اجتماع الدول المانحة للسلطة الفلسطينية في باريس بتاريخ 1/7 ، قرر إلى جانب دعم السلطة في مشروعها بالضفة الغربية الرامي لبناء مؤسسات السلطة على طريق إنشاء دولة فلسطينية بعد عام من الآن ، عدم موافقته على إبقاء الأوضاع في قطاع غزة كما هي فيما يتعلق بالحصار ،ومطالبة إسرائيل بالإسراع في بلورة قائمة الممنوعات بصورة واضحة و " شفافة " وذلك بدلاً من قائمة المسموحات والتي لم تكن تتجاوز ال 35 سلعة بعد الإجراءات المشددة التي فرضتها إسرائيل على قطاع غزة في منتصف حزيران عام 2007 والذي اتبع بقرار من الحكومة الإسرائيلية في سبتمبر من ذات العام حيث تم اعتبار قطاع غزة منطقة معادية .الواضح من القرار الخاص بالحصار على غزة أنه يأتي امتداداً لقرار مجموعة الدول الصناعية الثمانية التي عقدت اجتماعها مؤخراً في مدينة تورنتو بكندا وبنفس المضمون ، كما يأتي استجابة لتوجهات الحكومة الإسرائيلية اليمنية برئاسة نتنياهو والهادفة أي تلك الإجراءات الجديدة إلى امتصاص النقمة العالمية بعد حادثة أسطول الحرية ، حيث تصاعدت حدة التحركات الشعبية الواسعة والتي اخترقت عواصم بلدان أوروبا والولايات المتحدة في مطلب شعبي ودولي واضح يرمي إلى انهاء الحصار بصورة شاملة عن قطاع غزة والسماح بفتح المعابر كافة ، بما يضمن حرية التبادل التجاري والحركة للبضائع والافراد ، علماً بأن العديد من الهيئات الرسمية وشبه الرسمية أكدت على ذلك بما أن الحصار يشكل انتهاكاً فظاً للقانون الدولي ولوثيقة جنيف الرابعة ويشكل عقاباً جماعياً على شعبنا ، حيث أصدر وزراء خارجية بلدان الاتحاد الأوروبي بياناً باجتماعهم الأخير يؤكد على عدم شرعية الحصار وضرورة إنهاؤه ورفعه بدون شروط كما أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون بأن الحصار لم يعد مقبولاً ولا بد من رفعه ،كما شدد على عدم شرعية وقانونية ذلك العديد من المؤسسات الحقوقية الدولية ، بما في ذلك مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الذي شكل لجنة تحقيق لمتابعة المتورطين من الاسرائيلين في جريمة أسطول الحرية ، وكذلك بيان اللجنة الدولية للصليب الأحمر الذي أكد على عدم قانونية الحصار أيضاً .إن اختزال الحصار بإجراءات " تحسينه " لإدخال بعض البضائع يشكل التفافاً واضحاً على الإرادة الشعبية والدولية ، و تحايلاً على نداءات المجتمع الدولي ، علماً بأن المواد التي قررت اسرائيل السماح بإدخالها حتى الآن لم تتعد بعض المواد الاستهلاكية مثل " الشكولاتة والمايونيز والسكاكر ....إلخ " من المواد التي هي اصلاً متوفرة بالأسواق من خلال ما يجلب عبر الأنفاق ، أما المواد الخام اللازمة لعملية الإنتاج والبناء وتطوير البنية التحتية فهي ما زالت تحت الدراسة ، حيث أن إسرائيل بدأت تخدع العالم بأن هناك مواد " مزدوجة " الاستخدام ، حيث من الممكن ان تستخدم لأعمال المقاومة ، فهي تحاول استغلال هذا البند " المواد مزدوجة الاستخدام " بهدف الإبقاء على الحصار ومن اجل إنقاذ نفسها من الضغوطات الدولية ورفع الحصار عن ذاتها بدلاً من رفع الحصار عن شعبنا بالقطاع .الغريب بالأمر أن مبعوث اللجنة الرباعية الدولية السيد " توني بلير " والذي يفترض أن يمثل موقف الأغلبية من أعضاء اللجنة ، هو يتصرف كممثل للإدارة الأمريكية فقط ، حيث بات من المعروف أن مواقف كل من أوروبا والأمم المتحدة يدفع باتجاه رفع الحصار الجائر والعقاب الجماعي بصورة شاملة عن قطاع غزة ، كما أن موقف الاتحاد الروسي هو موقف معروف سلفاً ولا جدال في تأييده لإنهاء الحصار ، يبقى موقف الولايات المتحدة التي ما زالت تحمي إسرائيل وترفع الفيتو تجاه أي قرار يطالبها بإنهاء حصارها عن القطاع أو يرمي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية تعمل على محاسبة المتورطين من الإسرائيليين في أعمال القرصنة وجرائم الحرب ، كما تدفع باتجاه استمرارية التفوق العسكري الإسرائيلي واستمرارية عضويتها بالمحافل الدولية في مواجهة حركة المقاطعة التي تتصاعد بوتائر عالية في أرجاء المعمورة عبر قوى التضامن الشعبي الدولي التي تطالب بعزل إسرائيل وفرض عقوبات عليها بوصفها تتعامل مع نفسها كدولة فوق القانون .فهل السيد " بلير " يمثل موقف الأغلبية من الرباعية الدولية أو موقف الإدارة الأمريكية فقط ؟؟،، وهل من الحكمة إدارة الظهر للإرادة الدولية الشعبية والرسمية من أجل الاستمرار في تمرير السياسات الاسرائيلية ومن ضمنها خدعة " الحصار الشفاف " الذي يعمل على استبدال قائمة المسموحات بالممنوعات ؟؟ إننا وفي منظمات المجتمع المدني لا نطالب أكثر من تنفيذ القانون الدولي الإنساني والذي يتعامل مع حصار قطاع غزة كعقاب جماعي مرفوض وبالتالي لن تخدعنا السياسات الالتفافية على الإرادة الشعبية والدولية ، والمطلوب أن يقف المجتمع الدولي أمام مسؤولياته دون الدخول في دهاليز التفسيرات الإجرائية للحصار ، فأما ان يشرع هذا المجتمع الحصار ويقف إلى جانب المحتل أو ان ينحاز لشعبنا الذي لا يطالب أكثر من تطبيق القانون الدولي بما يشمل رفع يد الاحتلال عن كافة معابر القطاع وبما يكفل التواصل مع الشق الثاني بالوطن أي مع الضفة الغربية ومع بلدان العالم العربي والدولي ، حيث بات مطلوباً وبصورة ملحة ولا تقبل التأويل الإقرار بعدم قانونية الحصار دون إجراءات التفافية غير مبررة ؟؟ من الملاحظ ان الرباعية الدولية تطالب إسرائيل ببلورة قائمة وبصورة سريعة " شفافة " للممنوعات ، وما يدعو للسخرية ان هناك ابتكاراً نوعياً لحالة الحصار وهو " الشفافية " في تحديد الممنوعات ، وكأن قيام إسرائيل بذلك يعتبر انجازاً وعليه فإن مصطلح الشفافية الذي كان يستخدم لصالح الحكم الصالح والرشيد ، أصبح يستخدم لصالح تشريع الحصار هذه المرة ؟؟ .