خبر : المشكلة ليست فى المفاوضات وانما فى اوسلو وتوابعه .. ماجد عزام

الخميس 26 أغسطس 2010 04:27 م / بتوقيت القدس +2GMT
المشكلة ليست فى المفاوضات وانما فى  اوسلو وتوابعه .. ماجد عزام



عبّر قرار الذهاب الى المفاوضات المباشرة عن الواقع الفلسطينى بدقة حيث لا  تكمن المشكلة فى فكرة المفاوضات بحد ذاتها وانما فى المسار الذى تحكم بالسياسة الفلسطينية منذ اوسلو  وحتى الان والذى افرز سلطة او بالاحرى سلطتين فى الضفة وغزة  تختلفان على كل شىء الا على التهدئة  او الهدنة شبه المفتوحة مع اسرائيل . عندما يقول الرئيس محمود عباس ان  لا بديل عن التفاوض سوى التفاوض  فهو يعبر بشفافية- نادرة فى الساحة الفلسطينية- عن الذهنية التى لا تريد او لا تستطيع ان ترى اى خيار بديل عن التفاوض العقيم والعبثى الذى لم ولن يؤدى الى اى نتيجة وهذا الفهم لا يعبر عن قناعات شخصية بقدر تعبيره عن الماساة او الكارثة التى حلت بنا منذ توقيع اتفاق اوسلو وحتى الان .تقوم فلسفة  اوسلو اساسا على  نبذ"العنف" واتباع الوسائل السلمية لحل الصراع مع اسرائيل عبر الحوار الثنائى والمباشر اما تجلياته وعلى راسها السلطة الفلسطينية بمؤسساتها المختلفة  فهى لا تستطيع العيش بعيدا عن تفضلات  ومساعدات اسرائيل ودعم المجتمع الدولى–امريكا وحلفائها-  سياسيا واقتصاديا وبناء عليه  تبدو السلطة اسيرة ورهينة للمعطيات والقيود السابقة ولا تستطيع-هذا اذا افترضنا انها تريد- مغادرة مربع التفاوض والارتهان للمحتل والخارج ناهيك بنشوء شبكة من المصالح الخاصة والامتيازات التى يستفيد منها المئات بل الآلاف من كبار الموظفين فى السلطة والتى تزيد من القيود  والاعباء على ارادتهم السياسية والوطنية .اذن رسم اتفاق اوسلو  للسلطة مسارا صارما لا تستطيع مغادرته بسهولة  وربطها  بخيار التفاوض الذى لا بديل عنه  تحت رحمة الجبروت والقهر الاسرائيلى منذ فترة قال وزير خارجية السلطة رياض المالكى –فى رومانيا- ان ليس من العدل والانصاف ان  يدخل المجتمع الدولى الطرفين الفلسطينى والاسرائيلى الى غرفة ثم يغلق الباب عليهما ما يتيح للاول الاستفراد بالثانى  والاستفادة من ميزان القوى المختل لصالحه  السيد المالكى الاكاديمى البارز لم يمتلك الشجاعة  لرسم المشهد كاملا والقول ان هذا بالضبط ما فعله اتفاق اوسلو وعرّابوه من النخبة الفلسطينية الحالية التى بات المالكى الان عضوا اصيلا فيها .مع كامل الاحترام والتقدير للاجتهادات والقراءات النقدية لقرار الذهاب الى مفاوضات مباشرة الا ان جذر المشكلة ليست هنا لابد من مقاربة اكثر جدية  تجاه السلطة الفلسطينية ودورها ووظيفتها الوطنية وبتفصيل اكثر فى ظل وجود السلطة لا امكانية سوى للمقاومة الشعبية والجماهيرية مع مقاومة  سياسية عبر رفض التفاوض وفق الطريقة التى اتبعت منذ اوسلو حتى الان والاصرار على المرجعيات والشرعية الدولية واذا اراد ما يوصف بالمجتمع الدولى ابتزاز السلطة  عبر قطع المساعدات عنها فليتحمل المسؤولية  عن انهيارها وعودة الامور الى نقطة الصفر فى فلسطين والمنطقة علما ان عملية التسوية والمفاوضات-ليست الدولة الفلسطينية- باتت مصلحة قومية امريكية وضرورة حتى لحماية ارواح الجنود الامريكيين المنتشرين فى طول المنطقة  وعرضها حسب تعبير الجنرال دجسفيد باتريويس . المناضل الاسير مروان البرغوثى قال ذات مرة اننا بحاجة لقيادة  خلاقة مبدعة تدمج بين المفاوضات والمقاومة الشعبية والجماهيرية على الارض وهو امر غير متوافر حتما فى القيادة الحالية اسيرة نظرية التفاوض ثم التفاوض ثم التفاوض وبالتالى  لا يمكن عمليا بلورة اى خيار بديل او اجراء مراجعة جدية وشفافة ونزيهة بوجودها وتحت سيطرتها وحتما فان فاقد الشىء لا يعطيه ومن اوصلنا الى هذه الحالة من الانقسام والتردى لا يستطيع ولا يملك الحق  فى فرصة اخرى .فى الاخير لابد من القول ان المعطيات السابقة عن اوسلو وروحيته تنطبق ايضا على السلطة فى غزة التى تكاد تخرج عن طورها للحفاظ  على التهدئة غير المعلنة مع اسرائيل بوصفها ضرورة ومصلحة وطنية فلسطينية دون توضيح اسباب وصولنا الى وضع باتت التهدئة فيه مصلحة للشعب  الفلسطينى والتصعيد مصلحة للقوة القائمة بالاحتلال .قضية المفاوضات المباشرة لا تثير الاسى تجاه المؤسسات وخوائها وانما ايضا تجاه الانقسام  الكارثى  والمدمر للقضية الوطنية والى اصحاب النوايا الحسنة من الانقساميين نقول اذا كنتم تسعون الى  وقف الاستئثار والتنازل والتفريط فهل وصلتم الى مبتغاكم ام ان العكس قد حصل فى ظل الانقسام بدليل الذهاب الى المفاوضات وتجاهل الوقائع والمعطيات الراهنة فى اسرائيل كما المزاج الشعبى الفلسطينى الرافض ايضا للقرار البائس والكارثى .                                                       مدير مركز شرق المتوسط للاعلام.