خبر : مصر وغزة ..د. ناجى صادق شراب

الأحد 08 أغسطس 2010 05:32 م / بتوقيت القدس +2GMT
مصر وغزة ..د. ناجى صادق شراب



 أمن مصر مصلحة فلسطينية عليا :ايا كانت الجهات التى تقف وراء أطلاق الصواريخ  ألأخيرة من ألأراضى المصرية  ، وأيا كانت أصابع ألأتهامات ، ومن يتحمل المسؤولية عنها ، وتحميل المسؤولية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة للفصائل الفلسطينية رغم نفى هذه الفصائل لها ، فإن المحافظة على أمن مصر يشكل مصلحة وطنية فلسطينية عليا ـ فامن مصر محور وأساس للأمن القومى العربى كله ، وأى تهديد لأمن مصر ليس مجرد تهديد لمصر ، بل هو تهديد لأمن أمة بأكملها ، وحيث أن القضية الفلسطينية تقع فى قلب ألأمن ألعربى ، فإن هذا التهديد يضر بالقضية الفلسطينية ، ويحولها عن مساراتها العربية وهذا أمر غير مقبول فلسطينيا . ولا شك أن أى شكل من أشكال التوتر والتدهور فى العلاقات بين مصروغزة بإعتبارها جزءا صغيرا من قضية أكبر ، ستنعكس سلبياته على كل مظاهر الحياة فى غزة ، وعليه فالمحافظة على أمن مصر ، وإحترام مصر كدولة عربية مركزية قيادية فى قلب عالمها العربى ، مسالة حيوية ، وينبغى أن تترجم فى سلوكيات وأفعال حقيقية ، فعلى مدار تاريخ الصراع كله أرتبط مصير فلسطين بقوة مصر أو ضعفها ، وليس بقوة أو ضعف اى دولة اخرى . مصر دولة لها سيادتها على أرضها ن وتربطها أتفاقات وأستحقاقات دولية تحكمها رؤيتها لأمنها ومصالحها الحيوية ، كاى دولة أخرى ، وعليه الحفاظ وأدراك هذا ألمر ينبغى أن يشكل احد مدركات السلوك السياسى الفلسطينيى على كافة مستوياته. ومصر لفلسطين وللفلسطينيين ليست مجرد دولة عاديه ، وليست مجرد ممر للدخول والخروج ، بل هى أعمق وأبعد من ذلك ، حاضنه سياسيه وإقتصاديه وعمق إستراتيجى وإمتداد إجتماعى وعضوى يربط بين الشعبين الفلسطينى والمصرى ، وهى عمق تاريخى يمتد لألأف السنيين وإلى رسائل تل العمارنه التى طلب فيها الحاكم الكنعانى فى فلسطين الحماية من فرعون مصر آنذاك رمسيس الثانى . وهكذا ومنذ التاريخ إرتبطت التطورات السياسية فى فلسطين صعودا وهبوطا بقوة مصر او تراجع دور مصر إزاء فلسطين . وقد تبدو هذه العلاقة أكثر إلحاحا بالنسبة لهذا الجزء الصغير من فلسطين وأقصد قطاع غزه والذى قد إرتبط إرتباطا سياسيا وأمنيا وجغرافيا وإجتماعيا بمصر ، ولا يمكن تصور أى شكل من أشكال الكيانية السياسية فى غزه دون أن تكون حاضنته وعمقه السياسى وألأمنى مصر ، وفى هذا السياق لا يمكن أن تقارن العلاقة بمصر بأى علاقة مع أى دولة أخرى وذلك لأمرين مهمين إضافيين ألأول وهوالعمق والدور الحاضن الذى يوفر الهوية الذاتية لهذا الجزء من فلسطين وهو ما عملت وحرصت مصر عليه طوال إدارتها لقطاع غزه منذ العام 1956 ، وألأمر الثانى ان مصر تشكل الحاضنه الآمنه والحامية لقطاع غزه . لأن البديل ألأخر وهو إسرائيل يعنى إمتصاص وإحتواء هذا الجز ءفى كيان أوسع وأشمل يفقده هويته وإستقلاله السياسى والإقتصادى وحتى ألأمنى . وصحيح أن قطاع غزه يشكل البوابة الشرقية لمصر ومن مصلحة مصر أن يبقى هذا الجزء آمنا ومستقرا وبعيدا عن الوقوع فى يد قوة معاديه , إلا أن المعطيات الجغرافية والسياسية فرضت على القطاع أن لا يملك إلا هذا المنفذ البرى الوحيد عبر بوابة رفح المصرية ، فالقطاع محاصر من جميع المنافذ والمخارج البرية والبحرية وحتى الجوية من قبل إسرائيل ، ومخرجه الوحيد هو هذا المعبر الذى لا يزيد طوله عن عدد من الكيلومترات التى لا تزيد عن 14 كيلو مترا وبعمق يقل عن مائة متر مما يؤكد عمق ألإتصال والتواصل الجغرافى . وعليه تجاوزت العلاقات بين الشعبين العلاقات بين أى دولتين أو شعبين آخرين لتتعمق فى علاقات مصاهره وزواج وعمل وإقامه وتعايش مع كل المناسبات الوطنية وحتى الكروية لذلك تجد أبناء القطاع منقسمين الى جانب إنقساماتهم السياسية الطارئه الى مشجعيين كرويين بين الناديين الكبيرين ألأهلى والزمالك . ولكل هذه المحددات والمعطيات كان طبيعيا أن تولى مصر أولوية وإهتماما خاصا بشؤون القطاع وسكانه ولذلك ينظر أبناء القطاع دائما إلى مصر أن تقدم لهم المزيد من الخدمات والمواقف الحاضنه . وقد تصل  ألأمور فى العلاقة أن قطاع غزه يشكل المركز ألأساس وبؤرة العلاقات بين الشعبين ، وفى الوقت ذاته علينا أن ندرك أن لمصر دورها الإقليمى والدولى بحكم مكانتها القياديه فى العالم العربى ولإسلامى وأن لمصر رؤيتها لأمنها القومى ومحددات وإستحقاقات دولية  تحكم علاقاتها بالدول الأخرى ، وعلى القلسطينيين أن يتفهموا ذلك ، ولذلك أولى الخطوات الصحيحه فى علاقات متينه وقويه ومستمره وفى الوقت ذاته تخدم المصلحة الفلسطينية ومصلحة أبناء القطاع ان يكون قطاع غزه مكملا فى عناصر ألأمن القومى المصرى ,ان لا يشكل بأى حال من ألأحوال قاعده لأى تنظيم كالقاعدة وغيرها يمكن أن يعرض أمن مصر للخطر ، وأيضا ألإبتعاد عن كل الممارسات لتى قد تشكل إحراجا لمصر وخصوصا عبر ألأنفاق والتى قد تساهم فى تخفيف حالة الإختناق التى يتعرض لها سكان القطاع لكن بالإبتعاد عن الأنشطة التى تشكل خطرا كتجارة السلاح والمخدرات وغيرها . هذا ولقد إنعكست العلاقة بين قطاع غزه والشقيقة ألأكبر أو ألأكثر دقة ألأم الحاضنه لوليدها فى العديد من المجالات السياسية وألأمنية والإقتصادية والإنسانية ولا يتسع المجال هنا لتحديد هذه ألأبعاد ، فكانت مصر أول من أنشات لها سفارة فى القطاع ، الى جانب يعثتها ألأمنية الدائمه والتى ساهمت كثيرا فى تهدئة الصراعات بين القوى الفلسطينية وخصوصا بين حركتى فتح وحماس وكانت هذه المقار أشبه بالبيت الذى يلجأ اليه الفلسطينيون بحثا عن الحلول ، وأحتضنت مصر الحوارات الفلسطينية ووفرت لها الغطاء الكافى  ،ولعل لذلك من دلالات سياسية عميقه تؤكد عمق العلاقات وإستمرارها وتواصلها رغم كل الصعوبات والمعوقات التى قد تعترض طريقها . أعود ثانية على التأكيد على دور  مصر القومى إزاء القضية الفلسطينية ، وأهمية إستمراره دعما للشعب الفلسطينى وقضيته ، و لقد تزايد هذا الدور بعد فوز حماس فى ألإنتخابات الفلسطينية وسيطرتها الكامله على قطاع غزه وما صاحب ذلك من حصار وغلق كامل للمعابر مما فرض مسؤوليات متزايده على مصر وخصوصا نحو سكان القطاع الذين لم يعد لهم منفذا أو معبرا إلا مصر .ومنذ البداية إتخذت مصر موقفا واضحا ومحددا من هذه التطورات الفلسطينية بإنتهاج سياسة الخيارات المفتوحة وعدم قطع علاقاتها بالقطاع وسكانه وحتى بحركة حماس وهذا تفرضه كما أشرنا خصوصية العلاقه ، ولذلك حرصت على الدعوة المستمرة للحوار وتبنى أى لقاء بين القوى الفلسطينية . ومن هنا لا ينبغى تعريض هذه العلاقة فلسطينيا لأى شكل من أشكال التوتر لأى سبب, ففى مثل هذه قضايا يمكن أن تسوى ألأمور بطريقة عقلانيه هادئه بعيده كل البعد عن لغة الإنفعال . وكما ان الفلسطينيون حريصون على هذه العلاقات ، فبلا شك مصر حريصة عليها من منطلق أمنها وإلإعتبارات التى أشرنا إليها والتى تحكم علاقتها بقطاع غزه ، ولعل الخطوة ألأولىأن يبقى قطاع غزه منطقة داعمه ومسانده وآمنه لأمن مصر بإبتعادها عن كل ما يشكل خطرا والحيلولة دون أن يتحول القطاع إلى قاعده للعنف وتصديره ، وبدلا من ذلك علينا أن نفكر فى كيفية تطوير هذه العلاقات وتمتينها من خلال العديد من نماذج التكامل والتنسيق فى شتى المجالات ، وبقدرإدراك الفلسطينيون لكنه العلاقات بينهما وإدراك لدور مصر الإقليمى والدولى بقدر قيام مصربمسؤولياتها القومية إزاء القضية الفلسطينية وعلى وجه الخصوص قطاع غزه .أستاذ العلوم السياسية /جامعة ألزهر /غزهdrnagish@hotmail.com