ليس من عاداتنا ولا من ثقافتنا وعقليتنا أن نتعدى على حريات الآخرين الشخصية لكي نعبر عن أرائنا أو نوجه النقد لشيء ما، نحترم تماما الرأي والرأي الآخر المبني على الحجة والمنطق في الإقناع بعيدا عن التشويه والقذف والشتم الغير أخلاقي، ولعل الخروج عن ذلك يوجب علينا الرد على كل النصوص الغير مألوفة من ثلة من الأشخاص الذين لا يمثلون إلا أنفسهم وليس لهم الحق في تمثيل شعب فلسطين العريق. "خازوق وطن ع وتر" والذي اندلعت لأجله حرب كلامية وكتابية وخطابات ومناشدات كثيرة من أبناء فلسطين لوقف المهاترات والمهازل التي يعرضها هذا العمل، والذي تفنن في تشويه صورة فلسطين وقيادتها وشعبها، تعدى كل الخطوط الحمراء بحجة الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير، ونحن لسنا ضد حرية التعبير لكنا مؤمنين بأن "حريتي تتوقف عند حرية الآخرين" هذا وإن كانوا بدءوا بذلك فلتكن صدورهم رحبة لتحمل أعباء معتقداتهم وتوجهاتهم. لم يرتق هذا العمل –ولن أطلق عليه أبدا اسم مسلسل أو برنامج لأنه لا يستحق أن يصنف ضمن الفنون نهائيا- للمهنية مطلقا, وتميز بالإسفاف المبتذل وهو فقط مجرد استعراض لثقل دم الممثلين، والذين أبدعوا في الشتم والسب والقذف والتشويه، ولم يحترموا أبدا عقلية الشارع الفلسطيني وثقافته وعاداته، حتى دينه تعرضوا له بسخريتهم من رموز الحركة الإسلامية بغزة وحتى لو كنا مختلفين معهم بالفكر والتوجه إلا أن الدين الإسلامي يجمعنا. قرأت كثيرا وباهتمام كبير كل ما كتب عن هذا العمل وكل الأصوات التي شحنت أقلامها لكي يعرف الناس حقيقة ما يعرض لهم على شاشة فلسطين والتي من المفترض أن تكون عين الشعب للعالم، والمعبرة بشكل واضح وصريح عن قيمنا ومعتقداتنا وثقافتنا، صوتنا الذي من خلاله ندافع عن قضيتنا ونواجه فيه غطرسة المحتل الإسرائيلي الغاشم، ولكن جير التلفزيون لغير ذلك كله، وأصبح بوقا لنعيق الغربان فقط، وهذا ببركة هذا الخازوق المعزوف على الوتر الموجع . منذ قدوم السلطة لعبت الأحزاب دورا كبير في الحراك الإعلامي الفلسطيني, وكان كل فصيل وحزب سياسي يعبر عن أيدلوجيته الخاصة من خلال وسائل الإعلام المختلفة سواء كانت مرئية أو مسموعة أو مكتوبة، هذه الأيدلوجية فرضت نفسها لكي يكون في كل موقع إعلامي سوبرمان واحد هو من يدير كل هذه الكوكبة من الأصوات والأقلام، ولعل الزمن اختلف تماما في وضعنا الحالي الذي يزداد سوءا يوما بعد يوم، وصار لزاما على الكل الفلسطيني أن يتوحد حول منبر إعلامي واحد, لعل هذا المطلب بوضعنا الحالي صعب جدا, لذا من الممكن أن نتفق حول مضمون ما يقدم في كل وسائل إعلامنا الفلسطينية، وأن لا نترك الباب مفتوحا على مصراعيه لكل الدخلاء على المهنة، ولعل تلفزيون فلسطين الوطني عانى كثيرا من هذه التدخلات وما زال يعاني رغم كل الأصوات المطالبة بتحسين وضع الفضائية والارتقاء بها نحو الأفضل. لكن ما يقدم في "خازوق الوطن" يعكس حجم الكارثة المهنية التي يعاني منها التلفزيون، وأكبرها ثقافية بمعنى كيف يسمح القائمون على هذه المحطة بعرض مثل هكذا عمل ضعيف بكل نواحيه الإنتاجية من خلل كبير في الحبكة ورتابة في السيناريو، وضعف كبير في الإخراج، وحتى الأداء التمثيلي وإن كان مبدعا في بعض الأحيان إلا أنه أداء مسرحي لا يرتقي للأداء الدرامي التلفزيوني. أكثر اللوم يلقى على عاتق السيد الفاضل ياسر عبد ربه وهنا أفتح قلبي له وأتمنى أن يتسع صدره لتقبل رأي بما أنه سيد الديمقراطية وحاميها ومطبقها من خلال الفضائية الوطنية، أقول موجها لومي وعتبي أولا لإيماني بأنك أحد العقليات الفذة بالوطن وقائد ثوري ذو تاريخ نضالي يشهد له القاصي والداني، أتساءل كيف تسمح لنفسك بلعب دور السوبرمان الوطني، وتكون في كل هذه المناصب الرفيعة بالدولة، أمينا لسر اللجنة التنفيذية، بالإضافة لذلك أعتقد أنك صاحب القرار الأول في فضائية فلسطين بمعنى "BIG BOSS"، ولعل هذا العبء ثقيل جدا على رجل مثلك ولكن من الواجب عليك أن تترك الفرصة لذوي الاختصاص من الإعلاميين المتمرسين بالعمل الصحفي، وللفنانين المبدعين ليقودوا هذا الصرح الإعلامي الوطني الأهم، ثانيا كيف تسمح وأنت بعقليتك الفذة هذه بأن يقوم عمل كهذا بتشويه صورة الوطن النقية والجميلة، من خلال سخافة ما يقدمه هؤلاء الدخلاء على الفن، والذين لا يجيدون سوى نشر الغسيل القذر لهم وخير دليل على عقليتهم الرجعية التي خلقت في قلوبنا غصة كبيرة وحرقة على وطن يذبح بأيد فلسطينية. سيدي الفاضل أتفق معك بأننا بحاجة لتسليط الضوء بشكل أكبر على مشاكلنا التي نعاني منها من أجل حلها ووضع حد لها، ولكن هذا لا يعني أن نتجاوز المحرمات لأجل تحقيق مصلحة من الصعب تحقيقها متغنين بحرية الرأي والتعبير والديمقراطية الغراء، وحتى إن كان حسكم الوطني مشتعلا في هذه الفترة ذلك لا يعفيكم من ضرورة احترام الشعب الذي يئن وجعا باستمرار، يكفينا طعنات الاحتلال، يكفينا غدر الانقسام وما سببه من ويلات متتابعة. أضم صوتي لصوت كل الشرفاء في هذا الوطن رغم انتماءاتنا السياسية المتعددة إلا أننا وكما أثبت التاريخ دوما أننا نلتقي سويا بالفكر والتوجه عندما يمس مصلحة الوطن خطر ما، ونصرخ بعلو الصوت كفى مهاترات، كفى تهريجا، كفى لعبا بمشاعر الشعب وعقليته، حان الوقت لكي يأخذ الفن مكانه الطبيعي المرموق له، لن نسمح أن يجير الفن لتحقيق أغراض دنيئة تضر أكثر ما تفيد، لن نسمح أن يكون الفن أداة تسلط على رقاب الشعب، الفن قيمة سامية له مكانته الرفيعة والعالية في المجتمعات الراقية، آن الآوان لنتكاتف سويا من أجل رسم الصورة المشرقة لفلسطين الوطن والحلم، فلسطين الغد والمستقبل المشرق لأطفالنا وشبابنا. نحن في غزة يزداد وجعنا يوما بعد يوم، وكم هي كبيرة مآسينا وهمومنا المتراكمة والتي لا تخفى على أحد، وأعتقد لو أن السيد عماد فراجين صاحب فكرة هذا الخازوق يعيش في قطاع غزة لما تجرأ لحظة أن يفكر بهذا العمل, ولأدرك تماما أن على هذه الأرض ما يستحق العمل لأجله أكثر من التهريج والضحك العقيم، ولأدرك أن في هذا الوطن الكثير من القضايا الهامة في حياة كل مواطن بحاجة لعلاج بدلا من الطعن السياسي، ورفع قيمة الموفي ستار السياسي دوما. المدير التنفيذي للملتقى السينمائي الفلسطيني "بال سينما" ..