خبر : حماس... ما بعد الحكم ...وما قبل الغربلة..!! .. بقلم: عماد عفانه

الإثنين 28 يونيو 2010 03:37 م / بتوقيت القدس +2GMT
حماس... ما بعد الحكم ...وما قبل الغربلة..!! .. بقلم: عماد عفانه



شهدت حركة المقاومة الإسلامية حماس ومنذ فوزها بالانتخابات التشريعية 2006م وتبوؤها لسدة الحكم إقبالا كبيرا من الناس على الانتساب إليها. وانقسم هؤلاء المنتسبون الجدد بين : -         راغب في الانتماء لهذه الحركة لما رأى منها من صدق انتماء لله وللوطن وتضحياتها الجسام في سبيل ذلك حيث فقدت أغلب قيادتها التاريخية في اقل من عام واحد. -         وبين راغب في الانتماء لهذه الحركة رغبة في الاستفادة من غنائم الحكم كالطمع في وظيفة، أو منصب، أو رتبة. -         وبين منتسب لهذه الحركة أو عاملا معها اتقاءً لشر يتوخاه. دخلت حماس الحكم تحت شعار التغيير والإصلاح، وهذا الشعار - التغيير والإصلاح-  يعني استبعاد كل مسببات وعوامل الفساد والإفساد من السلطة الجديدة، عبر الفصد والحجامة لإخراج كل الدم الفاسد من جسد الحكم الجديد. وقد دخلت حماس لتدير شؤون الحكم للمرة الأولى في تاريخها حيث لم تكن مستعدة لذلك البتة، فلجأت للاستعانة على شؤون الحكم برجال وكوادر عملوا إبان الحكم السابق، وهؤلاء وإن كان فيهم مخلصون كثر ففيهم أيضا فاسدون كثر، لجأوا  للعمل مع حماس طمعا في مغنم أو اتقاءً لمغرم. إلا أن هؤلاء بقوا كالدم الفاسد في الجسد حتى وان تعامل الجسد معه وبنى عليه فسيبقى لهم آثار جانبيه سلبية ليس أقلها تعليم أبناء حماس في المفاصل المختلفة أحابيل والأعيب استغلال المواقع والنفوذ والمناصب لتحقيق مآرب شخصية أو جهوية، ما أثر سلبا على مشروع حماس في الحكم وهو ما اصطلحت عليه حماس بـ ( بعض الأخطاء) التي لا تؤثر على دفة السفينة نحو وجهتها المحتومة. إلا أن ( بعض الأخطاء ) هذه فتحت بابا واسعا للنيل من حماس ومن نزاهتها ومن عدالتها في الحكم، الأمر الذي استنزف كثير من وقت ومال وجهد حماس للدفاع عن نفسها ولتجلية الصورة للمقربين قبل الأبعدين بدلا من إنفاق هذا الوقت والمال والجهد في مسيرة البناء والتغيير والإصلاح. ويطرح البعض تساؤلا مشروعا، هل حماس على ما هي عليه الآن هل هي مرشحة وقادرة على تحقيق الانتصار..!! ويجيب البعض على التساؤل قائلا: أن مشروع حماس أصلا ليس مشروع تحرير بل مشروع مقاومة واستنهاض للأمة تطبيقا لموعود الله تعالى في أن التحرير يكون بعد مقتلة عظيمة أنتم شرقي النهر وهم غربيه. لكن هل هذا يعني أن لا تعمل حماس على تنقية صفها من الخبث لاستبعاد العناصر الفاسدة، وأن لا تعمل على تجويد تجربتها في الحكم لتضرب مثالا مشجعا للأمة الإسلامية للإسراع في الاقتداء بها. فان الله تعالى منع القطر عن بني إسرائيل رغم وجود موسى عليه السلام بينهم لذنب أذنبه أحدهم، واشترط الله توبة هذا المذنب لنزول المطر، ولم ينزل المطر حتى تاب ذلك الرجل الذي ستره الله تعالى ولم يطلع على اسمه أحد حتى سيدنا موسى عليه السلام. كما أن الله تعالى ضرب لنا المثل في قصة سيدنا طالوت وقومه حيث سار الجيش طويلا حتى أحس الجنود بالعطش.. فقال طالوت لجنوده: سنصادف نهرا في الطريق، فمن شرب منه فليخرج من الجيش، ومن لم يذقه وإنما بل ريقه فقط فليبق معي في الجيش.. وها هي حماس تمر بذات النهر ألا وهو الحكم والسلطة والمال والنفوذ والسطوة والقوة، وها هم أبناء حماس يشربون من نهر الحكم والسلطة حتى ارتوى بعضهم. وجاء النهر فشرب معظم الجنود، وخرجوا من الجيش، وكان طالوت قد أعد هذا الامتحان ليعرف من يطيعه من الجنود ومن يعصاه، وليعرف أيهم قوي الإرادة ويتحمل العطش، وأيهم ضعيف الإرادة ويستسلم بسرعة. لم يبق إلا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا، لكن جميعهم من الشجعان. فهل تعمل حماس على غربلة صفها لتعرف المخلص من صاحب الهوى والغرض، ولتعلم طالب الآخرة من طالب الدنيا، ولتدرك جيدا كم هي قوتها الحقيقية من رجالها الشجعان القادرين بعد توفيق الله تعالى على القيام بمهمتها الجليلة في المقاومة وعبئ الاستنهاض. كان عدد أفراد جيش طالوت قليلا، وكان جيش العدو كبيرا وقويا.. فشعر بعض -هؤلاء الصفوة- أنهم أضعف من جالوت وجيشه وقالوا: كيف نهزم هذا الجيش الجبار..؟‍‍‍‍‍‍‍‍‍! تماما كما هو حالنا مع بني إسرائيل الجدد الذي يختالون علينا وعلى العالم أجمع بخيلائهم وقوتهم وسلاحهم وعربدتهم. قال المؤمنون من جيش طالوت: النصر ليس بالعدة والعتاد، إنما النصر من عند الله.. (كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ).. فثبّتوهم. وها هي المقاومة في لبنان والمقاومة في غزة تذيق جيش العدو ويلات الهزيمة، وإن كان النصر ليس ساحقا بل هو فراش النهاية لهذا الكيان بإذن الله تعالى. وبرز جالوت في دروعه الحديدية وسلاحه، وهو يطلب أحدا يبارزه.. وخاف منه جنود طالوت جميعا.. وهنا برز من جيش طالوت راعي غنم صغير هو داود.. كان داود مؤمنا بالله، وكان يعلم أن الإيمان بالله هو القوة الحقيقية في هذا الكون، وأن العبرة ليست بكثرة السلاح، ولا ضخامة الجسم ومظهر الباطل. وها هي حماس الصغيرة المحاصرة المحاربة تبرز لجيش العدو متدرعة بالتوكل على الله تتقدم بما تيسر لها من قوة، ويفتح االله لها وبحماقة عدوها ابواب العالم بأسره لتصبح قضية فلسطين وقضية غزة في رأس سلم الأولويات، وتصبح شرعية العدو في مهب الريح.  تقدم داوود عليه السلام بعصاه وخمسة أحجار ومقلاعه .. وتقدم جالوت المدجج بالسلاح والدروع.. وسخر جالوت من داود وأهانه وضحك منه. وها هي  "إسرائيل" تعربد وتسخر ليس من حماس أو حزب الله فقط بل من كل العالم، فيما تتقدم حمسا بأظفارها وأسنانها وبعضا مما تيسر من صواريخها ورصاصها.  ووضع داود حجرا قويا في مقلاعه وطوح به في الهواء وأطلق الحجر، فأصاب جالوت فقتله، وبدأت المعركة وانتصر جيش طالوت على جيش جالوت. وها هي حماس تضع ما تيسر لها من قوة في مقلاع الأمة وتطوح به ما دوخ العدو وأربكه، وستطلق بإذن الله سهمها الأخير من كنانة الأمة لتصيب من العدو مقتلا فتبدأ المعركة نحن شرقي النهر وهم غربيه.