خبر : المفاوضات المباشرة مقابل تحقيق المصالحة .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي

الثلاثاء 17 أغسطس 2010 01:42 م / بتوقيت القدس +2GMT
المفاوضات المباشرة مقابل تحقيق المصالحة .. م. عماد عبد الحميد الفالوجي



  لم أفاجأ من تطورات موقف القيادة الفلسطينية تجاه المفاوضات مباشرة مع حكومة نتنياهو , وكنت أتوقع هذا السيناريو المكرر منذ سنوات للطرف الفلسطيني , حيث يتراجع عن موقفه الذي يبدأ دائما سقفه عالي ثم يبدأ بالبحث عن التبريرات والمبررات الموجبة له بالتراجع أمام وسائل الضغط الكثيرة والمتنوعة التى يملكها الأطراف الأخرى بحكم قوة النفوذ والسيطرة ومعركة المصالح المترابطة بين أطراف متعددة فى المنطقة وخارجها , فكان القرار بالعودة الى المفاوضات المباشرة بعد الحصول – كالعادة – على ضوء أخضر أو عدم ممانعة – معتادة – من القادة العرب تحت مقولة " ليس لدينا خيارات أخرى " " والقيادة الفلسطينية أدرى بالمصلحة العليا للشعب الفلسطيني ولا نملك سوى دعم ما يقرره الشعب الفلسطيني " , وهكذا تبقى القيادة الفلسطينية صاحبة القرار , وعلى كافة الوجوه سوف تجد من يهاجمها ويتهمها سواء وافقت أم لم توافق على المفاوضات المباشرة , خاصة فى ظل الأوضاع الفلسطينية  الراهنة والضعف الذي يلف الحالة الفلسطينية بسبب استمرار حالة الانقسام الداخلي . ولم يعد سرا الحديث على أن فشل الجهود المبذولة لإنهاء حالة الانقسام سببها الفيتو الأمريكي – وتوابعه – فى المنطقة , وذلك لأن هذه الأطراف تعتقد أن استمرار حالة الانقسام يحقق لها جملة من الفوائد والأهداف ليس أولها أن هذا الانقسام سيضع الرئيس محمود عباس أمام خيارات صعبة وسيذهب الى المفاوضات وهو فى أضعف أحواله وبالتالي قد يسهل الضغط عليه أو اللعب على الفريق الآخر – حركة حماس - وإغرائه بالسلطة البديل أو المفاوضات البديلة , وبالتالي اللعب على المتناقضات وهذه اللعبة يتمتع بها الجانب الإسرائيلي بقدرات فائقة مستندة الى خبراتها العملية وأصدقائها المخلصين فى عدد من العواصم العربية والإسلامية والدولية . أما رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي – نتنياهو – فقد تصرف باطمئنان شديد أن الأمور ستسير فى الاتجاه الذي يريد لأن المعادلة أمامه واضحة والأوضاع فى مجملها تساعد خططه وأطروحاته التى لم يخفيها منذ فوزه فى الانتخابات الإسرائيلية الأخيرة حول عودة المفاوضات المباشرة بدون شروط مسبقة وعدم الحديث خلالها عن المستوطنات وغيرها من القضايا قيد التفاوض , ووضع خطوطا عريضة لحركته الدبلوماسية ومنها : محاصرة أي اختراق فلسطيني فى المحافل الدولية , والحفاظ على رئاسته للحكومة وائتلافه الحاكم بالرغم من الفجوات فى المواقف داخل ائتلافه , وتقليص الطموح الفلسطيني فى موضوع الدولة وحدودها وطبيعتها , وإيجاد توافق إسرائيلي تجاه الحلول المطروحة , والسعي لتوسيع ائتلافه الحاكم لتحقيق استقرار سياسي خلال المرحلة القادمة ومواجهة أي ضغط مهما كان من أي طرف , ومواجهة التحديات القادمة سواء كانت عسكرية أو سياسية . أما الجانب الفلسطيني فلازال فى ذات المربع الذي وضع نفسه بداخله ولم يتوجه بشكل جدي فاعل نحو ترتيب أوراقه الداخلية لتقوية موقفه من التطورات الجارية على الأرض , وبدلا من بذل الجهود المضاعفة لتحقيق المصالحة ذهب الى إيجاد المخارج من الأزمة التى عصفت به نحو العلاقة مع الكيان الإسرائيلي , وأصبح إيجاد مخرج من الأزمة التفاوضية يحتل رأس جدول أعمال التحرك الفلسطيني وبالتالي نجحت تلك الجهود الى حد ما لإيجاد المخارج , ولو تم بذل ذات الجهود لإيجاد مخارج للمصالحة لنجحنا فى تحقيقها لأنها حسب المنطق لابد أن تكون أسهل من أزمة المفاوضات . وفى نهاية المطاف إذا وصلنا الى قناعة أنه لا خيار أمامنا سوى الذهاب الى المفاوضات المباشرة فلماذا لا نضع أحد شروطنا الأساسية بأن ترفع الولايات المتحدة الفيتو عن المصالحة وأن تدفع الأطراف – توابعها – فى المنطقة للمساعدة فى تحقيق ذلك , ولأن هذه الخطوة ستساعد بشكل كبير فى دفع الأمور نحو إيجاد تسوية يمكن أن تحقق الاستقرار فى المنطقة , خاصة إذا أدركنا أن : - الأطراف الفلسطينية الرئيسة متفقة على البرنامج السياسي نحو الموافقة على حل الدولتين ,- الذهاب الى المفاوضات المباشرة بحاجة الى تقوية الداخل الفلسطيني والقيادة الفلسطينية حتى يكون قادرا على اتخاذ القرار المناسب باسم الشعب الفلسطيني . - يجب أن تدرك إسرائيل أخيرا أن طرفا فلسطينيا معينا ووحيدا لن يجرؤ على اتخاذ قرار استراتيجي نحو الحل والوصول الى اتفاق . - يجب أن يدرك المجتمع الدولي أن المصالحة تحقق مصلحة إقليمية وستكون جزء من عملية إنقاذ المنطقة من تدهور قادم . ولذلك كله فإن مصلحة كافة أطراف المفاوضات المباشرة هو تحقيق المصالحة ولذلك يجب أن تكون شرطا أساسيا يجب تحقيقه قبل الذهاب الى أي مفاوضات جادة , وعلى الكيان الإسرائيلي أن يدرك أنه ليس من مصلحتها التفاوض مع أي قائد فلسطيني لديه معارضة قوية لأنه سيكون من السهل جدا على ذلك القائد التملص من أي اتفاق تحت شعار الديمقراطية أو إجراء استفتاء شعبي , ومن هنا لابد من التأكيد أن كافة الأطراف الفلسطينية أصبحت اليوم أكثر قربا وقدرة من صياغة برنامج سياسي متفق عليه يرتكز على أساس تنفيذ كافة قرارات الشرعية الدولية مع وضع ضمانات مقبولة لالتزام الكيان الإسرائيلي بما سيتم الاتفاق عليه .    رئيس مركز آدم لحوار الحضاراتwww.imadfalouji.ps