خبر : مر يوم الجمعة وبقيت المنشآت النووية الإيرانية ..بقلم: زياد ابوشاويش

الأحد 22 أغسطس 2010 01:48 م / بتوقيت القدس +2GMT
مر يوم الجمعة وبقيت المنشآت النووية الإيرانية ..بقلم: زياد ابوشاويش



التصريحات التي أطلقها جون بولتون حول تاريخ نهاية الفرصة الإسرائيلية لضرب المنشآت النووية الإيرانية يوم الجمعة 20 / 8 / 2010 جاءت على شكل تحريض مارسه المذكور بانتظام أثناء توليه مسؤوليات حساسة في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن لدرجة أن هناك من قال أن كل السياسة العدوانية والأفكار الإمبراطورية التي مارسها المحافظون الجدد ورئيسهم بوش كانت من صناعة بولتون على وجه التحديد. صحيفة الواشنطن بوست أكملت الهمروجة الإعلامية حول ضرب إيران ومنشآتها النووية فقالت أن الضربة ستقع قبل الحادي والعشرين من شهر آب (أغسطس) الجاري بسبب التشغيل المزمع لمحطة بوشهر النووية التي زودها الروس بالوقود النووي بعد تأخير تكرر عدة مرات، وقال بولتون أن وضع قضبان الوقود النووي سيعني نهاية الفرصة لضرب المفاعل حيث سيكون أي إجراء عسكري ضد المنشآت النووية وهي تعمل شديد الخطورة ويؤدي لانتشار إشعاعات نووية قاتلة في منطقة الخليج ومياهه الإقليمية. هناك محللون وخبراء عسكريون وسياسيون رجحوا حصول الضربة العسكرية خلال الفترة القريبة القادمة (تشرين أول أكتوبر على سبيل المثال)، وآخرون قالوا بأن الهجوم على إيران لن يتم قبل سحب القوات الأمريكية من العراق خشية أن تكون صيداً سهلاً لإيران في حال اندلاع حرب في المنطقة نتيجة الهجوم على إيران أو قصف منشآتها النووية. وفي أغلب التقاطعات بين هؤلاء الخبراء والمحللين كانت تبرز نقطة تقول بأن منفذ الهجوم سيكون على الأغلب الكيان الصهيوني مدعوماً من أمريكا. المخاطر الناجمة عن هجوم محتمل على إيران وتداعيات مثل هذا الهجوم لم تخف أو تزول بل ازدادت حدة، والمعروف أن أي قصف إسرائيلي أو أمريكي للمنشآت النووية الإيرانية سيعتبر بمثابة إعلان حرب تتعامل معه الجمهورية الإسلامية باعتباره يمس وجودها من الأساس وبالتالي سيكون ردها على نطاق واسع وبأقصى قدر من القوة كي لا تتيح مجالاً لضربة أخرى تكررها الولايات المتحدة الأمريكية في حال فشلت الأولى في تحقيق الهدف. المعروف أن أمريكا وإسرائيل تناصبان إيران العداء منذ انتصار الثورة الإسلامية فيها عام 1979 وتعملان بكل جهد ممكن على محاصرتها وتضييق الخناق عليها، وقضية الملف النووي أتت ذريعة لتبرير هذا العداء الذي لم تتجاوز فيه الدولتان حدوداً معينة يؤدي تجاوزها للحرب، ولأن الولايات المتحدة الأمريكية متورطة في كل من أفغانستان والعراق وتواجه مأزقاً حاداً في كليهما سواء بالخسائر التي تتلقاها في الأولى أو بتعثر العملية السياسية وفشلها في الثانية فإن المراقبين والمحللين يتوقعون أن تقوم إسرائيل بتوجية الضربة لإيران، واليوم وبعد أن تأكد بالمعنى الفني قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية في حدود عامين بحد أقصى أصبح احتمال شن الحرب من جانب إسرائيل وأمريكا مرجحاً والاختلاف يتركز على تاريخ بدئها. هناك سيناريوهات متعددة للهجوم المفترض أكثرها شيوعاً أن تقوم إسرائيل بتوجيه ضربة جوية وصاروخية للمنشآت النووية الإيرانية دون أن تشمل الضربة أية منشآت أو مؤسسات مدنية أو حتى عسكرية أخرى. وسيناريو آخر أقل انتشاراً يقول أن الولايات المتحدة ستقوم بضربة عسكرية كبيرة لإيران تشمل ليس فقط المنشآت النووية، بل وكذلك المنشآت العسكرية والبنية التحتية للدولة الإيرانية للإجهاز على مقومات وجودها لفترة طويلة كما فعلت بالعراق بعد أن تكون قد مهدت لمثل هذه الضربة بحملة إعلامية واسعة وتقديم مبررات مقنعة وواضحة للأمريكيين قبل غيرهم على ضرورتها، وقد يصل الأمر حد افتعال عمل إرهابي كبير في الولايات المتحدة يذهب ضحيته عدد كبير من الأمريكيين وتتهم فيه إيران أو مجموعات مدعومة من إيران على غرار الحادي عشر من أيلول(سبتمبر). ما بين هذين الاحتمالين يقع العديد من السيناريوهات والتفاصيل، لكن عقابيل أي ضربة أو هجوم إسرائيلي أو أمريكي على إيران لم يدرس بشكل كاف وبالتأكيد لو كان هناك احتمال مرجح لهجوم إسرائيلي قبل يوم الجمعة لوجدنا هناك تحركات واستعدادات معينة في دول الإقليم سواء تلك التي تتحالف مع الولايات المتحدة وتالياً إسرائيل أو تلك التي تتحالف مع إيران وتعادي الكيان الصهيوني الأمر الذي لم نلحظه أو تتحدث عنه تقارير الصحافة ووسائل الإعلام. لعل نظرة موضوعية لمجمل التطورات والأحداث التي تجري في المنطقة تظهر بوضوح أن الحرب فيها ليست وشيكة وأن الأمر يحتاج لبعض الوقت، وربما لا تقع هذه الحرب أساساً بسبب النتائج المدمرة التي ستنجم عنها وإن علت صيحات المتطرفين في الإدارة الأمريكية أو إسرائيل، أما استعمال الأسلحة النووية في العدوان على إيران فدونه الكثير من العقبات والحواجز، وهو احتمال ضعيف وإن حدث سيكون بداية لمرحلة سوداء في تاريخ المنطقة والعالم، ولعل وضع روسيا صواريخها من طراز إس إس 300 المضادة للطيران في أبخازيا وفي جنوب البحر الأسود يشير للجدية والخطورة التي ينظر بها الروس لاحتمال الهجوم على إيران والعمل على إفشال هذا الهجوم إن وقع لخطورة نتائجه. إن عدم اكتمال التحضيرات الضرورية للعدوان المفترض على إيران على غير صعيد سيدفع لتأجيله وكما نرى فإن الأمر يسير على هذا النحو حيث تنغمس أمريكا وإسرائيل في ترتيبات العودة للمفاوضات المباشرة مع إسرائيل برعاية أمريكية، وربما الصدفة وحدها وراء تزامن الهجوم المفترض على إيران وصدور بيان الرباعية الممهد لعودة المفاوضات المذكورة. والأمر الآخر هو الاستعدادات واسعة النطاق التي تقوم بها الولايات المتحدة لسحب قواتها من العراق مع نهاية الشهر الجاري. إذن ستشهد الأشهر القادمة وحتى انتهاء انتخابات الكونغرس الأمريكي النصفية في كانون ثاني(يناير) القادم تجاذبات وتوترات لن تصل حد إعلان الحرب على إيران، اللهم إلا إن بادرت إسرائيل بالهجوم الجوي والصاروخي دون أخذ الضوء الأخضر من أمريكا، وهو أمر غير مرجح للعديد من الأسباب الهامة والحساسة على رأسها احتمال توسع نطاق الحرب لتشمل المنطقة برمتها. Zead51