مع ألأعلان عن أستئناف المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين وألأسرائيليين فى واشنطن بلقاءات قمة تجمع الرئيس عباس ونيتينياهو الى جانب الرئيس محمد حسنى مبارك والملك عبدالله الثانى وممثل اللجنة الرباعية مع الرئيس ألأمريكى أوباما كمؤشر على الرغبة فى أنتهاز هذه الفرصة ، وأعطاء قوة دفع ذاتيه للمفاوضات أن تنطلق وتأخذ مسارها الطبيعى لعل وعسى أن تصل الى محطة الدولة الفلسطينية بعد عام من أستئنافها ، تبقى هناك العديد من التحديات والعقبات التى قد تحول دون ذلك ، من ذلك دور حركة حماس وموقفها وكيفية التعامل معها فى أطار هذه ألأستراتيجية التفاوضية الشامله ، فالقاعده الرئيسة هنا أنه قد يكون من الصعب تحقيق تقدم فى التسوية فى جانبها الفلسطينى ألأسرائيلى دون مشاركة حركة حماس ، وعلى المستوى ألأقليمى لا يمكن تصور نجاح هذه المفاوضات دون محادثات سلام على الجانب ألسورى ألأسرائيلى ، ولا جدال فى أهمية المسار السورى وتحقيق تقدم فيه ، لما لسوريا من دور مؤثر على القوى الفاعلة الجديده وخصوصا حماس ، وتحكمها الى حد كبير فى خيار السلام من عدمه ، وفى الوقت ذاته هناك التحدى ألأكبر من جانب أسرائيل فى ظل حكومة يمينية متشدده يشارك فيها حزب بيتنا بقيادة ليبرمان وموقفها من أستمرار ألأستيطان الذى قد ينسف اى مفاوضات حتى بعد أستئنافها ، ولا ننسى أحتمالات العنف وتجدده ، وعليه بدون رؤية أستراتيجية شامله من قبل الراعى الرئيس الولايات المتحده لكل القضايا ألأقليمية وموقع القضية الفلسطينية منها ، قد يصعب التنبؤ بعملية تفاوضية ناجحه هذه المرة . ومنذ البداية تتوقف هذه العملية على الدور ألأمريكى ودور ألأطراف ألأخرى الداعمه لعملية سلام ومفاوضات بين الفلسطينيين وألأسرائيليين ، فلا ينبغى حصر هذا الدور فى المسائل الشكلية وألأجرائية ، بل لابد من تدخل قوى وفاعل ومتوازن ، واضعة نصب أعينها أولا أنهاء ألأحتلال ألأسرائيلى والعمل سريعا لقيام الدولة الفلسطينية ، التى قد يشكل قيامها الضمانه الحقيقية لأستمرار المفاوضات وقدرتها على مواجهة كل العقبات التى قد تعترض مسيرتها . وفى ظل المعطيات القائمه والتطورات ألأقليمية التى تشهدها المنطقة يمكن القول أن هناك فرصة تلوح فى سماء المنطقة ، وهذه المرة قد تكون الفرصة ألأخيرة لجميع ألأطراف وخصوصا أسرائيل ، لكن هذه المرة هى فرصة السلام ألأخيرة للجميع ، والتى إن لم تتحقق فسيكون البديل خيار الحرب والعنف والتشدد والتطرف والذى قد يأخذ المنطقة بأسرها ، ومصالح الولايات المتحده والدول ألأخرى الى الخطر الحقيقى ، وسيكون من الصعب على الجميع الخروج منها قبل حقبة زمنية طويله ، ولا أحد يمكنه التنبؤ بتداعياتها وتآثيراتها على مستقبل دول وأنظمة حكم قائمه.فالمفاوضات تأتى هذه المرة فى ظل تحولات فى موازين القوى التى تحكم علاقات المنطقة بغيرها من الدول ، والتى تحكم أيضا المصالح ألأستراتيجية للولايات المتحده فى المنطقة ، وتأتى أيضا فى ظل بروز فواعل أقليمية جديده لا يمكن تجاهل دورها كحركة حماس وحزب الله . والذى قد يبعث على قدر بسيط من التفاؤل أن هناك فرصة للسلام مع القياده الفلسطينية التى يمثلها الرئيس عباس والذى يجعل من خيار المفاوضات خياره الرئيس ، وصحيح أن حالة ألألنقسام السياسى الفلسطينى ستلقى بظلالها على الموقف الفلسطينى لكنها لا تمنع من الذهاب الى المفاوضات ، والفرصة ألأخرى ألأدارة ألأمريكية الجديده وعزم الرئيس اوباما حتى ألأن على قيام الدولة الفلسطينية وألأقتراب من تسوية القضية الفلسطينية ، ولا شك ا ن هناك موقفا عربيا داعما ، وخصوصا إذا ما دخلت سوريا فى عملية تفاوض حقيقية ، لكن يبقى مستقبل هذه العملية التفاوضية مرهون بإسرائيل وخياراتها فى ظل حكومة يمينية يترأسها نيتينياهو وأئتلافه الداعم والمتبنى للأستيطان فى ألأراضى الفلسطينية ولو على حساب أى تسوية سياسية مع الفلسطينيين , وأصرار أسرائيل التمسك بالمبررات ألأمنية ، وتمسكها بمفاهيم تقليدية تحكمها رؤية أيدولوجية متعصبه ، وتلويحها بخيار الحرب فى معالجة الملف النووى ألأيرانى ، والتخوف من ذهاب الحكومة ألأسرائيلية فى حال وجدت نفسها فى مأزق المفاوضات والسلام أن تذهب لخيار ألأنتخابات المبكرة حتى تعيد مسيرة التفاوض من حيث بدات ، وهنا يأتى الدور ألأمريكى ، وتوظيف علاقاتها ألأسترايجية مع أسرائيل للضغط الفاعل دون هذه الخيارات ، وهنا قد يبدو الأعلان ألأمريكى أن أيران لن تملك القدرة على تصنيع القوة النووية قبل عام من ألأن ، وإذا ما ربطنا بين تحديد عام لأمكانية الوصول الى أعلان أتفاق بقيام الدولة الفلسطينية وهذا التصريح يمكن القول أن هناك فرصة للسلام . لقد أعتادت أسرائيل ومعها الولايات المتحده اتهام الفلسطينيون بأنهم قد أضاعوا فرصا كثيرة للسلام وخصوصا فى عهد الرئيس ألأمريكى كلينتون ، وأنهم يجيدون فن أضاعة الفرص الحقيقية للسلام فى وقتها المناسب ، وهناك من يذكر حتى بأتفاقات ميناهاوس والتى وقتها لم تكن هناك مستوطنات أسرائيلية على ألأراضى الفلسطينية ، وحتى مع التسليم مع وجهة النظر هذه ، لكن ما يتم تجاهله حتى لو وافق الفلسطينيون كانت أسرائيل سترفض ذلك لقناعتها أنها لم تصل ال السلام الذى تريده والذى يقوم على توسيع ألأرض التى تحتلها ، وتقلص من أى أمكانية لقيام الدولة الفلسطينية الكاملة . وهذه المرة الفرصة ألأخيرة هى لأسرائيل دون غيرها ، دول عربيه مستعده للدخول فى علاقات كامله معها وفقا للمبادرة العربية التى أعطت أسرائيل أكثر مما قد حصلت عليه فى كل حروبها مع الدول العربية ، وقياده فلسطينية مستعده لأى أتفاق مقبول ومعقول ومتوازن قد يفضى بقيام الدولة الفلسطينية ، وعلى أستعدا د لأخذ أعتبارات أسرائيل ألأمنية ، ووضعا دوليا مؤيدا لها من ناحية ، ومعارضا وغير محتمل لبقاء أسرائيل كسلطة أحتلال ، وألأستمرا فى بناء ألأستيطان ، والتمسك بمعايير ألأمن التى يمكن التغلب عليها من خلال أى أتفاق سلام يقترب من الحقوق الفلسطينية ، وعليه أسرائيل باتت من وجهة النظر هذه عبئا أستراتيجيا على مصالح العديد من الدول الكبرى التى لها مصالح مباشرة فى المنطقة ، وأيضا عدم أنتهاز هذه الفرصة ان تفتح كل أبواب المنطقة امام خيار حرب شامله هى الخاسر ألأكبر منها . وعليه فلم تعد هذه هى فرصة السلام ألأخيرة للفلسطينيين بل قد تكون فرصة السلام ألأخيرة لأسرائيل ، ومعها الولايات المتحده التى لها مصلحة مباشرة فى تسوية هذا الصراع وقيام الدولة الفلسطينية ، والتى بات قيامها مصلحة للجميع بما فيهم أسرائيل . هذه الفرصة ألأخيرة لتتحول الى حقيقة واقعة تحتاج الى رؤية سياسية شامله لكل قضايا المنطقة والى دور أمريكى قوى وفاعل . وأخيرا إما خيار السلام وإما خيار الحرب .ولا خيار وسط بينهما ، وخيار الحرب وسط موازين القوى الجديده ، وتنامى دور الفواعل الأقليمية الجديده وتنامى قدراتها على المقاومة والرفض ، يكشف لنا من بعيد كيف ستكون صورة الحرب الجديده ، وهذه المرة لن يكون خيار الحرب الذى تقرره أسرائيل ، والتى قد تملك قرار بدءه ، لكنها لن تملك خيار أنتهائه ووقفه فى كل الأحتمالات ، ومن يملك خيار بدء الحرب ولا يملك خيار وقفها هو الذى سيدفع ثمن هذا الخيار ، وهذه فى الفرصة ألأخيرة لأسرائيل وليس للفلسطينيين فقط. دكتور ناجى صادق شراب |أكاديمى وكاتب عربى drnagish@gmail.com