خبر : مهرجان غزة للمسرح.. بين الرقابة الذاتية والحصار

السبت 31 يوليو 2010 12:17 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مهرجان غزة للمسرح.. بين الرقابة الذاتية والحصار



غزة / سامي ابو سالم / على خشبة مسرح عسقلان تتناوب سبع فرق مسرحية لتقديم عروضها في إطار "مهرجان غزة للمسرح" الذي ينظمه الاتحاد العام للمراكز الثقافية.  وتعج مقاعد المسرح بالنظارة منهم المهتم والناقد أو المواطنون الذين بدا أنهم جاءوا لكسر حالة الملل التي يعيشونها في القطاع المحاصر.وتقدم الفرق أعمالاً محلية وعالمية يعالجون فيها الحالة الفلسطينية التي تعاني من الانقسام الداخلي عبر عروض تتناول قضايا انسانية وسياسية يعج بها المجتمع الفلسطيني بشكل عام والغزي بشكل خاص.  ركودوقال مدير المهرجان جمال أبو القمصان، إن الهدف من إقامة المهرجان الذي انطلق السبت الماضي ويستمر لمدة أسبوع هو إعادة تفعيل الحركة الثقافية والمسرحية في غزة بعد الانقسام الذي أدى إلى ركود في الحركة الثقافية.ويعيش الفلسطينيون في حالة انقسام منذ أن سيطرت حركة حماس الإسلامية على قطاع غزة بقوة السلاح بعد صدامات مع قوات الأمن في السلطة الفلسطينية في يونيو 2007.  وأشار إلى أن من أهداف المسرح أيضاً هو إعطاء الفرصة للهواة والمبتدئين الذين لم يجدوا فرصة لعرض مواهبهم وأعمالهم، للظهور على خشبة المسرح.وأضاف أبو القمصان أن سبعة مسرحيات يتم تقديمها في المهرجان منها نصان عالميان، "اللؤلؤة" للكاتب الأمريكي جون شتايبنك و"السجرة" عن مسرحية "غرينيكا" لفرناندو آرابال، والبقية لكتاب فلسطينيين.  الحصاروحول خلو المهرجان من فرق مسرحية عربية أو عالمية قال أبو القمصان لإذاعة هولندا العالمية إنه كان من المفترض دعوة فرق مسرحية من هولندا وألمانيا والنرويج ومصر والمغرب إلا أن الحصار الإسرائيلي ومشكلة المعابر ثنت الاتحاد عن المجازفة بجهود ضخمة ستبوء بالفشل.  وفي ما يتعلق بالمعيقات التي وقفت في وجه المهرجان أشار مدير المهرجان أن المعوقات تمثلت في عدة جوانب، منها لوجستية ومادية ومعنوية: "ليس هناك خشبة مسرح واحدة حقيقية، المسرح الوحيد الذي كان إلى حد ما مقبول هو مسرح الهلال الأحمر بمدينة غزة وقد دمرته الطائرات الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على غزة"وكانت اسرائيل شنت حربا (عملية الرصاص المصبوب) على غزة استمرت 22 يوماً أواخر ديسمبر 2008 قُتل فيها زهاء 1500 فلسطيني ودُمرت آلاف المنازل والمباني وفقاً للإحصاءات الفلسطينية.  طلعان روحربما كانت مسرحية "طلعان روح" خير نموذج للمعوقات اللوجستية، والمبتدئين في العمل المسرحي، حيث تخللها ارباك كان واضحاً للنظارة بسبب خلل في تقنيات الصوت والإضاءة. كما عكست حالة التيه التي يعيشها الوسط الثقافي حيث قدم الممثلون مشهداً يعرض حالة الإرباك الذهني في "ماذا سيقدمون للجمهور".وبعد انتهاء كل عرض يُفتح باب النقاش للجمهور والنقاد للتعليق على الأعمال، ليحتدم الوطيس بين مشيد ومبخّس في الأعمال التي وُصف بعضها بالهزيل ووُصف الآخر بأنه يستحق التقدير والاحترام.  وبعد انتهاء عرض "طلعان روح" وقف الممثل الشاب علاء الراعي منتشياً على بوابة مسرح عسقلان وكأنه حقق انجازاً بعرضه الأول أمام الجمهور الذي اكتظت بهم القاعة.وقال الراعي إنه ممتن جداً لمهرجان غزة للمسرح الذي أتاح له فرصة الظهور على خشبة المسرح للمرة الأولى في حياته."كان عندي موهبة المسرح لكن الظروف المحيطة بغزة لم تسمح لي بالوقوف على خشبة المسرح إلى أن أُعلن عن مهرجان غزة للمسرح وأتاح لي ولجميع زملائي في الفرقة لخوض تجربة حقيقية على خشبة المسرح."   الرقيب الذاتيوأسهب مدير المهرجان في الحديث عن "الرقيب الذاتي" الذي وضع حداً لحرية اختيار المواضيع أو طريقة عرضها في خلال المهرجان، "هناك خوف في غزة...نحن لدينا أكثر من حصار، وأخطرها الحصار الثقافي والحصار المعرفي، وهو أخطر وأصعب من الحصار المادي الذي نعيش... الأمر الذي يجبرنا على تقديم بعض المسرحيات بشكل ملتوٍ."  ولفت إلى شح التمويل منتقداً عدم الاهتمام الفلسطيني الرسمي بالمشهد الثقافي، وأشار إلى أنه تم تنظيم المهرجان بتمويل من الاتحاد الأوروبي وهو الأمر الذي يثير حفيظة الكثير من الغيورين على المسرح:"ليس هناك اهتمام كاف من المستوى الرسمي بالمسرح والأنشطة الثقافية، هناك أموال طائلة يتم انفاقها على الأمن وغيره مع أننا لسنا بحاجة إلى جيش... واضح أنهم لا يستثمرون في الانسان."  نصوص عالميةوحول تفضيل بعض المخرجين لأعمال عالمية قال المخرج المسرحي ناهض حنونة، مخرج مسرحية اللؤلؤة للكاتب الأمريكي جون شتايبنك، إنه فضل اللجوء إلى الأدب العالمي لغياب النصوص المسرحية الفلسطينية.وقال حنونة: "نفتقر للنصوص التي تلبي غرورنا وطموحنا، معظم ما نرى من أعمال يغلب عليها طابع الارتجال، وبالتالي تكون منقوصة، صحيح أن هناك نصوصا بأفكار قوية لكن هذه الأفكار لا تحتوي على بناء مسرحي قوي يسمح لنا بالبناء والتنفيذ على خشبة المسرح."  من جانبه قال الناقد المسرحي صلاح طافش إنه يدعم فكرة مهرجان غزة للمسرح لأن هذا النشاط هو عبارة عن إلقاء حجر في بركة راكدة. بيد أن التحفظ بدا واضحاً على حديث طافش الذي شدد على أن فعاليات من هذا القبيل يجب أن تخلق أجواء من المنافسة الحقيقية بين المسرحيين وبين العروض.  ولكون طافش جزءاً من لجنة التحكيم في المهرجان فضل الامتناع عن تقييم العروض المسرحية لكن امتعاظه بدا واضحاً، وربما كانت زلة لسان عندما قال "إن بعض الأعمال تصلح وبعضها لا يصلح للعرض."وأضاف طافش: "يجب أن نرتقي لمستوى الطموح لا أن نعرض أعمالا فقط، ويجب أن نصل إلى مستوى التصنيف، فللعمل الجيد أن يستمر والعمل الضعيف عليه أن يطور نفسه أو يختفي."وشدد طافش، الذي بدا عليه الامتعاظ، على أهمية "الارتقاء بحركة مسرحية محترفة ترتكز في أساسيات اعمالها على الجانب الأكاديمي الذي يُعتبر أساس قيادة حركة مسرحية تسعى لمحو الأمية المسرحية وتهدف للارتقاء بمستوى العاملين والمهتمين بالمسرح وتُفعّل شباك التذاكر."  عروض مجانيةوما زال شباك التذاكر "غير مفعّل" في غزة حيث يحضر الجمهور العروض مجانا سيما وأن الغالبية الساحقة من العروض المسرحية يتم انتاجها بتمويل أجنبي، فيتم دعوة الجمهور عبر مؤسسات المجتمع المدني وفي وسائل الإعلام، والأكثر من ذلك أن بعض العروض يتم توفير المواصلات فيها للمشاهدين، الأمر الذي يعكس غياب ثقافة المسرح لدى الجمهور.  صراخ الأطفالوتتسم العروض المسرحية في غزة باصطحاب الأطفال الذين يزعجون الجمهور بصراخهم أو تحركهم بين النظارة ما يسبب امتعاظاً لدى المهتمين.وقال المواطن خالد العسكري، الذي حضر بعض عروض المهرجان بما فيها "طلعان روح"، إن تنظيم مهرجان للمسرح في غزة خطوة في غاية الأهمية وتستحق التقدير."أنا فعلا سعيد بذلك سيما وأن الوضع السياسي في غزة جمّد الحالة الثقافية، لكن لا يخلو الأمر من منغصات، الجمهور بحاجة لتثقيف، إن مسرحية طلعان روح كانت اسما على مسمى بسبب الأطفال الذين شتتوا انتباهي. يجب عدم اصطحابهم للمسرح."