عملت منظمات العمل الأهلي منذ فترة زمنية طويلة باتجاه تعزيز التنمية من اجل الصمود والمقاومة وبالتالي فهي بالوقت الذي كانت تقدم الخدمات للفئات الاجتماعية المهمشة والضعيفة باتجاه تمكينها وتقويتها فإنها استمرت بالعمل وبصورة متساوية باتجاه مقاومة الاحتلال سواءً عبر تنفيذ المشاريع او عبر تشجيع المشاركة الشعبية بالتصدي لأنشطة الاستيطان وبناء الجدار إضافة إلى الجهد الذي تقوم به منظمات العمل الأهلي باتجاه صيانة الحريات العامة واحترام ثقافة حقوق الإنسان .اعتبرت قضية التشبيك مع منظمات التضامن الدولي واحدة من القضايا المركزية من على سلم أولويات منظمات العمل الأهلي ، وقد نفذت العديد من الأنشطة والبرامج في هذا السياق منها حملة مقاطعة منتجات المستوطنات بوصفها غير شرعية لأنها تقع في أراضي محتلة وفق القانون الدولي ، ومنها استنهاض حملة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (B-D-S ) بوصفها تتجاوز القانون الدولي والشرعة الدولية لحقوق الإنسان ومنها تجهيز ملفات بحق بعض القادة في إسرائيل المتورطين بارتكاب جرائم حرب بحق شعبنا وغيره من المتضامنين الأجانب عبر العلاقة مع منظمات حقوق الإنسان في العديد من بلدان العالم ، هذا إلى جانب توفير قاعدة معلومات موثقة وبصورة مهنية رفيعة للجان التحقيق الدولية والتي كان أبرزها اللجنة برئاسة القاضي غولدستون والتي أشارت إلى احتمال تورط قادة إسرائيل بإجراءات وممارسات مخلة بالقانون الدولي وترتقي إلى جرائم ضد الإنسانية في بعض الحالات .وعليه فلم تكن مسالة استقدام نشطاء التضامن الشعبي الدولي للقدوم إلى غزة بوسائل مختلفة معزولة عن رؤية وفلسفة منظمات المجتمع المدني المؤمنة بأهمية هذا البعد في سياق الكفاح الوطني ضد الاحتلال عبر العمل على كشف فظائعه ومن اجل المساهمة في كسر الحصار عن قطاع غزة ومقاومة الاحتلال بالضفة الغربية ، أيضاً ، فجميعنا يتذكر الدور الذي قامت به منظمات المجتمع المدني في حشد أكثر من 1460 متضامن بهدف التظاهر على حاجز ايرز بوصف الأخير عنواناً للقهر والاحتلال ولأنه يشكل بوابة للتواصل مع الضفة الغربية " وحدة الوطن " وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الأولى للعدوان على قطاع غزة أي في نهاية ديسمبر / 2009 حيث كان معداً لأن يشارك بهذا العمل الشعبي الضخم أكثر من 30 ألف متظاهر تحت راية العلم الفلسطيني فقط وبمساندة من مئات النشطاء المتضامنين الذين يحملون قيم العدالة والحرية وحق الشعوب في تقرير المصير ، كما نتذكر دور منظمات المجتمع المدني في استقدام سفن منها نجح في البداية ومنها من لم ينجح بسبب إجراءات الاحتلال التعسفية ومنعه لتلك السفن من القدوم إلى غزة عبر عمليات قرصنة بحرية والتي كان آخرها المجزرة المنفذة بحق نشطاء أسطول الحرية.إنني أدرك ان من حق الجميع ان يكون له أولوياته السياسية ولكنني أرى أنه من الأفضل أن تستمر حملات التضامن ، خاصة عبر السفن دون أجندة سياسية تحسباً من إدراجها في دائرة المنازعات الإقليمية بالمنطقة ،ومن أجل عدم إعطاء المبرر للاحتلال الذي يحاول الترويج لاقتراح تدشين ممر مائي يربط غزة بالعالم بأنه اقتراح يرمي إلى تحويل غزة إلى ميناء ايرانية ، مستغلين حالة التكتل الدولي " الظالم " ضد إيران على خلفية ملفها النووي .وعليه فمن الأسلم لشعبنا ولقضيته العادلة ان تستمر منظمات المجتمع الدولي والنشطاء الحقوقيين بفاعلياتهم الرامية إلى كسر الحصار عن قطاع غزة وذلك خارج التقاطبات والحسابات الإقليمية ، ومن اجل ابقاء قضية الحصار عنوناً لكل أحرار العالم وليس لهذه القوة السياسية او تلك الدولة الإقليمية مع احترامي للحق المشروع للجميع بالعمل لصالح رؤيته وبرامجه . كما من الهام الربط بين كسر الحصار ومقاومة الاحتلال ، حيث ان التحركات الشعبية والحملات التضامنية ترمي إلى رفض الاحتلال ، وتأييد حقوق شعبنا بالحرية والاستقلال ، حيث أن الحصار أصبح رمزاً للظلم والاحتلال ليس الا ، الأمر الذي يدفعنا إلى ضرورة العمل على استثمار جهود قوى التضامن الدولي من اجل مواجهة الاحتلال وضمان حق شعبنا في تقرير المصير وبالسيادة الوطنية على جميع الأراضي المحتلة عام 67 بما يضمن حق العودة وفق القرار 194 .وأعتقد أنه كان لزاماً على الرئيس محمود عباس استثمار هذا الزخم من قوى التضامن الشعبي ليعلن عن وقف دائرة المفاوضات المفرغة والتي لم تحقق نتائج عملية على الأرض وأن يطلق مشروعاً أممياً يهدف إلى مطالبة العالم بالاعتراف بحدود الدولة المستقلة منذ الرابع من حزيران عام 67 تنفيذاً للقانون الدولي .إن الذي يدعو للأسف بأننا نمر بمرحلة تشهد بها القضية الفلسطينية أروع أشكال التضامن معها حيث تضع إسرائيل في خانة العزلة الدولية بالوقت الذي نستمر بالانقسام .إن ابلغ رد على تحديات الاحتلال وأفضل استثمار لحملة التضامن المتصاعدة مع شعبنا تكمن عبر إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية من جديد ، فهل نستطيع استثمار اللحظة التاريخية المناسبة .؟؟؟