غزة / سما / حصلت الطالبة سهاد أديب أبو كميل فلسطينية الجنسية مؤخراً على درجة الماجستير في الصحافة بتقدير امتياز في رسالتها العلمية التي حملت عنوان"الخطاب الصحفي الفلسطيني تجاه خطة إجلاء المستوطنين من قطاع غزة" من جامعة القاهرة –كلية الإعلام، إشراف أ.د.عواطف عبد الرحمن أستاذ الصحافة المتفرغ بكلية الإعلام جامعة القاهرة ومناقشة أ.د. محمود علم الدين رئيس قسم الصحافة بالكلية، وأ.د.حسن محمد وجيه أستاذ اللغويات والعلوم السياسية المشارك بجامعة الأزهر بالقاهرة. حيث يدخل البحث في مجال التحليل النقدي للخطاب CDA وهو مجال حديث يضم متخصصين من العلوم المختلفة، والأبحاث التي تدخل في نطاقه تكون دائماً من الأبحاث التي تتصدى لهيمنة القوة الجائرة في أي سياق للكشف عن أدوات استخدامها وتفكيك عناصرها وكشف الدعاية الخاصة بها من باب استجلاء الحقائق التي يتم طمسها بفعل العوامل التي تستخدم للهيمنة والتضليل، ومن ثم محاولة الإمساك بأساليب إدارة الأزمات والخروج إلي الأرضية السليمة وتوجيه التفاعلات إلي وجهة صحيحة بعيداً عن مربعات وفخاخ من يمارسون الهيمنة والتضليل. وفي هذه الرسالة استحدثت الباحثة مسمى "إجلاء المستوطنين" من قطاع غزة بعيداً عن المصطلحات التي تم تسويقها في تلك الفترة إعلامياُ، "كخطة الانسحاب" أو "خطة فك الارتباط" أو "خطة الفصل الأحادي الجانب"؛على اعتبار أن الخطة لا تتحدث عن انسحاب من كل قطاع غزة بل من مستوطنات في غزة، فضلاً أن الخطة تضمن سيطرة إسرائيلية عسكرية على الأجواء والمياه الإقليمية الفلسطينية، علاوة على أن إسرائيل لم تفك ارتباطها عن غزة لا عسكرياً ولا اقتصاديا. فالباحثة ترى أن الإعلام المحلي والعربي والدولي الذي احتفى "بالخطة تحت مسمى الانسحاب" على كونه انتصاراً لم يكن دقيقاً أو صحيحاً، لأنه بذلك لم يلتفت إلي الأهداف الحقيقية من وراء الإجلاء الإسرائيلي من القطاع، خاصة وتزامنه مع المصادقة على تصفية الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وتردي الأوضاع الأمنية الداخلية وانعكاسها على تردي شعبية حركة فتح مقابل فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية، وبداية لتعميق الانقسام الفلسطيني والذي تم المراهنة الإسرائيلية عليه قبل تنفيذ مخطط الإجلاء، تحت شعار"لا عنوان للفلسطينيين" . وتلخصت المشكلة البحثية في رصد وتحليل الخطاب الصحفي الفلسطيني إزاء إجلاء المستوطنين من قطاع غزة والقضايا المترتبة عليه، ومقارنة هذا الخطاب في صحيفتي "الحياة الجديدة" الحكومية و"الرسالة"الحزبية من جانب، والتعرف على أوجه الاتفاق والاختلاف بين مواقف القائمين بالاتصال في صحف العينة بإبراز القضايا محل الدراسة من جانب آخر، وذلك خلال الفترة الزمنية المحددة من أول إعلان إسرائيلي عن مخطط الإجلاء 1 ديسمبر 2003 وحتى تداعياته على وحدة الصف الفلسطيني (الانقسام الفلسطيني) 30 يناير 2008. وتركزت أهمية الدراسة في كونها الدراسة الأولى – على حد علم الباحثة- التي تجمع البعد الصحفي والسياسي في إطار تحليل الخطاب الصحفي الفلسطيني إزاء إجلاء المستوطنين من قطاع غزة. واستعانت الطالبة بالمدخل النقدي لتحليل وتفسير الخطاب الصحفي الفلسطيني إزاء الإجلاء في الصحف الفلسطينية، بهدف الوقوف على المصادر التي اعتمدت عليها الصحف في تغطية الخطة من ألفها إلي يائها، فضلاً عن قياس مدى التفاعل بين تطورات الخطة ميدانياً والمحيط الاجتماعي والسياسي والثقافي والتاريخي المصاحب لها. واستخدمت نظرية تحليل الإطار الإعلامي Framing Analysis؛ لتفسير أوجه الاتفاق والاختلاف بين الخطاب الصحفي لصحف الدراسة، والمقترحات التي طرحتها لتغطية تطورات المخطط وتداعياته. واعتمدت الباحثة في تحقيق وإنجاز أهداف الدراسة وتساؤلاتها على أسلوب التحليل الكيفي للخطاب الصحفي، وذلك من خلال توظيف ثلاث أدوات بحثية هي مسار البرهنة، تحليل القوى الفاعلة، والأطر المرجعية، في مواد الرأي المتمثلة في(المقال الافتتاحي- المقال التحليلي- العمودي- الحديث الصحفي). وأهم النتائج التي خلصت إليها الدراسة: - تفاوت الاهتمام في طبيعة تناول قضية إجلاء المستوطنين من قطاع غزة والقضايا المترتبة عليها في الخطاب الصحفي لصحيفتي الحياة الجديدة الحكومية والرسالة الحزبية في إطار تحليل مواد الرأي وإبراز الأطروحات المركزية والحجج والبراهين المدعمة لهذه القضايا، حيث انطلق الخطاب الصحفي من التوجه السياسي والأيديولوجي لصحف الدراسة. - كشفت الدراسة تعدد واختلاف الأطر المرجعية التي استند عليها منتجو الخطاب الصحفي لصحف العينة بشأن قضية إجلاء المستوطنين من قطاع غزة والقضايا التي ترتبت عليه، حيث لم يركز الخطاب المدروس على استخدام وتوظيف إطار واحد، بل عدداً من الأطر المرجعية المختلفة، وذلك وفقاً لطبيعة الحدث وأبعاده. - تقاربت مواقف كتّاب صحيفتي الدراسة بشأن خطورة الانقسام الفلسطيني ودوره في تعزيز ثقافة العنف الداخلي، الأمر الذي يمكن تفسيره بأن القاسم المشترك في هذه القضية الشائكة كان جلياً في مواقفهم ورفضهم ومعارضتهم له، رغم اختلاف التوجه الحزبي لكتّاب الصحيفتين. - ظهر توافق واضح بين نتائج الدراسة التحليلية ونتائج القائم بالاتصال من حيث الموقف من فوز حماس في الانتخابات التشريعية والانقسام الداخلي. حيث عزت نتائج الدراسة التحليلية لصحيفتي الحياة الجديدة والرسالة- رغم اختلاف توجههما السياسي- أسباب فوز حماس في الانتخابات التشريعية ومسببات الانقسام الداخلي الفلسطيني إلي تدهور الأوضاع الداخلية لحركة فتح وعجز الحكومة الفلسطينية عن ضبطها، مما سبب حالة من الاحتقان والاحتدام المسلح بين حركتي فتح وحماس، وهو ما تجسد في الانقسام الداخلي.