خبر : الأخ اسماعيل هنية – السلام عليكم .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي

الإثنين 30 أغسطس 2010 02:18 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الأخ اسماعيل هنية – السلام عليكم .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي



ترددت كثيرا فى الكتابة إليك بشكل علني ولكني حسمت أمري فى مخاطبتك بعد الخطوة الطيبة التى قمت بها عند زيارتك لعزاء المرحوم اللواء أمين الهندي , وتقديمك واجب العزاء , أنا شخصيا لم تفاجأني خطوتك هذه - مثلما فاجأت الكثيرين - لمعرفتي بك وبطبيعتك الطيبة والسنوات الماضية التى عملنا بها سويا , وكذلك لم أشعر بالمفاجأة عندما بادرت خلال تلك الزيارة بدعوة الإخوة من قادة حركة فتح الذين قدموا من رام الله لمرافقة جثمان الفقيد بأن يتم عقد لقاء خاص لمناقشة المصالحة الداخلية , ولكن حقيقة الذي فاجأني ودفعني للكتابة إليك هو عدم حدوث ذلك اللقاء ولا أرى أي سبب مهما كان يمكن أن يمنع لقاء الإخوة خاصة إذا كان عنوان اللقاء هو بحث المصلحة العامة فيما يتعلق بأوضاعنا الداخلية والعمل على تجاوز حالة الانقسام التى تضرب مجتمعنا وقضيتنا . من هذا المنطلق أخي اسماعيل أكتب إليك لتتحمل مسؤوليتك ليس بحكم منصبك الرسمي فقط بل أيضا من طبيعة الفكر الذي تحمله والذي كان فى أوقات كثيرة يتدخل عندما تفشل التحركات الأخرى , كثيرة هي المواقف التى لا يمكن لأحد أن  ينساها لك عندما كنت تعمل على صياغة أفكار تحمل فى طياتها الجمع بين المختلفين ويرى كل طرف نفسه فيها , واليوم نحن بأمس الحاجة إليك أن تستعيد تلك القدرة التى تختزنها بين جانبيك , وتطلق تحركا خاصا مختلفا عن كل التحركات السابقة , فأنت أكثر من يعرف المواقف لكل طرف وأكثر من يعرف التفاصيل لأنك جزء منها , فلا تتردد فى وضع المخارج لكل قضية , وأنا أعرف أنك إذا أمسكت قلمك وتجسدت أمامك الموضوعية وتذكرت خبراتك فى السنوات السابقة وقدراتك البلاغية فأنت تستطيع أن تصوغ المخرج من هذا الخلاف الذي يعانيه مجتمعنا الفلسطيني . أخي اسماعيل لا تلتفت الى صغائر الأمور هنا أو هناك , ولا تتعامل بردة الأفعال , ولا تصغي كثيرا لما يقال هنا وهناك فى بعض وسائل الإعلام فإنها ردود أفعال قد يكون أصحابها غير مقتنعين بها ولكن واقع الحال يفرض عليهم أن يقولوها مجارين بعض الأحداث , ولا تجعل من الخلاف السياسي أساسا للتعامل أو الحكم على الطرف الآخر لأن الخلاف فيما بيننا هو الأصل ونحن نعمل على تنظيم خلافاتنا وجعلها أداة قوة فى أيدينا وليس عامل ضعف , فكلنا يدرك حقيقة الخلاف بين كافة الفصائل الفلسطينية وهو حق ومشروع مهما كان حجمه وشكله , والمطلوب هو العمل بكل جدية وإخلاص على استيعاب أنفسنا فى بوتقة العمل الوطني والمشروع الوطني الكبير الذي نحمله , لنواجه المرحلة الخطيرة القادمة لأنها لا تخص فريقا دون فريق بل معركتنا القادمة تخص وجودنا وقضيتنا ومستقبلنا . أخي اسماعيل اليوم نحن نقف على أعتاب مرحلة تاريخية ستكتبها الأجيال القادمة وأمامك الفرصة لتساهم فى صياغة هذه المرحلة وهي بحاجة الى الرجال والقادة الذين لا يعترفون بالواقع مهما كان صعبا ويعملون على صياغة الواقع بما يخدم القضية , فليس فى قاموسهم مكانا للاستسلام أو الاعتراف بالواقع الخطأ مهما كان شكله أو اسمه , واليوم ننتظر خطوة جريئة ليس مجرد لقاء بل ما هو أكبر من ذلك , نريد خطوة تعمل على إحداث ذلك الاختراق المنتظر لحالة اليأس والإحباط التى بدأت تسيطر على عقول الكثيرين بعد التراجع الكبير الذي صاحب جهود تحقيق المصالحة الداخلية , خاصة وأن هناك الكثير من الرسائل التى وصلتك من أطراف عدة داخل قيادة حركة فتح وفيها من التجاوب الكبير لجهود إتمام المصالحة , وبالرغم من صعوبة المرحلة الماضية وحدتها لازال الكثيرين يتطلعون إليك لتنفض الغبار الذي علق ولتأخذ الدور الذي نتطلع إليه لتعود الثقة من جديد للوفاق الفلسطيني . اليوم هو الوقت المناسب لهذا التحرك لأننا لا ندري ماذا سيحدث غدا من أحداث , اليوم كل الأطراف تعيش حالة من الاستعداد لعقد مصالحة مشرفة تحفظ ماء وجه كل الأطراف والجميع لديه الإحساس بالمسئولية الوطنية دونما ضغط أو إكراه , والجميع اليوم يعترف بقدرة كل طرف ومكانته وقدرته وأنه لا يمكن لأي طرف تجاهل أو إقصاء الطرف الآخر , وهناك إدراك بأنه لا يمكن أخذ قرارات مصيرية دونما توافق وطني شامل , ويجب التوجه للشعب لحسم أي قضية مصيرية . أخي اسماعيل اليوم حركتي فتح وحماس تقفان أمام مسؤولية تاريخية وأمام منعطف تاريخي حاد , والفرصة سانحة لكل منهما لاستغلال القوة التى يملكانها لحماية المشروع الوطني الفلسطيني , لأن المرحلة القادمة جد خطيرة على كل الأوجه ولا تحتمل هذا الانقسام مهما كانت أسبابه ومبرراته , مع إدراكي الكامل لتعقيدات الأوضاع الداخلية وعلمي بالضغوط التى لا تريد للمصالحة أن تنجح  لأنها تحقق للبعض بعض المكاسب سواء كانت سياسية أو حزبية أو مادية أو غير ذلك , فهناك من لا يروقه أن يرى حماس شريكا فى الحكم وهناك من لا يروقه أن يرى فتح تسترد عافيتها , وهناك من يدرك الحقيقة التى تقول بأن لدى حركتي فتح وحماس إمكانيات هائلة إذا تم استغلالها على أسس سليمة لن يقف فى وجهنا أحد فى فرض إرادتنا على كافة الأطراف الأخرى الإقليمية والدولية وهذه حقيقة أصبحت ماثلة للعيان لا ينكرها إلا جاهل . فهل تلتقط الفرصة السانحة اليوم قبل أن تضيعها الأيام ؟  .   رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps