمن يحاولون استغلاهم ويكون قادتهم كرجال المرحلة ويخرجون شعبهم وقضيتهم من هذا التيه نحو نيل حريته واستقلاله واستعادة أرضه وكرامته. إنشالله. عندما يطالبنا عضو مجلس البلدي القدس عن حزب ميريتس بالإسراع في ذلك ولا نفعل علينا أن حقا أن نخجل من أنفسنا.