في الأسبوعين الأخيرين علّق من بقيت لديهم بقية من أمل آمالا على الآمال التي تتحدث عن إمكانية المصالحة متناسين أن الزمان والمكان والشخوص كلهم مما لا يصلح لإتمام مصالحة طال أمد انتظارها لأسباب عدة أولها رغبة حماس في استثمار مجريات أحداث قافلة الحرية لمصلحة فئوية بحتة ، واعتقادها بأنه يمكنها جني ثمار جولات الرئيس عباس وجهوده ونتائج جولاته لصالحها دون تفريق بين المصلحة الوطنية والمصلحة الحزبية ، لتتعالى أصوات لكنها ما زالت خجولة من بعض الفصائل والشخصيات التي تعالت صيحاتها لتأجيل انتخابات محلية لكنها لم تجرؤ على قول كلمة الحق حيال ما يعطّل مصالحة وطنية ومشروع بناء دولة ، فقد آن الأوان لتكون هناك مصارحة حول من المتسبب في تعطيل تأخير المصالحة بعد أن صرحّت بعض الشخصيات المستقلة بأن السبب واضح وجلي وهو عدم التوقيع على الورقة المصرية . لا يمكن بطبيعة الحال مواصلة التعويل على مصالحة لن تتم ، ومن هنا ، فإن من الجدير التعاطي مع الحدث بتكتيك يخالف الحالة النمطية التي اعترت المشهد منذ الانقلاب ، مما تسبب في الدخول في أجواء اللامبالاة ، ولعل تجربة الأسبوع الأخير كشفت مدى تأثر خيارات بعض الأطراف بقرارات غير نابعة أصلا من رحم الواقع الفلسطيني ممّا يعزّز كشف حقائق هي مكشوفة أصلا . السؤال المطروح في خضم هذه التفاعلات : متى نسلّم بأننا بتنا في وضع غير قابل للمصالحة ؟ وهل سيظل التسويف هو المنهجية التي نتبناها للتعامل مع العديد من الملفات بانتظار ما سيكون وتناسي ما هو كائن ؟ بناء عليه ، يغدو من الطبيعي أن نتساءل أيضا عن السرّ الكامن وراء صمت شعبي مطبق حيال ما يجري ولا سيّما في القطاع ، فالمطلوب من الجماهير أن تمارس دورها للضغط على رافض المصالحة لحثّه على الاحتكام للمنطق ، فليس من المعقول أن تظل القرارات المصيرية واردة من الخارج دون إلمام بحقيقة الواقع المعاش ومدى المعاناة، ولذا بات المطلوب قرارا حاسما : إما الضغط باتجاه الدفع نحو المصالحة، أو الدفع باتجاه طيّ الصفحة وتناسي هذا الخيار نهائيا ، فقد استنفذت كل المحاولات الهادفة لرأب الصدع . نقول هذا ، بعد أن كشفت مجريات الأيام الأخيرة عن أن التخوفات من كذا وكذا باتت حقائق ، وبأن مصالح قلّة قليلة هي التي تؤطّر للمشهد الخاص بالمصالحة في ظل رفض طرف معين التوقيع على وثيقة أجمعت معظم الفصائل على صلاحيتها وقابليتها للانطلاق نحو إتمام المصالحة . مصالحة مستحيلة تفرض على الرئيس أبو مازن وحكومة د.فياض تبني استراتيجيات جديدة من التعامل مع العديد من الملفات إذ لا يعقل أن يبقى كل هذا الاستنزاف للجهد السياسي والدعم المادي ،واستثمار العلاقات الدولية لصالح طموح لا تلوح في الأفق أية بوادر على إمكانية تحققه ، وبانتظار ردود عملية على أرض الواقع تجبر رافضي المصالحة على الاضطلاع بمسؤولياتهم بدلا من التعامل مع القضية من زاوية شراكة في الربح لا في الخسارة ، فقد باتت المؤشرات كلها مما يؤكد دخول فرص المصالحة في دهاليز المصالح الذاتية .