خبر : افتراض سوء النية!..مصطفى إبراهيم

الأربعاء 18 أغسطس 2010 01:29 م / بتوقيت القدس +2GMT
افتراض سوء النية!..مصطفى إبراهيم



حدثني صديقي أن أحد أصدقائه يصلي يوميا صلاة الفجر في المسجد العمري الكبير في مدينة غزة، صديقه يسكن في مكان يبعد عن المسجد العمري نحو 3 كيلومترات، في احد الأيام أثناء ذهابه لصلاة الفجر أقل في طريقه شرطي عائداً من مكان عمله الى منزله، وفي الطريق توقف صديقه عند إحدى إشارات المرور في شارع عمر المختار، فسأله الشرطي لماذا توقفت؟ فاخبره الرجل إن الإشارة حمراء، فأستعرب الشرطي سلوك الرجل، وأخبره إن من يتوقف في هذه الساعة على إشارة مرور فهو في محل شك لدينا ونتعامل معه كمشتبه به.افتراض سوء النية من قبل الحكومة وأجهزتها المدنية والأمنية في غزة هو أساس العلاقة التي تربطها مع المواطن، ومطلوب من المواطنين دائما إثبات حسن النية في علاقتهم بالحكومة وأجهزتها وليس العكس، وهذا ينطبق على منظمات المجتمع المدني ، فهي دائما في محل شك من وجهة نظر الحكومة خاصة وزارة الداخلية والعاملين في دائرة شؤون الجمعيات وبعض الجهات ذات الاختصاص. ما دفعني للكتابة في هذا الموضوع، أنني تلقيت اتصالا هاتفيا صباح الثلاثاء 17/8/2010، من المدير المالي والإداري في مؤسسة الضمير لحقوق الانسان بصفتي عضو مجلس إدارة في مؤسسة الضمير، وأخبرني ان موظف الداخلية الذي يجري المراقبة والتدقيق منذ إسبوع في المؤسسة طلب عضوين من أعضاء مجلس الإدارة لتوجيه بعض الأسئلة والاستفسارات لهم. لم أتمكن من الذهاب، وذهب أحد أعضاء مجلس الإدارة وهو أستاذ جامعي، وقابله موظف الداخلية بسيل من الأسئلة والاستفسارات والاتهامات، والتوجيه ومحاولة تعريفه باستخفاف بدوره وطريقة أداء أعضاء مجالس الإدارة، وكيفية عقد الاجتماعات وكتابة محاضر الاجتماعات وغيرها من الأمور التي تعتبر تافهة لعضو مجلس إدارة يعتبر خبير في عمل الجمعيات.مؤسسة الضمير لحقوق الانسان مؤسسة محترمة ومهنية وأعضاء مجلس الإدارة والعاملون فيها مهنيين ويمتلكون من الخبرة الإدارية والقانونية والأخلاقية تكفي لتعليم وتدريب بعض العاملين في الوزارات ذات الاختصاص الذين يقوموا بإعمال الرقابة المالية والإدارية، ويفتشون في أدق التفاصيل، ويضمرون سوء النية أثناء قيامهم بعملهم.بعض الوزارات في الحكومة بغزة أصدرت خلال الأشهر القليلة الماضية عدد من القرارات تتعلق بحل مجالس إدارة لعدد من الجمعيات تم تبريرها لوجود مخالفات قانونية ذات طابع إداري و مالي وبعضها أخلاقي.العلاقة بين منظمات المجتمع المدني والوزارات المختصة يحكمها القانون، والتعامل مع المنظمات ينطلق من القانون وروحه، وعلى قاعدة الشفافية التي تمارسها منظمات المجتمع المدني، من خلال عقد جمعياتها العمومية ونشر تقاريرها القانونية والمالية، والقاعدة في التعامل يجب ان تكون من خلال المعالجة للأخطاء وليس افتراض سوء النية والشك، والمحاسبة.منظمات المجتمع المدني تمارس عملها وفقا للقانون ولا يوجد لديها مشكلة في قيام وزارة الداخلية والوزارات ذات الاختصاص في الاستمرار في تفعيل دورها الرقابي على عمل منظمات المجتمع المدني، بما يتفق وينسجم مع  الآليات المحددة وفقاً للقانون باعتباره الناظم الرئيس لعلاقة منظمات المجتمع المدني بالجهات الرسمية ذات الاختصاص.منظمات المجتمع المدني تمارس دورها وفقا للقانون وهي صاحبة تاريخ طويل وشريك أصيل في النضال الفلسطيني ضد الاحتلال وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني ومقاومة الاحتلال ودحره وتقرير المصير، ولها باع طويل في العمل من اجل تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الانسان، وهي ما تزال تقوم بدور كبير في رفع الحصار الظالم وغير الشرعي المفروض على الفلسطينيين في قطاع غزة.على الحكومة أن تدرك العلاقة التكاملية بينها وبين منظمات المجتمع المدني، وأن توقف جميع الانتهاكات الخطيرة المرتكبة والمتكررة بحق منظمات المجتمع المدني في قطاع غزة والتراجع عن القرارات التي اتخذت بشكل غير قانوني. والحكومة مطالبة أيضاً بتقديم كشف حساب للناس ونشر تقاريرها وميزانيتها بشفافية، وعدم التمييز في العلاقة مع الناس و المنظمات على أساس سياسي، وعليها افتراض حسن النية مع الناس وليس العكس، وعدم التعامل معهم كمشتبه بهم، ومطلوب منهم تقديم كشف حساب دائم عن كل شيئ، وان تعمل فوراً على وقف الانتهاكات وعدم التدخل في شؤون الناس ومنظمات المجتمع المدني، ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والكشف عنهم على قاعدة احترام القانون و حقوق الإنسان.Mustafamm2001@yahoo.commustaf2.wordpress.com