خبر : غزة والروايات المهتزة - الجزء الثاني -..معين شلولة

الجمعة 10 سبتمبر 2010 10:31 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غزة والروايات المهتزة - الجزء الثاني -..معين شلولة



هنا في غزة لا نزال نبحث عما هي تلك التي أثقلت روحنا بمعناها اللغوي البحت ؛ فالغزة من الغَزّْ ؛ لكن ما يحفل به معناها الاصطلاحي الواقعي أمرُّ على الروحِ من الغز والهزِّ معا ؛ يصادف موعدي مع الجزء الثاني من هذا المقال ؛ تناقضاتِ الساحة الفلسطينية واهتزازاتها التي لم تعد تخفى على أحد ؛ بعد قرار الرئيس الفلسطيني الولوج لتجربة المفاوضات القاسية ؛ وعيدَ الفطر متقاطعا مع ما نحن فيه من سوء ؛ والطبل والزمر والذم بين المِلَلِ والنِّحَل المنقسمة حتى على نفسها ؛ أرقب من نافذة البيت المتواضع أسرابَ الحركة البشرية بوسائلها عبر خط صلاح الدين ؛ لو لم أك من هذا الجنس البشري لاجتهدت كي اعرف ما هو !! تبدو الناس هنا مُسَيَّرَةً لا مخيرة حتى في طريقة مشيها ؛ ورغم أنه من الصعوبة بمكان رصد سيكلوجيا سائق سيارة ؛ فإن المركبات هنا تبدو تتطوح على الطرق ؛ ويركبها أناس عصابيون عصبيون ؛ شاهدت كغيري في غزة أناسا على مقربة من العيد ؛ لديهم في مواجهته دموعهم وقدرتهم على العبس والتولي ؛ هنا مثلا في مدينة خان يونس حيث تتداخلُ أسرابُ البشر من مختلف الطبقات والمستويات ؛ وتبدو للكاميرا صورةً مكتملةً لسوقٍ نشطة ؛ تعثرُ العين على دموع غيرها في غيرها ؛ فالكثير من المحرومين ظلوا يقيسون أرضية السوق جيئةً وذهابا دون أن تربطهم أيُّ علاقةٍ تجاربةٍ مع السلع ؛ إن الصورةَ من داخلها تصطدم تماما مع خارجها ؛ ولذا فإن الخروجَ من هُنا بلغةٍ دقيقة أمينة ؛ يحتاج إلى دخولٍ أمينٍ في المشهد ؛ أما الشرطةُ المحليةُ فقد حملت العصيَّ لتحسنَ قيادةَ القطعان من العوام كما تبدو الصورة في ذهن من يحملونها ؛ وبين هؤلاء وهؤلاء ظلت القدرةُ على الفرح تكاد تكون خيالا أو محالا . يتحدث البعض عن معاناة الإنفاق خلال رمضان ؛ وكيف أنها ستصل ذروتها في العيد ؛ حيث يذهب لأخته أو أمه أو عمته أو خالته ؛ ليجد عندها رتلا من الأنثيات لم يتوقعه ؛ وبالتالي لا بد من إغلاق أيديهن على مبالغ لم تك في الحسبة ؛ ويتحدث آخرون عن أن إدارتنا لتلك المناسبة الدينية الطيبة ؛ هي قصص فارغة لا علاقة لها بأصل المناسبة الديني ؛ فالعيدية بدعة وكل بدعة ضلالة ؛ وكل ضلالة في النار ؛ والنار هنا نار الفقر يا سادتي في الدنيا بالإضافة لنار الآخرة ؛ لا توجد امرأة في غزة ؛ عندها استعداد أن ترى في يد شقيقها الذي جاء ليسلم عليها يوم العيد ؛ يدا بيضاء من غير سوء ودافئة من غير نقود أو هدية ؛ كما لا يوجد رجل واحد مقتنع بإنفاق ألفي شيكل إن لم يك أكثر على نساء آل البيت ؛ كعيديات متناثرة بين الوجوب والمجاملة والتناثر والمفاجأة ؛ وبين الرجل والمرأة الغزيين ؛ ظلت معادلة الشد والرخي والتوكل على الله والتضرع له قائمة ؛ الرجل يسأل السماء ألا يفاجأ بصف من بنات أخواته أو أنثيات أخريات ؛ والأنثيات الأخريات يتضرعن إلى الله أن يكثر حجم الحمولة ورجالها القادمين من الفضاء ؛ يحملون معهم نقودا ملمسها غير ؛ أما الله فهو الحكم والحكيم والحاكم ؛ سبحانه يجيب عمن يراه الأحق بالحق . قادتنا يا سادتي مشغولون عنا بما هو أهم من ذلك ؛ لا أدري لماذا على هرم ماسلو الحياتي ؛ تساوت الأنظمة السياسية والإقتصادية والإجتماعية ؛ وعلى هرم غزة ورام الله لا متسع إلا للسياسية منها فقط ؛ منذ ما قبل العشر الأواخر في رمضان ؛ تعاقبت على هواتف الصحفيين الخلوية ؛ عشرات الرسائل التي تتضمن النشاط السياسي المنتظر يوم العيد ؛ فيما لم تتحدث رسالة واحدة من بين تلك المسجات عن أي نشاط اجتماعي او اقتصادي وما يمكن أن يكون له من آثار نفسية مهمة في سياق العيد ؛ حديث مثل هذا لن نجده إلا في أدراج ودواليب الجمعيات غير الحكومية ؛ التي تأتي من الخارج بفواتير كبيرة ؛ فتلهف منها ما تلهف وتحت بند العاملين عليها تأكل وتشرب منها مطمئنة ؛ وما زاد عن حاجتنا فهو لغيرنا ؛ ومن هنا أصرخ ببساطة ؛ عاشت الناس .. عاش السواد الاعظم .. عاش العوام .. عاش الجوييم ؛ فهم مواد خام لاستقدام الطاقات المالية من التبرعات والدعم والبروبوزلات المقنعة للممول الطيووووووب الأمييييييير . قادتنا يا سادتي مشغولون بالحفريات وعوامل التعرية الخارجية والداخلية ؛ وتحقيق الأرقام القياسية في موسوعة خالنا قينس ؛ بين حبة قطايف بلغت خمسين كيلو جرام ببيت لحم برعاية رسمية مثلا ؛ وبين شاب من شمال غزة ختم القرآن خمسمئة مرة كما قالوا قبل أن يمضي من الشهر الفضيل عشرون يوما ههههههههههه- أي والله لو إنه آلة قارئة مش آلة كاتبة ما خلصهن – قادتنا يا سادتي مشغولون عنكم بما هو أهم منكم ؛ ألا وهي قضاياكم وتحديدا السياسية ؛ الجماعة هنا اصفرت وجوهها وطالت لحاها تحت وطأة الحصار ؛ فيما الجماعة هناك أصابتهم حدة احتجاج اليسار الفلسطيني وعدم حضوره لاجتماع تنفيذية المنظمة بحيرة ؛ وبمزيد خوف من الانقسام ؛ القادة مشغولون عنكم بكم يا سادتي ؛ فيا لها من مفارقة ويا لها من طريقة فلسطينية خالصة الرسم والإختلاف عن الأمم الأخرى في قيادة رعاياها ؛ لا يوجد في التاريخ القديم ولا الحديث إهمال للناس ؛ كما هو اليوم في الإلياذة الفلسطينية الراهنة ؛ على مستوى النظرية يتحدثون عن المصالح العليا للناس الفلسطينيين ؛ وعلى مستوى التطبيق لا يعبؤون بالملامح السفلى للمساكين من الناس ؛ غائبة هي الرؤية الإجتماعية عن هؤلاء وهؤلاء ؛ وغائبة هي الأمور التي توازي عند الله عز وجل قبل البشر ؛ ما هو أهم من السياسة ؛ وأذكر أن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ؛ لما لحق به صحابي لم يك لوالديه غيره نهره قائلا له " إرجع وفيهما فجاهد " ؛ دلالة اجتماعية لا تخفى على أحد ؛ وعيب عليّ أن أشرحها لمن يستطيع أن يهجي الحروف ؛ تشتكي الناس هنا منذ فترات طويلة من كل شيء ؛ وما من شيء تغير بل إن الغل على الناس هو الذي يتغير ؛ ولولا خوفي الصريح الظاهر لا الباطن مما يمكن أن يمسني من ضر لقلت ما هو أكثر . أعجبني كاتب سياسي قبل فترة عندما قال مادامت عصا الجماهير غائبة عن ظهور القادة ومؤخراتهم ؛ فلن يتحركوا للأمام خطوة ؛ إلا أن الانتقال من النظرية إلى التطبيق صعب يا حبيبي ؛ الجماهير ماتت منذ فترة قد لا نختلف على بدايتها ؛ بقدر ما نتفق على ألا نهاية لها ؛ كانت الناس فيها روح ذات يوم عندما هبت مثلا بأحداث النفق في أواخر التسعينات ؛ وعندما انتفضت للأقصى ودخلة شارون الاستفزازية لباحاته ؛ لكن قادتنا قضوا على الناس تماما ؛ بالجزمة بقطع الراتب بالطخ بالجلد بالتحذير بالاعتقال بالموت المجاني ؛ لماذا ماتت الناس في غزة ولا تزال تتحرك أطرافها ؟؟ لماذا لم تعد الناس قادرة على قول كلمة لا ؟؟ ولماذا انطحنت الإرادة إلى الحد الذي صار كل واحد منا يحتاج لمعالج نفسي على حده ؟؟ كل واحد فينا يا سادتي له قصة مغايرة إزاء موته .. وبالتالي فإن الحياة لن تعود بسهولة إلا على يد الله وهو المحيي المميت ؛ مات الناس هنا وهناك !! ولا يعتقد عاقل أن ساعة البعث قريبة .. وربما يتشابه بعث الفلسطيني مع بعث العراق فتكبر القصة هههههههه . في النهاية أراني سلبيا أكثر من كوني إيجابيا ؛ فكل ما قلته وما أقوله يدور في نطاق السخرية ؛ وهي مقام أقل وأكثر انحطاطا من التشخيص وتكراره على غير فائدة ؛ ماذا أفعل إن لم أك أستطيع التفريق بين قلبي وعقلي حين ألج سم الخياط في غزة ؟؟ إن الحل يكمن في البحث عن الصادقين ... هههههههه غريب هذا الحل / لكنني أصر على اقتراحه على نفسي وأنفسكم سادتي .. وحده الصدق من الممكن أن يحدث التغيير ؛ فما بني على كذب سيحل بالكذب ؛ يوجد في حماس وفتح واليسار " هبل " جمع أهبل ؛ يعني طيبين ؛ وهم دون غيرهم من المستفيدين والنفقيين – نسبة للأنفاق – واليوأسإيديين / يستطيعون الزج بالوضع إلى حال أحسن ؛ البحث عن الصادقين جيد ؛ ففيه ماء يروي العطشى وفيه وضوح ؛ لا أعرف قد أكون أنا الآخر " أهجص " وتحديدا في الحديث عن الحل / لكن ماذا أفعل وماذا أقول ؛ أنا مثل غيري طامح للخروج والدخول والحركة بعيدا عما نحن فيه ؛ ولكن لست ادري ما العمل ؛ قالت لي خالتي يوما عندما استشرتها في أمر حيرها رغم خبرتها في الحياة وعمق تجربتها قالت لي بصوت جهوري " حط على راسك سكن " ؛ لكنني اكتشفت أن حط السكن على الرأس يزيده اسودادا دون أن يساهم في تنظيفه ؟؟ فيا ترى ماذا نحط على رؤوسنا وفيها ؟؟ ويا ترى هل كلها صالح للحط ؟؟ أم أن بعضها أينع وحان موعد قطفه ؟؟ الرؤوس يا سادتي إنها الرؤوس ؛ الرؤوس التي حجلت على التروس أي نحن . روح هذا المقال : مطلوب من الجميع بلا استثناء التساؤل بجدية وحدة / هل تعجز الولايات المتحدة الامريكية عن منع حرق كتاب الله في أراضيها على يد هذا المأفون جونز ؟؟ حسبنا الله ونعم الوكيل .