كان للزيارة النادرة للرئيس السوري بشار الاسد والملك عبدالله الى بيروت، قبل نحو عشرة ايام هدف أهم بكثير من تهدئة الخواطر فقط. الان يتبين بأن ما جاء بالزعيمين للتدخل في ما يجري في بيروت هو التهديد بأن حزب الله في الطريق الى تنفيذ انقلاب في لبنان بسبب النية لاتهامه باغتيال رفيق الحريري. الرسائل الفزعة عن نية حزب الله، الذي يشكل جزءا من حكومة الوحدة في لبنان، الاستيلاء على الحكم بالقوة جاءت من رئيس الوزراء سعد الحريري الذي طلب تدخل الملك السعودي. وحاول عبدالله تجنيد الرئيس الاسد، الذي وان كان وصل الى بيروت الا انه استعرض العضلات. وقال الاسد "لا يمكنني ان اقدم ضمانات لمستقبل حكومة لبنان او للوضع السياسي الى ان تعالج قضية لائحة الاتهام"، وبذلك فقد جسد نفوذه على حزب الله وألمح بموقفه في موضوع التحقيق في التصفية. وردا على ذلك وعد السعوديون ببذل كل ما في وسعهم كي يلغوا بشكل مطلق الاتهامات ضد حزب الله في موضوع التصفية. بفضل ذلك أجلت قيادة حزب الله الخطوة، الى ان يتبين اذا كانت السعودية ستفي بالمهمة. هذه التفاصيل العاصفة نشرها في صحيفة "الاخبار" اللبنانية ابراهيم أمين احد الصحفيين المقربين جدا من قيادة حزب الله وتحدث امين عن ان قيادة حزب الله قررت شن صراع حازم ضد النية باتهام المنظمة بتصفية رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري في العام 2005. في الاسابيع الاخيرة ألقى نصر الله بعدة خطابات أوضح فيها بأن منظمته لن تبقى هادئة بينما يتهم رجالها. واضافة الى ذلك، هدد نصرالله بأنه اذا رفعت ضد منظمته لائحة اتهام فان من شأن الامر ان يثير حربا اهلية. سعد الحريري، رئيس الحكومة اللبنانية الحالي وابن رئيس الوزراء المغدور، سارع الى التوجه الى سيده، المملكة السعودية. وذكر للملك عبدالله بأن سوريا هي الوحيدة التي يمكنها ان توقف حزب الله وأجيب بأن الملك سيحرص شخصيا على حل الوضع. بسبب خطورة الوضع توجه السعوديون الى الاسد، رغم التوتر السائد بين الدولتين في السنوات الاخيرة. وفي الشهر الماضي وصل الى دمشق الامير عبدالعزيز، نجل الملك السعودي كي يلتقي بالأسد. وفي اثناء الزيارة عقد لقاء ثلاثي بين الامير السعودي، الرئيس السوري ورئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، اوضح فيها الاسد بأنه لن يوافق على القاء المسؤولية عن اغتيال الحريري على عاتق حزب الله. منذ تلك الزيارة بدأ الامير بالتنسيق لوصول الملك السعودي الى الزيارة الاستثنائية الى دمشق. وقال الامير ان الملك السعودي معني بأن يرافقه الاسد في زيارة قصيرة الى بيروت كي يهدئا الخواطر هناك، فوافق الاسد، فقط بعد ضغط مارسه عليه الملك في اثناء حديث لثلاث ساعات بينهما في دمشق. وفي الغداة خرج الرجلان الى بيروت وعقدا هناك لقاءات مع القيادة اللبنانية وأحلا التهدئة المؤقتة للوضع، الذي كان قريبا من الانفجار في ضوء النية لاتهام حزب الله بتصفية الحريري. ومع ذلك، فان التهديد من جانب حزب الله لم يرفع وهو ينتظر نتائج لجنة التحقيق الدولية ، التي من المتوقع ان تتهم المنظمة بالتصفية. في بيروت واصل الاسد المناورة بين الطرفين وأوضح: "بكل صدق، لا يمكنني ان اقدم ضمانات لمصير حكومة لبنان اذا لم يعالج هذا الموقف". وعرض السعوديون اقتراحات فيها تحقيق تأجيل لموعد نشر لائحة الاتهام. أما حزب الله فأبلغ الاسد بأن التأجيل غير مقبول بالنسبة لها، وفقط عندها وعد الملك السعودي ببذل كل ما في وسعه قد يضع حدا للقصة نهائيا. وبعد ذلك فقط بدأ الجميع يتحدثون عن "الهدوء في لبنان". "السعودية استجابت لمطالبكم" قال السعوديون لسوريا وحزب الله. "نصرالله قرع أجراس التحذير، ونحن استجبنا. الان اعطونا المجال للعمل". في هذه المرحلة قررت قيادة حزب الله منح السعوديين الفرصة لحل الازمة غير أن من يعتقد بأن الهدوء عاد الى لبنان – مخطىء. فاذا لم ينجح السعوديون في توفير البضاعة، فان حزب الله يعتزم العودة الى خططه الاصلية – الاستيلاء على الحكم في الدولة.