خبر : المفاوضات الفلسطينية الاسرائيليه - أزمة سلوك أم أزمة قرار ..د. ناجي صادق شراب

الأحد 05 سبتمبر 2010 01:50 ص / بتوقيت القدس +2GMT
المفاوضات الفلسطينية الاسرائيليه - أزمة سلوك أم أزمة قرار ..د. ناجي صادق شراب



يكشف الخلل الجسيم في المفاوضات وانحرافها عن أطرها الشرعية تباعد  مواقف وادراكات الأطراف المتفاوضة عن بديل المفاوضات كأداة لتسوية النزاع العربي الإسرائيلي , مما يعني استمرار هذا النزاع بكل تداعياته ، وبكل ما يؤدي إليه من ثورات شعبية عارمة وعودة الانتفاضة الفلسطينية في ظل معطيات وظروف تجعل منها أكثر زخما وقوة .ومن هنا فان الاختلال في المفاوضات يعزي إلى أزمة إدراك أو سلوك سياسي متقلب .وأعود بذاكرتي واسترجع ما كتبه أستاذنا الفاضل الدكتور حامد ربيع رحمه الله ( وهو عالم سياسي مصري صاحب عقلية موسوعية ) ، وأقارن بين رؤيته التحليلية الثاقبة عن خوف إسرائيل من السلام ومفهوم السلام العادل والشامل من المنظور العربي ، وبين ما تقوم به إسرائيل من بناء المستوطنات في جبل أبو غنيم وبقية الأرض الفلسطينية ، إضافة إلى مصادرات الأراضي ، وهدم المنازل  والتفاف على السلام بإلصاق تهم العنف والإرهاب .لقد اعتقدنا خطأ أننا بمجرد الإعلان عن قبولنا واعترافنا بإسرائيل وحقها في الوجود وبإعلاننا الالتزام  الصريح بالمفاوضات كأداة لتسوية الصراع واسترجاع الحقوق وبثبات صدق نوايانا بالسلام كخيار استراتيجي خوفا من الاتهام بأننا شعوب غير محبه للسلام ، اعتقدنا خطأ اننا بمجرد أن نمنح إسرائيل  السلام الذي طالما حلمت به والذي عجزت ترساناتها العسكرية وتفوقها النوعي عن تحقيقه ، نكون قد اخترقنا جدار الإدراك الإسرائيلي وانتزعنا منه كل الصور المشوهة عن الإنسان العربي والفلسطيني ( وهنا لابد من طرح السؤال التالي : هل ما يحدث الآن سببه قصور في إدراك وفهم العقل العربي للعقلية الصهيونية  والسلوك السياسي الإسرائيلي وعدم فهم حقيقي لما تريده إسرائيل من السلام ؟ وهل كانت النتيجة أننا أعطينا دون أن نأخذ ، وأثبتنا المرة تلو المرة صدق نوايانا واعتدالنا في ردود  أفعالنا وتسامحنا عبر القرارات التي تتخذها ؟ وأعترف وأقول أن إسرائيل لم تغير من إدراكها ولم تتحول عن محرماتها وادعاءاتها ونظرياتها على الأرض والأمن والسلام . الذي تحدده بعناصره الثلاثة : التحكم في المنطقة وأزمة الشرعية والقبول والتفوق والهيمنة على مقدرات المنطقة . لقد نجحت في الأولى والثانية ولكي تنجح من تحقيق العنصر الثالث كان المطلوب ان تفرض السلام بمفهومها ضمانا لبقائها وقوتها وتفوقها ، ولذلك باتت تطلب من العرب ليس فقط الاعتراف بالأمر الواقع ، ولكن قبول السلام الإسرائيلي بدون حدود أو حواجز أو موانع أو أية شروط .  ولعل هذا يفسر لنا الأزمة في المواقف والادراكات والتصورات . والأخطر كيف يمكن تجاوزها في الوقت الذي فشل فيه السلام من تجاوز الإدراك الصهيوني للسلام ؟المأزق الذي تشهده المفاوضات يعزي إلى رؤية الليكودية لمفهوم السلام ، فحزب الليكود يرى أن مبدأ ( الأرض مقابل السلام ) ليس ملزما لإسرائيل ، وفقا لقرار 242 ، وهذا يتسق مع رؤيتهم ( لأرض إسرائيل التوراتية ) وأرض إسرائيل الكبرى وهو ما يعني في المقابل النفي الكامل لأية حقوق وطنية للشعل الفلسطيني وبالتالي النظر إليهم على أنهم مجرد قاطنين او سكان يمارسون بعض السلطات غير السيادية .ولذلك تسحعى الحكومة ألأسرائلية برئاسة نيتانياهو  ، إلى الفصل بين موضوع الأرض ومبدأ السلام،وكان موضوع الأرض وهو جوهر الصراع العربي الإسرائيلي وجوهر القضية الفلسطينية خارج جدول أعمال المفاوضات .وهذا هو الذي يفسر لنا الازدواجية في لغة الخطاب السياسي الإسرائيلي ففي الوقت الذي تعلن فيه إسرائيل التزامها بالمفاوضات والاستمرار في العملية السلمية نرى أنها لا تريد قيودا أو شروطا أو حواجز تحول دون تحقيق مبدأ ( دولة بغير حدود ) أي الإبقاء على قدرتها على التوسع .إن المقولة أن إسرائيل تريد السلام بمفهومه العادل والشامل والدائم والذي يستند على أسس الشرعية الدولية ومبادئ وقرارات الأمم المتحدة ، وهو إدراك قاصر للمفهوم والإدراك الإسرائيلي ، ويبقى السؤال : كيف يمكن أن نؤثر في بنية هذا الإدراك الإسرائيلي ؟ وما هي قنوات التأثير ؟أكاديمى وكاتب عربى