خبر : الحِكْمة يَمنِية..أبراهيم أبو النجا

الإثنين 09 أغسطس 2010 04:47 م / بتوقيت القدس +2GMT
الحِكْمة يَمنِية..أبراهيم أبو النجا



كلمتان تشكلان جملة اسمية كاملة ذات مضامين عديدة ففيها يكمن العقل والفطنة ، والوعي ، والحرص ، والوطنية ، والتفاني ، والتعقل ، والفهم ، والثقافة ، والنظرة إلى المستقبل بعد استخلاص عبر الحاضر ، وفيهما تنبع العبقرية المفحمة التي تلجم غير العقلاء ، والمتطرفين وأصحاب الرؤى الضيقة ، ودعاة الغطرسة والاستكبار ، والمراهقين السياسيين ، والباحثين عن التشطير ، والنابشين في التاريخ البائد ، والسائرين في ركب قوى ليس لها هدف سوى أن ترى الأمور في كثير من الدول تسير على أنغام دفوفها . أخال البعض يخرج عن صمته قائلاً : أدخل في الموضوع يا رجل .ونزولاً عند هذا النداء نتناول الساحة اليمنية الشقيقة الغالية على قلوبنا جميعاً . كيف لا وقد احتضن اليمن أبطال الشعب الفلسطيني في أعقاب حرب 1982 على لبنان والتي انتهت بخروج الثورة من لبنان قيادة وقوات ومؤسسات .واحتضنت اليمن ومازالت تحتضن أربعة ملايين صوماليًّا . إذن اليمن الثورة آمنت بدورها القومي وكلفها هذا الموقف الكثير .حدث تغول من قبل جارتها اريتريا حيث احتلت الأخيرة أربع جزر تعود ملكيتها لليمن وبالحكمة واللجوء إلى التحكيم استطاعت كسب المعركة وإعادة الجزر لحظيرتها وفرض الاعتذار لها من قبل اريتريا . فشلت المؤامرة إذن والتي كانت كمينًا وفخًا نصب لليمن لجره الى حرب تهدر طاقاتها وتزهق أرواح أبنائها .ومنذ ذلك الحين وواضعو الخطط الخبيثة لم يهدأ لهم جفن لتمزيق اليمن وإعادته إلى التشطير والعهود الظلامية وكانت المؤامرة التي مازالت رغم احتضارها إلا أنها لم تلفظ أنفاسها الأخيرة .في شمال اليمن : حرب في صعده بأنواع الأسلحة كافة من قبل الحوثيين على الدولة لانتزاع هذا الجزء الكبير وإعادته الى الإمامة المشعوذة . في شرق اليمن : جماعة العوالقة والقاعدة تخدمان الهدف ذاته وإن كان بطريقة أخرى ، ولكن بطريقة إنهاء سلطة الدولة المركزية .في جنوب اليمن : عودة ما يسمى بالحراك الديمقراطي وهو أبعد ما يكون عن الديمقراطية وتقرير المصير ، فهو في حقيقة الأمر استغلال للمؤامرة التي تنهش جسد اليمن علّها تظفر بالغنيمة وتعيد اليمن إلى عهد التشطير أي إلى ما قبل الوحدة . في المياه الإقليمية غربًا وجنوبًا : قراصنة وقطاع طرق بحرية وتجار سلاح ووسائل داعمة مختلفة " مايسمى باللوجوستية " .أمام كل هذه المؤامرات من الجهات الأربع . أين يقف القائد الرئيس علي عبد الله صالح ؟ أمامه خيارات كثيرة منها المريح ومنها غير ذلك . المريح أن يعلن التنحي ويعيش إما في قصره ، وإما في إحدى الجزر في البحر الأحمر، وفي المحيط الهندي وهي كثيرة ، أو يطلب اللجوء السياسي من أي عاصمة عربية أو إفريقية أو أوروبية أو غير ذلك . وينجو بجلده ، ولكن سيسجل التاريخ ذلك هربًا وخوفًا وجبنًا ، وعارًا هذا بالنسبة له شخصيًا ، أما بالنسبة لليمن فستتقاسمها الذئاب .هل اختار الرئيس علي عبد الله صالح هذا الخيار المتعدد الوجوه ؟كلاّ : اختار الخيار الوحيد الذي لاثاني له لأنه قرأ الواقع قراءة استشرافية حقيقية واتخذ قراره برفض ما تقدم من خيار . فماذا قرر إذن ؟ قرر المواجهة والتصدي واضطلاعه بدوره كرئيس وقائد أعلى لليمن كل اليمن .دعا قادة سياسيين وعسكريين ممن غادروا المسرحين السياسي والعسكري لسبب أو لأخر ومنهم من يكبره سنا ، وكذلك شيوخ القبائل الغيارى على الوطن ، وأطلعهم على قراره .وقفوا جميعًا يصفقون ويهللون ويكبرون ، ومنهم من انكب على يديه مقبلاً وهم في سن والده .غادر الرئيس علي عبد الله صالح إلى حيث الفتنة ... إلى صعده ... على مقر الانشقاق وإعلان الإمامة . رأس جيشه وشكل غرفة عمليات ووضع خطة المواجهة : مقاومة ومواجهة .طاردته القنابل والقذائف والمؤامرة من موقع إلى موقع ولكنه واصل المسير ودحر المتآمرين والعالم كله يعرف تفاصيل سير المعارك . ولم يجد الحوثيون بديلاً عن التسليم ووقف المعارك والخضوع للشروط . انتهت مؤامرة الجبهة الشمالية لليمن .وماذا عن الجبهة الشرقية : العوالقة والقاعدة ؟ طاردهم وقاتلهم وأطفأ نارهم وأسكت أصواتهم وأمسك بهم ، وأعمل فيهم النصوص الإلهية والوضعية .وماذا عن الجبهة الجنوبية : جبهة التشطير أي الانفصال والمناداة بعودة اليمن الجنوبي باسم الديمقراطية وحق تقرير المصير ؟.ولأن مصير اليمنيين واحد وليس لكل فئة مصيرها فقد واجه القائد الدعاة ، ولاقوا هؤلاء نفس المصير الذي لاقاه سابقوهم في الجبهتين السابقتين . أما الجبهة الرابعة : جبهة المتسللين والقراصنة وتجار السلاح والدم والتمويل ، فبانكسار الجبهات الثلاث شلت حركتها . ماذا بقي على الرئيس علي عبد الله صالح فعله ؟ لم يزهُ بالانتصار ، ولم ينتشِ . وجه خطابًا لأبناء اليمن كل اليمن ، ولمؤسسات السلطة كل السلطة ، وللأحزاب اليمنية ، موالية ومعارضة ، وللشمال والجنوب والشرق وقال قولته الشهيرة: أيها اليمنيون . فلنفتح صفحة جديدة ولنتوجه إلى حوار وطني شامل ولنشكل حكومة وحدة وطنية . أُسْقِط في أيدي الجميع ، ووضعوا في زاوية ولا يملكون ملاذًا أو خلاصًا أو مفرًّا أو حجة يتسلحون بها . ربح الرئيس علي عبد الله صالح المعركة وكسب شعبه ، وعزل أعداء اليمن ، وعادت اليمن وحدة واحدة وستبقى إن شاء الله كذلك ، رغم أن المؤامرات مازالت تطل برأسها كالأفاعي ولكن بحكمته سيقضي عليها .إن الرئيس علي عبد الله صالح عدناني بامتياز وقحطا ني مع مرتبة الشرف الأولى ، ورئيس لكل اليمن بوسام الشرف الأعلى . إضافة إلى كل ذلك وإلى ما يستحقه من ألقاب فهو الحكيم الأول ويستحق تسمية عنوان المقالة " الحكمة يمنية " .