خبر : بين المفاوضات والمقاومة ..د.ناجى صادق شراب

الخميس 08 يوليو 2010 10:24 ص / بتوقيت القدس +2GMT
 بين المفاوضات والمقاومة ..د.ناجى صادق شراب



                                              عادت المصالحة الفلسطينية الى الدوران حول نفسها من جديد، ووصلت الى حالة من ألأنسداد فى ألأفق السياسى ، وعدم القدرة على الحراك الذاتى النابع من المصلحة الوطنية الفلسطينية ، ولا يبدو أن فى انسداد المصالحة بالأمر الغريب أو المفاجئ، لأن القضية الفلسطينية مرهونة وهذه المرة بأيد أصحابها لحسابات أقليمية ودولية ، وأن القرار الفلسطينى غير قادر على التحرر من التنافسات ألأقليمية وتوازنات القوى ألأقليمية والدولية ، فالقضية الفلسطينية قضية تنافس أقليمى ، وهى البوابة الواسعة لقيام أى دولة بدور أقليمى مؤثر، والمفارقة التى أريد ان أحذر منها أو اخشى أن تكون هو ان تتحول القضية الفلسطينية الى أداة ووسيلة من قبل أصحابها للدول الطامحة للعب دور أقليمى ، وبدلا من أن تصبح قضية قومية ، تصبح وسيلة من خلالها تقوم الدول بقدرتها على التاهيل لقيام بهذا الدور ألأقليمى . وحيث أن المصالحة تقع فى قلب القضية الفلسطينية ، وتشكل مكونا رئيسيا من مكونات القضية الفلسطينية ، تصبح المصالحة ليست شأنا فلسطينيا بقدر ما تصبح شأنا اقليميا ودوليا. هذا والأعلان عن ان المصالحة عادت الى مربعها ألأول أو الى قبل ما تبدا لدليل قوى على صحة فرضية أن القوتين الرئيسيتين فتح وحماس غير متعجلتين من أمرهما ، فهما بمقاييس الكسب والخسارة ، قد يكون الكسب أكبر من الخسارة لكل منهما ، فمن ناحية فتح فى الضفة الغربية ألأكبر مساحة والأكثر سكانا ،والأكثر مالا ومواردا ، تعمل بدون حماس ، ونفس الشئ فى غزة حماس تحكم وتسيطر وتتحكم فى كل مصادر القوة دون فتح ، وحيث أن الكل يدرك أن ألأحتلال ما زال قائما ، وان الدولة مازالت بعيده ، فلا ضرر من أستمرار الحال على ما هو عليه من أنقسام . وفى اللحظة التى قد يشعر فيها الطرفان بحجم الضرر أكبر من المكسب ، عندها يمكن مراجعة  وأعادة تقييم المواقف ، فمازال الطرفان يحكمان فى ظل مباراة غير صفرية كل فى منطقته ، وعندما تصبح المباراة صفرية يمكن أن يتم التقدم خطوة نحو المصالحة . ومن ناحية أخرى ألأعلان على أن المصالحة وصلت لطريق مسدود تأكيد على صدقية فرضية أن القرار الفلسطينى رهن للمؤثرات والمنافسات ألأقليمية والدولية ، ومما زاد ألأمر تعقيدا أن القضية الفلسطينية لم تعد تخضع فقط للحسابات العربية العربية فقط ، بل باتت تخضع لحسابات التنافس على مستوى القوى ألألقليمية المجاورة ، وهذا من شأنه أن يعقد من قضية المصالحة ، فطالما بقيت المصالحة غائبة على مستوى الدول المحورية و المتنافسة على دور أقليمى أكبر ، طالما بقيت المصالحة الفلسطينية أيضا غائبه.ومن ناحية ثالثه تقف وراء عدم المصالحة فجوة من عدم الثقة ، بل يمكن القول فجوة من الكراهية الشخصية بين أفراد النخب السياسية على مستوى كل منهما .ويمكن للمراقب للشأن الفلسطينى أن يعدد الكثير من العوامل التى تقف وراء جمود المصالحة أو بعبارة أدق عدم الرغبة فى المصالحة فى الوقت الراهن ، وأبسطها وأوجزها أن هناك مصلحة تنظيمية لأستمرار خيار ألأنقسام السياسى ، والتفرد فى الحكم والسلطة .لكن للأنقسام وفشل المصالحة وجه آخر يرتبط بالخيارين الرئيسيين لكل من فتح وحماس ، خيار المفاوضات ، وخيار المقاومة . وبينهما المصالحة ضائعة .والفارق بين المفاوضات والمقاومة فارق زمنى مهم ، فالمفاوضات لا يمكن ان تستمر الى ما لانهاية ، ولا بد من ربطها بعامل الزمن ، وعامل الزمن هذا محكوم فى النهاية بعاملين أستمرار الرئيس عباس فى الرئاسة ، وأستمرار أدارة الرئيس أوباما ، فهنا العامل الزمنى قصير ، ولا ضرر من عدم ألأستعجال فى المصالحة حتى نرى ماذا يمكن أن تأتى به هذه المفاوضات ، وأما خيار المقاومة فيرتبط بعامل ألأحتلال ، ولا ضرر من هدنة مؤقتة طويلة ، لكن هذا لا يعنى تراجع أو التخلى عن خيار المقاومة ، وفى هذا ألأطار السلطة الفلسطينية تريد المصالحة مع المفاوضات ، وحماس تريد المصالحة مع المقاومة .والسؤال هل يمكن التوفيق بين الخيارين مع المصالحة ؟ هذه هى معضلة المصالحة الحقيقية . فبالنسبة للرئاسة والسلطة والحكومة فى الضفة الغربية الخيار الرئيس هو خيار المفاوضات والمقاومة الشعبية ، والمفاوضات هنا تلعب دور المتغير الرئيس والمصالحة دور المتغير التابع ، ونفس الشئ بالنسبة لحركة حماس وحكومتها فى غزة خيار المقاومة خيار ومتغير رئيس ، وعند المفاضلة بين المقاومة والمصالحة سيكون ألأختيار للمقاومة ، وفى كلا الخيارين يبدو أن متغير المصالحة متغير تابع فى خياراتهما الرئيسية . ولا شك أن هذه قراءة وتفسير معكوس ، بمعنى لا المفاوضات ، ولا المقاومة يمكن ان تتحق ألأهداف المطلوبة منها دون خيار المصالحة ، فمفاوضات دون مصالحة تبقى خيارا ضعيفا ، والمقاومة ايضا بدون مصالحة ستبقى خيارا ضعيفا ، وهو ما يؤكده الواقع الفلسطينى السائد ، فالمقاومة غائبه أو مؤجله ، والمفاوضات تائهة  بين التعنت ألأسرائيلى وعدم القدرة ألأمريكية وبين الضعف الفلسطينى..  |أكاديمى وكاتب عربى DRNAGISH@GMAIL.COM