قمة السلام بين الزعماء في البيت الابيض يجب أن تكون حدثا تأسيسيا، لقاء ذروة، مكان تفتح فيه طرق جديدة ويخلي اليأس مكانه لامل كبير. مثل هذه القمة يجب أن تكون حدثا مفرحا، فرصة للزعماء لان يضعوا خلف ظهورهم كل النزاعات ويحاولوا التوجه أخيرا الى طريق الحياة الطبيعية، مثلما تقريبا في كل زاوية على وجه البسيطة. الى مثل هذه القمة يجب أن تأتي كل الاطراف بدافع هائل وعدد لا يحصى من المخططات، الاقتراحات والافكار التي تتيح لهم النجاح بكل ثمن. وهم ملزمون بان يسحبوا على ظهورهم كيس البدائل، ليمنعوا، لا سمح الله، الفشل. إذ ان الجميع يريد أن يحل المشكلة لا ان يعمقها. ما نحصل عليه هذه المرة هو العكس التام. في يوم الخميس سيستضيف الرئيس اوباما في واشنطن قمة كان يسعد الجميع لو أنهم فروا منها. الرئيس الامريكي هو الوحيد الذي يحتفظ في يديه بالحيوية والرغبة الحقيقيتين في النجاح وهذا ايضا لان لديه انتخابات كونغرس على الرأس. كل باقي الزعماء يصلون الى واشنطن بارجل فاشلة. سمو الروح يحل محله الاكتئاب. بنيامين نتنياهو، ابو مازن وكذا الرئيس مبارك والملك عبدالله كان يسعدهم ان يتخلوا عن رحلة العذاب الزائدة هذه. فواشنطن ليست قمة شاهقة بل حفرة عميقة. في الوضع الناشيء يوجد فقط شخص واحد ربما يمكنه ان ينقذ المحادثات من فشل ذريع وأليم يدخل المنطقة الى ازمة خطيرة تستمر لسنوات طويلة. وهذا هو رئيس الدولة شمعون بيرس. الرئيس بيرس هو الوحيد الذي يمسك بالعصا من طرفيها: مواقفه السياسية في موضوع التسوية الدائمة تتطابق ومبادرة جنيف، ربما الوحيدة التي وافق عليها الفلسطينيون حتى اليوم؛ ومن جهة اخرى ليس مثله من يعرف المواقف الحقيقية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد ساعات من المحادثات التي اجراها الرجلان ثنائيا منذ الانتخابات في اذار 2009. من جهة ثالثة، ليس هناك من يقلق اكثر منه على وجود وأمن الدولة. بيرس، السياسي القديم والخبير الذي لا مثيل له، يعرف جيدا ايضا طيف الامكانيات لدى رئيس الوزراء. الرئيس بيرس هو الوحيد الذي يمكنه أن يلطف اجواء الشك الثقيلة التي ترافق هذه القمة حتى قبل ان تبدأ. لقاءاته مع الرئيس الامريكي اوباما، الرئيس المصري مبارك، ملك الاردن عبدالله ورئيس السلطة ابو مازن يمكنها أن تغير صورة المؤتمر. بيرس يمكنه أن يكون الوسيط – الرجل الذي يلطف ويخفف الخلافات والالام التي قد تطرح في المحادثات في واشنطن. وهو لا يزال ابداعيا بما يكفي كي يجد صيغا انقاذي في مواضيع الدولة اليهودية، التجميد واستمرار المحادثات. واذا كان نتنياهو يريد حقا التقدم وحل النزاع للاجيال، مثلما صرح أمس، فلديه شرط مساعد استثنائي. أفترض أن بيرس نفسه كان يسعده أن يستبدل بمحادثات واشنطن كل الاستقبالات التي شارك فيها بمناسبة العيد، الزيارات الى القرى العربية على شرف شهر رمضان واللقاءات الغريبة مع الحاخامين الرئيسين وخريجي الطيران الشباب. عندها ستقولون: هذا ليس سليما من ناحية سياسية، وهذا لا يتناسب وقواعد الطقوس، وهذا يجعل بيرس رئيسا سياسيا عاما، وهو من شأنه أن يسرق العرض وان يضر بنتنياهو وما شابه، ولكن عندما يدور الحديث عن انقاذ الدولة، احيانا يتعين تجاوز الشكليات. ليس لدينا ترف تبذير وزن دولي ومكانة عالمية كتلك على رفع نخب في المركز الجماهيري في مجدال هعيمق، في الوقت الذي يحاول فيه كل زعماء المنطقة الهرب من نذر الفشل في البيت الابيض. خذوا الى هناك بيرس فقط من أجل الاحتمال المعقول بمنع الاستياء الوطني، قبل اسبوع من رأس السنة.