خبر : مقاربة جديدة.. مؤمن بسيسو

الثلاثاء 07 سبتمبر 2010 05:33 م / بتوقيت القدس +2GMT
مقاربة جديدة.. مؤمن بسيسو



تؤشر العمليات البطولية الأخيرة في الضفة الغربية إلى منهجية عمل جديدة في إطار تعاطي حركة حماس مع الواقع الفلسطيني الراهن. صحيح أن المقاومة تشكل قلب المشروع الوطني الذي تحمله الحركة إلا أن نتاجها وترجماتها دخلت في مرحلة جمود عملي منذ عدة سنوات. لا يمكن التذرع بحجم الهجمة المسعورة التي يشنها الاحتلال وسلطة رام الله ضد الحركة وبناها التنظيمية وخلاياها العسكرية فحسب، بل إن المفاعيل الذاتية –أيضا- لعبت دورها وتمخضت عن عمل مقاوم محسوب ذو وتيرة منخفضة يتواءم مع طبيعة البيئة السياسية التي أفرزتها نتائج الانتخابات التشريعية مطلع عام 2006، وصعوبة إحداث التوازن بين مساري: الحكم والمقاومة بذات القدر رغم المحاولات الجادة لتوليف مقاربة محددة في هذا السياق. اليوم، تحمل المرحلة رؤية جديدة وأفقا منبسطا لجهة إعادة الاعتبار للمقاومة ومنحها موقعها الاستراتيجي اللائق الذي تستحق في إطار مشروعنا التحرري في ظل التحديات الخطيرة التي تعصف بفلسطين، الوطن والأرض والإنسان والقضية. قد تكون عودة المقاومة إلى صدارة الأحداث وقمة تقرير المصير الوطني الفلسطيني متأخرة نسبيا بعد الأعوام العجاف الأخيرة، إلا أن الاستدراك الراهن كفيل بتصويب الخلل وتصحيح المسار وإعادة بوصلة الصراع والمواجهة مع الاحتلال إلى وجهتها الحقيقية. المهمة لا شك ثقيلة للغاية، وستجبي ثمنا باهظا وتكاليف عالية، فالضفة مكشوفة تماما لبطش الاحتلال، فيما التنسيق الأمني –باعتراف الطرفين: الفلسطيني والإسرائيلي- يبلغ أعلى مستوياته منذ توقيع اتفاقات أوسلو، ولا تبدو غزة مع كل ذلك، وتحت ذرائع شتى، بمأمن عن غدر وإرهاب العدو، ما يعني أن حماس حين تقرر المزاوجة الحقّة بين الحكم والمقاومة، وتصرّ على خوض غمارها حتى النهاية، عليها أن تتوقع الأسوأ، وأن تتهيأ لمرحلة جديدة ذات سمات وقواعد جديدة. ليس هناك أمام حماس من خيار آخر، فالاستمرار في دفع فاتورة الحكم من الرصيد الشعبي جراء استمرار الحصار لا يمكن أن يستمر طويلا، فقد أضحت الحاجة بالغة المساس والإلحاح أمام مقاربة جديدة تنفض عن الوضع الفلسطيني أدران الحكم وملوثاته، وتعيد برمجة المعادلة الراهنة باتجاه تعزيز حالة مقاومة فاعلة قادرة على التصدي لمخططات وإجراءات الاحتلال. لا دعوة إلى ترك الحكم بالكلية، ولا دعوة أيضا إلى حالة مقاومة مفتوحة على إطلاقها، فنحن بحاجة إلى مزاوجة راشدة بين المسارين، تنضبط لاتجاهات المصلحة الوطنية، وتملك القدرة على التضحية –أحيانا- بمواقع ومناصب رسمية بل وإعادة هيكلة السلطة الحاكمة في سبيل تكريس معادلة فلسطينية نموذجية تدفع مشروع التحرر الوطني إلى الأمام، وتمدّ القضية الفلسطينية بإكسير الحياة عقب ارتكاسات المرحلة الماضية وتراجعاتها المعروفة. في سياقات العمل المقاوم المنشود نحتاج إلى مقاومة راشدة ذات عينين، تعرف حدودها ونطاق عملها، وتلامس من وسائل التنفيذ ما يتفق مع الحكمة والواقع، وتتوسل بالتخطيط الدقيق والتنظيم الواضح والتنفيذ المتقن لإنجاح وإعلاء مشروعها الذي يبدو اليوم الملاذ الأخير الذي يمكن استدعاؤه بقوة في وجه مخططات التصفية والتذويب والاستباحة للوطن وقضيته العادلة. لا مجال أمام مزيد من الانتظار، فالمقاومة تمثل مشروع حياة، وقد أحيت عملياتها الأخيرة الأمل في نفوس الملايين من أبناء شعبنا وأمتنا. وكل عام وأنتم بخير