لم تكن وثيقة الاستقلال ولم تخلق. إن الوثيقة التي قرأها دافيد بن غوريون في متحف تل ابيب في الخامس من آيار 1948 ووقع عليها 37 من أعضاء مجلس الشعب سميت "إعلان إقامة دولة اسرائيل"، وليس صدفة. ففيها تصريح بين على الملأ بـ "اقامة دولة يهودية في أرض اسرائيل"، "تكون قائمة على أسس الحرية والعدل والسلام في ضوء رؤيا أنبياء اسرائيل" و "تقيم المساواة في الحقوق الاجتماعية والسياسية الخالصة بين كل مواطنيها بلا فرق دين وعرق وجنس". من المهم أن نذكر هذا وبين أيدينا الجدل الذي يجري الآن والذي يتعلق بالتصريح بالولاء لمن يريدون الحصول على الجنسية في اسرائيل. طلب الى هؤلاء الطالبين حتى الان "قسم الولاء لدولة اسرائيل"، ويقترح كثيرون الان، وعلى رأسهم وزير العدل، أن يتناول قسم الولاء "دولة اسرائيل على أنها دولة يهودية وديمقراطية". وحجتهم ان الحديث على نحو عام عن مهاجرين عرب يتزوجون بمواطنين اسرائيليين، ويفترض ان تقتلع الصيغة المقترحة من أذهانهم في تغيير صبغة الدولة أو جعلهم يتخلون عن الجنسية. هذه الحجة داحضة من أساسها. فأصحاب النية الخبيثة لن يخافوا القسم الكاذب، والباحثون عن الراحة سيسلمون للقضاء بغير شعور بالتزام خاص له. أما النضال المهم الحيوي لكل المعترضين على شرعية دولة اسرائيل على انها الدولة القومية للشعب اليهودي فلن يقدم بسبب تعديل تصريح الولاء حتى بعشر مليمتر. لن يغير هؤلاء المعترضون آراءهم بسبب زيادة بضع كلمات على تصريح الولاء، الذي سيعطى أصلا على عداوة وبغير صدق. من الجهة العملية، تغيير قسم الولاء لطالبي الجنسية ليست اليه حاجة البتة، ويزيد على اشتعال علاقات اليهود بالعرب في اسرائيل فقط. من جهة أخرى يمكن على التحقيق تغيير قسم الولاء المذكور، وأن نمضي بذلك في طريق ديمقراطيات متنورة سليمة. وكما بين شلومو افنيري أول من أمس، لا تكتفي الولايات المتحدة وبريطانيا والنرويج واستراليا وسلسلة طويلة من الدول المفتوحة للهجرة بتعبير مواطنيها الجدد عن ولائهم، بل تفرض عليهم التزام الولاء لطائفة ما من القيم الأساسية. لا يوجد في الصعيد المبدئي شيء مرفوض في تغيير يمين الولاء لطالب الجنسية الاسرائيلي، لكن لا توجد أي ضرورة ومنطق في فعل ذلك بواسطة زيادة "على أنها دولة يهودية وديمقراطية". وليس هذا فقط كي لا نغضب مواطنين عربا اسرائيليين "لغير شيء". بل لأن "على أنها دولة" تعني "مثل دولة" (ولا يوجد سبب يدعو الى ان نقول في مقام رسمي اننا "مثل"). ولأنه يوجد أيضا تضخم – ولهذا ترخيص – لاستعمال هذا التعبير. ولأن تكراره يشهد على عدم الثقة الذاتية بما هو مفهوم من تلقاء نفسه. ولسبب الأخير نرفض أيضا اقتراح مركز متسيلا ان يطلب الى المتجنسين قبول "شرعية دولة اسرائيل". فالدولة التي تحترم نفسها لا تستطيع ان تعرض على مواطنيها – وعلى العالم كله – شرعيتها على انها شيء مختلف فيه ويحتاج الى تصديقه من جديد. وهكذا نعود الى الاعلان باقامة دولة اسرائيل، الذي جاء فيه كل ما يجب على المواطن الاسرائيلي احترامه وقبوله. إنه شهادة الولادة الرسمية لهذه الدولة، التي حظيت باعتراف دولي أيضا. ومن المؤسف جدا أنه كان يجب منحها فعلها لا بتوقيع مشرعين مؤقتين فحسب بل بالدم والنار وانشاء الحقائق. وللأسف الشديد نحن لا نقيم كل ما جاء فيها. لكن من ينكرها يشهد على نفسه وهو مرفوض للجنسية الاسرائيلية. اذا غيرنا تصريح ولاء المتجنسين، فمن الكافي والمهم ان يشتمل على الاخلاص لما كتب في اعلان انشاء الدولة. اذا كان هذا يعني أن يردد المتجنسون مضمون هذا الاعلان بل يمتحنون في ذلك – فليكن.