تنهمر الدموع من العيون التي ذبلت من كثرة السهر وبذل الجهد وشد الأعصاب والقلق النفسي والاجتماعي، دموع فرح الأوائل و الناجحين الذين ما ان سمعوا أسمائهم حتى طاروا في الهواء لينزلوا على الأرض ثابتين واقفين تتلقفهم الأذرع والأحضان الحنونة مقبلة وماسحة بحنان على الشعر والظهر وتعلوا الزغاريد وتوزع الحلوى وتقام الولائم والاحتفالات فالبيت الصغير يتمدد من كثرة المهنئين والمباركين انها الفرحة الحقيقية فرحة الثانوية العامة حيث الامتحان المنتظر الذي تقدمه العائلة الفلسطينية بأكملها وليس ابنها او بنتها فحسب ......انقضت ساعات الجد والاجتهاد والمثابرة والنضال والكفاح الذي لا يوصف سواء هنا في غزة حيث مشكلة الكهرباء التي حلت ضيفا ثقيل الدم في كل بيت وخاصة مع دخول الساعات الأولى للامتحانات، فعاش الطلبة العتمة فأناروها بشموع الألم والأمل، عاشوا ضجيج المولدات الكهربائية فكتموها بغطاء الصبر والاحتساب ، عاشوا مجزرة أسطول الحرية فثبتوا في مقاعدهم ثبات الجبال الرواسي المشرئبة في عنان السماء دون ان تنحني لهم هامة أو تنكسر لهم قناة متيمنين صمود وبطولات أسطول الحرية، عاشوا زيارة عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية لفلسطين فاستبشروا خيرا وحلموا بان نتائجهم هذا العام ستزين ثوب الوفاق السياسي والمصالحة الوطنية التي عبرت عنها تصريحات الأمين العام المشجعة والمتفائلة ومما زاد من فرحتهم اتصال السيد عمرو موسى السريع من القاهرة اثر الزيارة إلى دولة رئيس الوزراء الفلسطيني الدكتور إسماعيل هنية و ما حمله من بشريات مفادها موافقة الرئيسين المصري والفلسطيني على المبادرة الحكومية التي حملها من غزة، عاش الطلبة تلك الأيام العصيبة والساخنة و الصعبة والطويلة والتي لم تكن بأقل درجة حرارة من درجة حرارة امتحانات التربية الدينية والرياضيات (1) والفيزياء والتكنولوجيا.أما هناك في الضفة فلم يكن الحال بأفضل من قطاع غزة رغم ان الشعب هناك لا يعاني الحصار السياسي والاقتصادي والاجتماعي إلا انه يعيش حصارا آخر الحصار الإرهابي والفكري الذي طال كل بيت ومؤسسة ونادي، فلم يسلم الرجل ولا المرأة ولا الطفل ولم تراع حرمة لأي شيء فقد أغلقت المؤسسات الخيرية التي يعتاش من ورائها الكثير من الطلبة المحتاجين والفقراء وزج المجاهدون والأنصار والمتعاطفون حتى البنات و النساء والأمهات في السجون وغيبوا وراء القضبان، فاستشهد من استشهد وشوه من شوه وخرج بعاهات مستديمة من خرج ولم تكن قصة الشاب هيثم عبد الله عبد الرحمن عمرو (33 عاماً) الأخيرة التي يكشف عنها الغطاء حيث تم توقيفه بتاريخ 11/6/2009 من قبل جهاز المخابرات بتهمة الانتماء لحركة حماس والذي قتل بعد اربعة ايام فقط من اعتقاله أي في 15/6/2009 والذي قضت المحكمة العسكرية الدائمة لجنوب المحافظات الشمالية، بإلزام جهاز المخابرات الفلسطيني بدفع تعويضات لعائلته من منطقة جنوب الخليل، وتبرئة خمسة متهمين من جهاز المخابرات من تهمة التسبب بموت ، وانتشرت الرزيلة والفساد الأخلاقي حتى وصل الأمر بالشرطة الفلسطينية في الضفة تحت ضغط الأهالي وأولياء الأمور بالقيام بحملة ضد طلبة الثانوية والأحداث لتعاطيهم الخمور والمخدرات في الشوارع جهارا نهارا ولولا الشكوى لما كانت تلك الحملة، و الاقتحامات الليلية التي يقوم بها الاحتلال ليلا ونهارا وعلى مدار الساعة تنفيذا لأجندة التعاون الأمني السافر بين الأجهزة الأمنية والجيش الإسرائيلي حيث تم الاتفاق بينهما مؤخرا على عدم إحراج السلطة وطنيا وسياسيا في اعتقال المجاهدين فالسلطة تقدم العمل ألاستخباراتي الأمني والاحتلال يقوم بدور الاعتقال كما حدث مع خلية حماس الأخيرة التي نفذت عملية الخليل قبل شهر والتي سلم أفرادها بدون ضجيج أو ضوضاء، كما تم فصل العديد من المعلمين أصحاب الخبرة والكفاءة والمهارة، كل هذا عاشه طلبة الضفة الغربية على أعصابهم وأمام أعينهم كون الفئة التي يستهدفها الإرهاب الصهيوني والمتصهينين معه من الفلسطينيين هم أولياء أمور الطلبة كالأب والأم والأخ والأخت والخال والعم وابن العم وابن الخال و...ورغم كل المحن والابتلاءات في غزة والضفة رغم تنوعها كما وكيفا ورغم تنوع فاعلها ومن يقف وراءها إلا أن الطلبة أصروا على الثبات والمضي قدما في طريق العلم والدراسة والاجتهاد وقبلوا التحدي وخاضوا المعركة بكل صدق وإخلاص وتسلحوا بالإيمان والعلم وسلكوا درب الأنبياء والشهداء والعلماء فجاء النصر سريعا عبر إعلان النتائج التي كشفت تقدما كما ونوعا عن السنة الماضية بمعدل 4% وهذه نسبة تعتبر نسبة ايجابية من وجهة نظر البحث العلمي تعزى لأكثر من عامل وفي مقدمتها إصرار الطلبة على التحدي والنجاح، فكان ما كان فألف مبروك للناجحين والمتفوقين والأوائل، وانحسارا وانكسارا و وذلا وعارا وخيبة لأولئك الذين يتربصون بنا وبأبناء شعبنا وبطلبتنا عنوان مستقبلنا.