خبر : مزيداً من الحسم يا حماس! .. محمد اسحق الريفي

الجمعة 20 أغسطس 2010 02:03 م / بتوقيت القدس +2GMT
مزيداً من الحسم يا حماس! .. محمد اسحق الريفي



منذ وقت قريب، كانت حركة حماس تأمل نجاح جهود المصالحة في وقف تداعيات الانقسام المؤسفة، لإنقاذ قطاع غزة من والحصار، ولإنقاذ الضفة الغربية من الحرب التي تتعرض لها، التي تستهدف المقاومة وثقافتها وبنيتها والمساجد وكلمة الحق والحريات الإنسانية، والتي تشارك فيها سلطة فتح جنباً إلى جنب مع العدو الصهيوني بتوجيهات أمريكية.  ولكن المصالحة فشلت، وأخذ الانقسام أبعاداً خطيرة في الضفة، ووصلت الحالة الفلسطينية إلى طريق مسدود، ولم يعد هناك أفق سياسي على المدى المنظور.  وبالعودة إلى أهداف حماس من المشاركة في السلطة المحكومة باتفاقيات أوسلو وخارطة الطريق الأمريكية وشروط الدول المانحة للسلطة، نجد أن حماس لم تتمكن من إصلاح السلطة، لأسباب لا تخفى على لبيب متابع لتطورات قضية فلسطين، فإصلاح السلطة لا يمكن أن يتم مع استمرار ارتهان حركة فتح للقرار الأمريكي وفي ظل الواقع العربي البائس، الذي يتسم بالنفاق والتخاذل والتواطؤ، وفي ظل مواقف ما يسمى "المجتمع الدولي" المعادية لقضية فلسطين، الذي تعبر المجموعة الرباعية الدولية عن مواقفه تجاه القضية وتجاه حركة حماس وحكومتها، والذي تتحكم فيه الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون.  ومع غياب أفق سياسي لإخراج الحالة الفلسطينية من عنق الزجاجة، استمر الوضع الفلسطيني الداخلي في التدهور، فالحصار الصهيوني ما زال مفروضاً على غزة، وتجاوزت الحرب على الضفة الخطوط الحمراء، وباتت تشكل تهديداً استراتيجياً لقضية فلسطين، لأن تصفية المقاومة في الضفة يؤدي إلى تعزيز سلطة التسوية وتقدم المشروع الصهيوني.  الحكومة التي تتولاها حماس معزولة سياسياً ومحاصرة في غزة، ولا وجود لها في الضفة، ولا أمل في أن يعترف بها المجتمع الدولي، ولا أمل في استئناف العملية "الديمقراطية"، التي لو سمح لها بأن تسير بشكل طبيعي، لتمكن الشعب الفلسطيني من إحداث تغييرات جوهرية في السلطة، ولكن تدخل الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين والمعتدلين العرب حال دون ذلك.  ورغم كل هذا فإن حكومة حماس لا تزال تتصرف وكأنها جزء من سلطة أوسلو، على خلفية الشرعية السياسية التي نالتها عبر الانتخابات وخولتها من تشكيل الحكومة، وسعياً للحفاظ على مكتسباتها السياسية وعلى حقها في المشاركة في قيادة الشعب الفلسطيني وتمثيله!  ولكن هناك فرق بين شرعية حماس السياسية كونها فصيل سياسي مقاوم له حضور حيوي في الحياة السياسية الفلسطينية ويحظى بشعبية فلسطينية كبيرة وتأييد شعبي عربي وإسلامي كبير، وبين شرعيتها السياسية التي اكتسبتها من خلال مشاركتها في سلطة أوسلو، رغم أن هذه السلطة ذاتها غير شرعية، لأنها أنشئت للقيام بوظيفة محددة، وهي تمرير الحلول الاستسلامية لقضية فلسطين ومحاربة نهج المقاومة وخداع الشعب الفلسطيني.  ولكن الواقع الفلسطيني المأساوي يقول إنه لا مبرر لاستمرار حماس في محاولة تحرير المواقع القيادية للشعب الفلسطيني وخوض صراع الشرعية الفلسطينية؛ أي حق قيادة وتمثيل الشعب الفلسطيني، من خلال المشاركة في سلطة أوسلو، ولا مبرر لحكومة حماس أن تتصرف على أساس أنها جزء من سلطة أوسلو، لأنها ليست كذلك في الواقع، من ناحية، ولأن المجتمع الدولي والمعتدلين العرب وحركة فتح، من ناحية أخرى، يسعون لإخضاع حركة حماس لمرجعية أوسلو، وليس لمنح حماس فرصة للتغيير والإصلاح من خلال المشاركة في السلطة، فهم يرفضون أن تمسك حماس بزمام السلطة وتتمكن من التغيير والإصلاح.  إذاً لا بد لحركة حماس من أن تجد ميداناً آخر غير ميدان المشاركة في سلطة أوسلو لحسم صراعها مع هذه السلطة وتحرير الشعب الفلسطيني منها ومن التزاماتها الأمنية تجاه العدو ومن الواقع البائس الذي فرضته على الشعب الفلسطيني في غزة والضفة، وهو أن تقدم نفسها بديلاً عن سلطة أوسلو، التي بتصعيد حربها على المقاومة والإسلام والوطنية في الضفة، وبالاستمرار في نهجها الاستسلامي ومفاوضاتها العبثية مع العدو، سقطت نهائياً وغرقت في مستنقع العمالة للعدوين الصهيوني والأمريكي، وأصبح تقويضها هدفاً مشروعاً وملحاً.  وأرى في دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الأستاذ خالد مشعل للمواطنين في الضفة بالثورة على سلطة أوسلو، وفي حملة رئيس وزراء حكومة حماس الأستاذ إسماعيل هنية ضد حرب السلطة على الإسلام والأكاديميين والكتاب الأحرار والمقاومين في الضفة، خطوة موفقة نحو حسم موقفها من سلطة أوسلو والعمل على تقويضها بعد فشل إصلاحها، فآخر العلاج الكي!  وأتمنى على حركة الجهاد الإسلامي وبقية فصائل المقاومة الرافضة لنهج التسوية المساهمة بفعالية في تقويض سلطة أوسلو وإيجاد بديل عنها يتبنى نهج المقاومة، وذلك لإنقاذ الضفة والقدس وقضية فلسطين.  والحسم من وجهة نظري يستوجب على حماس ومن وقف في صفها أن تحرر شعبنا من الاعتماد على سلطة أوسلو.   أستاذ الرياضيات في الاحتمالات والإحصاءالجامعة الإسلامية بغزةغزة، فلسطين