المحادثات المباشرة رئيس رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والرئيس الفلسطيني محمود عباس تبدأ في لعبة بوكر. على الطاولة موضوع تجميد الاستيطان واللاعبان يرفعان مستوى الرهان. عباس يهدد بانه سينسحب من المفاوضات قبل ان تبدأ اذا استأنفت اسرائيل البناء في الضفة الغربية. نتنياهو يعلن بانه لن يكون تجميد اضافي والبناء سيستأنف بصيغة مضبوطة مثلما في فترة الحكومة السابقة. كلاهما يسيران حتى النهاية، وكأن: "كل زعيم يلعب مع نفسه في التصريحات ويستدعي الضغوط من مؤيديه السياسيين، كي يحرق لنفسه طريق الانسحاب. من يتردد ويتنازل أولا سيظهر كخرقة بالية في نظر جمهوره الداخلي. ولكن في اللعبة الفلسطينية – الاسرائيلية، خلافا للعبة البوكر العادية، يوجد هنا ايضا قاض يملي النتيجة، وهو الرئيس الامريكي براك اوباما. في نهاية الاسبوع الماضي دعا اوباما نتنياهو ان يواصل التجميد، الذي برأيه نجح اكثر من المتوقع. ولكن اوباما مقيد الان في قدرته على الضغط على رئيس الوزراء وذلك ايضا بسبب الانتخابات المقتربة والمهددة للكونغرس، وكذا بسبب السلوك الطيب لنتنياهو، الذي يكثر من احاديث السلام ويمتنع عن الاستفزازات الاشكالية. لقد نجحت اسرائيل في اقناع الامريكيين بان التجميد فرض بنية طيبة، دون احابيل والاعيب. للاعبين اوراق ضعيفة. عباس لا يمكنه ان يحرج اوباما وان يهرب من المحادثات، ونتنياهو لا يخاطر حقا بفقدان حكمه اذا ما مدد التجميد. في هذه الظروف، يمكن ايجاد حل وسط يمنع انهيار المفاوضات – العزيزة على قلب اوباما ويمنع ايضا تغطية الضفة بالاف وحدات السكن الجديدة. وعليه، فان السؤال الحقيقي ليس "ماذا سيحصل في نهاية التجميد" بل ما هو الثمن الذي سيحصل عليه نتنياهو وعباس مقابل التنازل عن موقفهما الاصليين. نتنياهو، الذي تراجع اولا وألمح برغبته في حل وسط، يريد بحثا عن مطلبه الاعتراف باسرائيل كدولة الشعب اليهودي (الرفض الفلسطيني سيعرض عباس كرافض للسلام) ومستعد لبادرات طيبة على الارض. عباس غير مستعد لان يسمع عن الدولة اليهودية ويريد أن يبدأ البحث في الحدود، في المكان الاصعب لنتنياهو (كي يجبره على ان يعطيه أكثر مما اقترحه اولمرت، او ان يقترح أقل وعندها يظهر كرافض). صيغة الحل الوسط يجب أن تتضمن، إذن، جملة من الخطوات على الارض والاتفاقات على جدول اعمال المحادثات، تدمج المسائل العملية والمتعلقة بالروايتين – الى جانب وعد اسرائيلي بعدم العربدة في البناء، تفرضه الولايات المتحدة. ولعل اوباما ببساطة سيطلب تمديدا من نتنياهو ويمنحه مقابلا أمنيا في القناة الايرانية، يسمح لرئيس الوزراء باقناع رفاقه في الحزب وفي الائتلاف بان يوافقوا على بعض التجميد الاضافي.