خبر : الخطأ فينا وليس فى المفاوضات! ..د. ناجى صادق شراب

الثلاثاء 24 أغسطس 2010 01:10 م / بتوقيت القدس +2GMT
 الخطأ فينا وليس فى المفاوضات! ..د. ناجى صادق شراب



  المفاوضات وسيلة من وسائل أدارة المنازعات بين الدول وحتى بين الجماعات وألأفراد لقناعة بعدم جدوى القوة المسلحة أو العنف فى حسم هذه المنازعات ، وتؤكد عليها كل المواثيق الدولية وعلى رأسها ميثاق ألأمم المتحده ، لكن المفاوضات ليست مجرد وسيلة أو رغبة فقط ، ولكنها فى الوقت ذاته بيئة شامله معقده من العوامل والمتغيرات وتتخللها عناصر القوة ، وهى ليست مجرد محادثات عابره ، أو لقاءات فى غرف مغلقة ، بل هى تعكس عنصران أو عاملان مهمان ألأول مصالح وأهداف الدول أو ألأطراف المتفاوضه ، وهل بمقدورها تحقيق هذه ألأهداف عبر هذه المفاوضات ، وبعبارة أخرى ترتبط المفاوضات بالمصالح العليا للطرف المتفاوض ، والعنصر الثانى عامل القوة ، فلا توجد مفاوضات بدون توظيف جيد للقوة المتاحة والممكنه، فالمفاوضات فى النهاية صراع أرادات وقدرة فى أدارة التنازلات وجعلها فى أدنى درجاتها . هذه هى المعادلة التفاوضية التى علينا أن نتفهمها ونستوعبها ونحن نتحدث عن المفاوضات المباشرة المنتظرة بين الفلسطينيين  والأسرائيليين ، وحتى لا نخدع أنفسنا فى أوهام وأمنيات وتمنيات حيث لا مكان لها فى سياق مفاوضات القوة ، ان نحدد اولا ما هى ألأهداف الأساسية للفلسطينيين والتى دفعتهم للذهاب الى المفاوضات ، ونفس السؤال بالنسبة لإسرائيل ، وهنا تبرز القاعده التفاوضية التى تجعل هناك أمكانية لمفاوضات ناجحة ، وهى أنه بقدر التلاقى فى ألأهداف عند نقاط مشتركة بقدر ألأقتراب من تحقيق هذه ألأهداف ، وهنا التساؤل الذى يفرض نفسه على كل مسارات المفاوضات والحكم عليها عبثية أم لا ، هل هناك جدوى أو أمكانية لقيام الدولة الفلسطينية ، ,سأذهب بعيدا وأحدد هدف المفاوضات فقط فى قيام هذا الهدف الوطنى لكل الفلسطينيين ، وبقراءة سريعة للفكر الليكودى الذى يحكم سياسة وموقف حكومة نيتينياهو نجد ان هذا الفكر لا يؤمن على ألأطلاق بفكرة الدولة الفلسطينية ، بل يؤمن بفكرة الوطن البديل ، وهو أمر مرفوض كلية فلسطينيا ، ومع التسليم أن قيام هذه الدولة بات مصلحة أسرائيلية عليا بسبب العامل السكانى الفلسطينى الذى بات خارج قدرة أسرائيل وأحتلالها ، فهل الدولة التى ستقبل بها أسرائيل هى نفس الدولة التى تنطبق على أسرائيل مثلا؟ وهل هى نفس الدولة فى أدبيات الدول فى القانون الدولى من حيث توفر عناصرها الثلاث ألأقليم والسلطة والشعب ، ؟ ويبدو أن تصور أسرائيل لهذه الدولة ينبع من أمرين :القبول بفكرة الدولة كعضو كامل فى ألأمم المتحدة فقط ، ,ألأمر الثانى أمكانية أستيعاب هذه الدولة فى كيانات أقليمية بديله لعدم قدرة هذه الدولة على البقاء وألأستمرارية ، ولعدم توفر قدرات القوة الممكنه لهذه الدولة ، وتجريدها من كل صلاحياتها السيادية والسياسية ، من خلال ما يسمى بالترتيبات ألأمنية وتعديلات الحدود المقبولة .وفى النهاية هذه الرؤية تتفق مع الفكر الليكودى فى الوطن البديل ولكن على أكثر من مرحلة ، ناهيك أن مساحة هذه الدولة لن تصل الى نسبة العشرين فى المائة المتبقية من مساحة فلسطين ، وكأن التنازل هنا أيضا على نسبة 25% من المساحة المقررة للدولة الفلسطينية وفقا لقرار ألأمم المتحده رقم 181 ،وهو ما يعنى أيضا وهذا هو ألأهم ألغاء لقرارات الشرعية الدولية . إذن الهدف ألأ  ساس من هذه المفاوضات قد يكون  بعيدا عن متناول المفاوضات المباشرة ، وينبغى أن يكون هذا معلوما منذ البداية ، ودعك من القضايا ألأخرى فى هذه المرحلة التفاوضية والتى ستركز فقط على الترتيبات ألأمنية والحدود وكيفية إخراج الدولة الفلسطينية .اما العنصر الثانى وهو عنصر القوة ، فهو عنصر غير متوفر فلسطينيا ، حالة من الضعف واضحه فى ألأعتماد ألأقتصادى على الخارج ، وفى حالة ألأنقسام السياسى ، وتشتت القوى الفلسطينية وبعثرتها ، وفى غياب خيار المقاومة ، فأى مفاوضات بدون قوة أو ممارسة المقاومة لن تصل الى أهدافها مهما كانت فرص النجاح المتاحة ، الفلسطينيون يفاوضون فى بيئة ضعيفة ، سواء البيئة الداخلية ، او البيئة العربية ، وحتى على المستوى الدولى لا تعمل موازين القوى ألأقليمية والدولية لصالح الفلسطينيين ، الخطأ هنا فى الفلسطينيين انفسهم ، وليس فى خيار المفاوضات ، متى تتفاوض ؟ وبأى وسيلة ؟ وبأى قوة ؟ هذه هى تساؤلات التفاوض المفقوده فلسطينيا ، ولذلك التشاؤم وعدم التفاؤل من نجاح هذه المفاوضات . أن لاتتفاوض أفضل بكثير من أن تتفاوض وأنت ضعيف . لماذا لأنه فى الحالة الثانية سوف لا نكون أمام مفاوضات حقيقية ، فالمفاوضات الجاده تحكمها أهداف واضحة ويمكن الوصول اليها ، وتحكمها أطارا سياسيا وزمنيا محددا ، وألا تحولت الى مجرد محادثات أستسلام وإذعان . ولذلك بدلا من توجيه ألأتهام للمفاوضات كخيار لا بد منه ، كان ألأجدر العمل على تحسين بيئة التفاوض الفلسطينية ، وتفعيل عناصر القوة التى تسانده ، وفى أولويات ذلك أنهاء ألأنقسام وتكامل الخيارات الفلسطينية من مفاوضات ومقاومة . وعلى الرغم من عناصر الضعف ألا أنها قد تشكل عنصر قوة فى الوقت ذاته ، وهو ما يعنى أن حالة الضعف هذه قد تفرض على المفاوض الفلسطينى موقفا صارما وحازما من مسألة الدولة ، وبقية القضايا ألخرى ، المهم كيف نحول الضعف الى قوة ؟ وهذا موضوع مقالتنا القادمة .   أكاديمى وكاتب عربى drnagish@gmail.com