يبدو أن الرغبة الأمريكية بإطلاق المفاوضات المباشرة بين الفلسطينيين والإسرائيليين رغبة لا يمكن وصفها لأنها أصبحت شبقا أمريكيا خاصا للحفاظ الذات الأمريكية وتقويها, ويبدوا في نفس الاتجاه أن الأمريكان لا يعنيهم شكل إنهاء الصراع ولا الزمن الذي سينتهي فيه الصراع ,ولا يعنيهم عما يتفاوض علية الطرفين بقدر ما يعنيهم الاتفاقيات التي قد تفرض في النهاية "كاتفاقية الإطار" المقترحة وبالتالي لا يهمهم مستقبل الفلسطينيين وهم الطرف الذي وقع علية الضرر الكبير جراء الاحتلال الإسرائيلي البغيض , وما يعنيهم إشباع رغبتهم بإعادة الهيبة لدورهمومساعيهم وتحركاتهم وسياستهم في المنطقة وإطلاق المفاوضات المباشرة على المسار الفلسطيني و الادعاء في النهاية أنها مفاوضات ناجحة والتدليل عبر هذا أن سياسة اوباما بالشرق الأوسط سياسة ناجحة, دون الاكتراث بجوانب وعناصر هامة تتعلق بالصراع على حساب الصراع ذاته مما سيؤثر مستقبلا على شكل الحل ,ومدي التزام إسرائيل بتطبيقه ,. ومن هنا فان الأمريكان لا يعنيهم عدالة الحل ولا المرجعيات التي اعتمد على أساسها ,ولا شفافية التعامل مع الصراع ,ولا لعب دور أمريكي نزيه وموثوق به في القضية . ما فعلة الأمريكان هو إجبار الفلسطينيين على القبول بالتفاوض بعد بضع تطمينات وهذا تفاوض خطر...! و دفع الإسرائيليين على التفاوض على أساس الحل طويل الأمد وهذا كاف لإفشال المفاوضات أو توقفها عند أي عثرة في الطريق وما أكثر العثرات التي ستعترض طريق المفاوضات الحالية وخاصة قضايا الاستيطان وسياسة التهويد المتسارعة في القدس و ما جاورها , بالإضافة للعثرات التي يتحامق فيها نتنياهو وحكومته و ما أحمقهم هذه الأيام...!! كمبادئ السلام الثلاثة التي أعلنها قبل البدء بالتفاوض والتي اشترط فيها اعتراف الفلسطينيين بالدولة اليهودية !!! ,مع انعدام جهد دولي فاعل وحاضر لإزالة هذه العثرات أول بأول . أما بيان الرباعية الذي قصد الأمريكان تجاهله لا يصح أن يكون أساسا مرجعيا للتفاوض فانه لا يعدو سوي ورقة تطمينات بالإضافة لأوراقهم التي لا ترقي لحد الضمانات الشفوية أو حتى المكتوبة, وإننا نقول أن الأمريكان لم يؤسسوا جيدا لنجاح المفاوضات ولم يرتبوا أوراق الصراع حسب طبيعة الصراع, وبالنسبة لنا كفلسطينيين فان نجاح المفاوضات يكمن في طبيعة حلول القضايا الرئيسية التي قد يصل إليها المفاوضين مع الطرف الإسرائيلي ,فلا إقامة دولة فلسطينية بالمعايير الإسرائيلية والأمريكية هي معايير نجاح المفاوضات ,ولا حل مشكلة اللاجئين وإسكانهم أو بعضهمبأطراف شبه جزيرة سيناء أو الأطراف الجديدة لغزة هي من معايير النجاح ولا هذه مجتمعة تعني نجاح المفاوضات و وصول الطرفين للسلام الحقيقي و الدائم . إن معايير السلام الدائم والشامل معروفة للجميع ولا يمكن تجاهلها ,لان في التجاهل إضاعة حقوق وإن إضاعة الحقوق سيدخل المنطقة كلها في صراع جديد ومعقد هذه المرة لتعاني معها شعوب المنطقة جمعاء , لذا فان السلام النهائي بالمنطقة أساسه المرجعيات القانونية والدولية التي تعارف عليها الجميع ,والتي صدرت عن الهيئات والمجالس الدولية ومؤتمرات السلام المتعددة كالقرارات والتوصيات والمبادرات والتعهدات وخاصة التي أعطت الفلسطينيين أمل في السلام ,وأصبحت من المعايير التي يقاس على أساسها صحة أي حل نهائي بالمستقبل بين الطرفين , كما و اعترافإسرائيل بالقرارات الدولية الصادرة بشأن النزاع و العمل على تطبيقها دون جدول زمني طويل الأمد ..!!. إن كانت إدارة اوباما معنية بالوصول إلى سلام حقيقي ونهائي على الأقل على المسار الفلسطيني فان الإدارة مطالبة بالجلوس على طاولة المفاوضات و ليس رعايتها في المرحلة الأولى فقط ,واعتبار إدارة اوباما طرف في هذه المفاوضات جنبا إلى جنب مع الرباعية الدولية , و تحديد مرجعيات لكافة القضايا التي ستطرح و اخذ موافقة الجميع عليها ,وبذل جهد تفاعلي حقيقي لوضع المعايير الدولية على الطاولة والسعي لدي إدارة نتنياهو المتطرفة إلى تحقيق هذه المعايير بالتفاوض دون غبن أو تحامق أو ابتزاز ليتجلي السلام حقيقة واقعية و يقتنع به كافة أبناء الشعب الفلسطينيلأنه يضمن لهم حياة مستقرة متساوية مع كافة شعوب المنطقة .أما الفلسطينيين فعليهم أن يصروا على ضرورة تواجد أمريكي أوروبي عربي على طاولة المفاوضات وعدم التفاوض إلا بحضور هذا الهيكل الكامل لضمان وجود دور أمريكي أوروبي حاضر يسعي لدي الطرفين لتذليل العثرات والعقبات التي ستعترض طريق التفاوض,وتحديد جدول زمني لكل مرحلة من المراحل التفاوضية وتعمل على مراقبة هذا الجدول ,وعدم القبول بحلول تطبق على مراحل طويلة ,وعلى الفلسطينيين التأكد من موافقة جميع الأطراف على إدراج كافة القضايا النهائية بالجدول الزمني المعد مسبقا والتسلسل بالقضايا دون ترحيل بعضها لجدول مستقبلي ,وعدم القبول بطرح أي قضيةمن القضايا للتفاوض إلا بمرجعيتها والثوابت الشرعية لها ,وإلا فالانسحاب من التفاوض اشرف من حلول منقوصة أو حلول مفروضة أو حلول طويلة الأمد ,لا تؤدي إلى سلام يضمن مستقبل الفلسطينيين في دولة مستقلة كاملة السيادة. Akkad_price@yahoo.com