خبر : التنافس ألأقليمى على القضية الفلسطينية .. د. ناجى صادق شراب

الخميس 10 يونيو 2010 08:18 ص / بتوقيت القدس +2GMT
التنافس ألأقليمى على القضية الفلسطينية .. د. ناجى صادق شراب



                                             يبدو أن استعادة القضية الفلسطينية هذه المرة كقضية أولوية أقليمية وربما دولية  أو القضية رقم واحد يعزى الى أسطول الحرية لكسر الحصار على غزة والتى راح ضحيتها أكثر من عشرة من الشهداء من المتضامنيين أ على متنها بسبب القوة العسكرية المفرطة التى لجأت لها أسرائيل ضد هذه السفن ، وليس بفضل الفلسطينيين المنقسمين على أنفسهم ، والذين يضعفون مواقفهم السياسية ، ويضعفون أولوية القضية بإستقطابهم من قبل القوى ألأقليمية المتنافسة على التفرد بالدور ألأقليمى المحورى ، وعلى مدار التطورات التى مر بها النظام ألأقليمى العربى خضعت القضية الفلسطينية لدورة من ألأستقطاب الذى كان يقف وراء تراجع القضية الفلسطينية ، وهذه المرة تخضع القضية الفلسطينية لحالة إستقطاب وإحتقان سياسى بين القوى ألأقليمية العربية والغير عربية ، أو دول الجوار ألأقليمى كأيران وتركيا. ولكن ألأهداف والسياسات تختلف من دولة ألى أخرى ز وفى البداية وقبل الولوج فى تحليل مواقف هذه الدول وغيرها ، لا بد من ألأشارة ألى عاملين أساسيين لعبا دورا هاما فى حالة ألأستقطاب هذه ، ألأول ألأستقطاب الفلسطيى الداخلى ، فالفلسطينيون منقسمون بين قوتين رئيسيتين فتح وحماس ، وكل منها ولدعم موقفها الداخلى تربط نفسها بقوة أقليمية متطلعة وطامحة للعب دور أقليمى ، وهنا يقدم الفلسطينيون القضية الفلسطينية بإعتبارها قضية قومية ودولية ، ويرتبط بحلها العديد من القضايا ألأخرى ، كأداءة ومدخل للقيام بهذا الدور ، وهنا التوظيف قد يتعارض من مصالح وأهداف كل دولة أقليمية ، وهو ما يفسر التعثر والفشل مثلا فى ملف أنهاء الأنقسام الفلسطينى ، والتخلص من حالة ألأستقطاب الفلسطينى الداخلى ، والعامل الثانى الذى يفسر لنا هذا ألأستقطاب ألأقليمى للقضية الفلسطينية هذا التراجع فى الدور ألأقليمى والمحورية للدولة العربية المحورية فى النظام ألأقليمى ألعربى ، وهى مصر ، وهذا ما يفسر لنا أيضا ألأستهداف لدور مصر ألأقليمى من خلال الدول ألأقليمية الطامحة المجاورة ومن داخل ألأقليم العربى نفسه ، وأداة هذا ألأستهداف يكون عبر القضية الفلسطينية ، وقد وصل هذا ألأستهداف حد أتهام مصر بأنها هى المسؤولة عن الحصار ،وأختزال القضية الفلسطينية ليس فقط بالحصار ، ومما ساعد على ذلك ايضا ضعف النظام ألأقليمى العربى وهشاشته، وقدرة الدول المجاورة وحتى الدولية على النفاذ الى قلب هذا النظام من خلال تبنى ودعم قوى وتنظيمات فلسطينية أو غير فلسطينية كحركة حماس أو حزب الله أو حركة فتح.وكما أشرنا فى بداية المقال نجحت القضية الفلسطينية من إستعادة مكانتها كقضية محورية أو قضية أم ، ويأتى هذا من خلال الدور التركى المؤثر ، ولما من تركيا من علاقات متميزة مع أسرائيل ، وقد أدى هذا الدور الى مراجعة من قبل الدور ألأقليمية العربية وخصوصا مصر ، من خلال إعادة فتح معبر رفح . لكن المشكلة التى قد تقع فيها القضية الفلسطينية أن الفلسطينيين أنفسهم هم الذين يساهمون فى استمرار وتشجيع التنافس ألأقليمى بين الدول المتنافسة أقليميا ، فالفلسطينيون ما زالوا منقسمون ، ويحاول كل من القوتين توظيف ما يحدث لدعم موقفها وأهدافها ولو جاء ذلك على حساب القضية الفلسطينية . ولفهم هذا التنافس لا بد من معرفة وفهم اهداف القوى المتنافسة والطامحة للعب هذا الدور، وهذه القوى أيران وتركيا واسرائيل ، وبالتأكيد الدور الطبيعى والمنطقى للدول العربية المحورية نفسها وخصوصا مصر التى يفترض أن القضية الفلسطينية تبقى وستبقى أحد  المكونات الرئيسة للأمن القومى العربى ، مهما تراجعت القضية الفلسطينية . فأسرائيل وسعيا منها لإعادة أستبدال النظام ألأقليمى العربى بالنظام الشرق أوسطى الكبير تحاول أن يكون لها دور الدولة القائد والأكثر تأثيرا وذلك من خلال تصفية القضية الفلسطينية وتذويبها فى كيانات سياسية وأقليمية أكبر ، وهذا الذى يفسر لنا السلوك ألسياسى ألأسرائيلى فى المفاوضات وأحتواء خيار المقاومة وفى سياسة الحصار التى تمارسها ، والدولة الثانية والتى نجحت كثيرا فى أستعادة القضية الفلسطينية لدورها ومكانتها الدور والتحول فى السياسة الخارجية التركية كدولة سنية ، هو الدور الذى تقوم به تركيا تحت حكم وسياسة حزب العدالة والتنمية ، فقد نجح الثالوث السياسى التركى غول وأردوجان وأوغلوفى التأكيد على هذا الدور من خلال قدرتهم على أزالة كل الشحوم الزائده من على العلاقات التركية ألأسرائيلية ، وبالتخلص من كل مظاهر التبعية للسياسة ألأمريكية وألأوربية ، والتكديد على الدور المستقل لتركيا ، وتطبيقا لنظرية العمق ألأسترايجى الذى يمثله العالمين العربى وألأسلامى لتركيا ، والتأكيد على أن تركيا لها من القدرة وألأمكانات ما يسمح لها بهذا الدور ، ولا شك أن العامل الدينى ألأسلامى يلعب دورا مهما فى هذه السياسة ، ولعل الأيجابية فى هذا الدور لا يأتى على حساب الدور ألقليمى للدول العربية كمصر والسعودية العربية ، بل يأتى فى إطار من التكامل والتعاون والتوازن فى المصالح وهو ما يقف وراء نجاح هذه السياسة ، والذى قد تجسد فى التاثير التركى على المستوى الشعبى والمجتمعى ورفع العلم التركى فى الشارع العربى ، وبالمقابل هناك الدور ألأيرانى كدولة شيعية منافسة قد ترى فى الموقف والدور التركى تراجعا لها من خلال أحتكار القضية الفلسطينية ، فالأهتمامات لها قد تكون بعيده ومركزة فى منطقة الخليج المنطقة النفطية والتى تتصارع عليها كل الدول ألأخرى وخصوصا الولايات المتحده ألأمريكية ، ومن شأن هذه السياسة ان تؤدى لمزيد من ألأستقطاب والتنافس للقضية الفلسطينية ، اما الموقف العربى والموقف المصرى تحديا فهذا يحتاج الى أعادة تقييم ومراجعة ويظهر هذا فى الموقف السريع من إعادة فتح معبر رفح ، ومن خلال استعادة القضية كقضية عربية لكن هذا يحتاج الى أنهاء حالة ألأستقطاب وألأنقسام الفلسطيني، والتوجه أكثر نحو الشعب الفلسطينى بكل قواه ألأخرى . ورفع كل مظاهر الحصار والقيود المفروضه عليه فى سفره وتنقله بحرية وآمان. ولا بد من موقف عربى واضح من قضية السلام والمفاوضات . وفى النهاية إن حالة ألأستقطاب تعكس عوامل كثيرة معقده ومتنافرة ومتصادمه أحيانا كثيرة ، لكنها فى النهاية ترتبط بضعف الموقف العربى من ناحية ، وضعف الموقف الفلسطينى . ويبقى فى النهاية ان يحرر الفلسطينيون انفسهم وقضيتهم من سياسات المحاور العربية وألأقليمية التى تأتى على حساب قضيتهم . وبدلا من أن يتم توظيف القضية الفلسطينية لدعم أهداف ومصالح الدول الطامحة لدور أقليمى أحادى ، أن يتم توظيف طموحات هذه الدول لخدمة القضية الفلسطينية كالدور التركى الداعم والمساند للقضية الفلسطينية والذى يربط بين المصالح التركية العليا ورفع الحصار .ولا يكفى أن يتحرر الفلسطينيون من حالة ألأستقطاب والأنقسام السياسى ، بل إن المصلحة الفلسطينية والمصلحة ألقليمية العربية ، وكذا مصلحة دول الجوار المؤثرة ان يتم الأبتعاد عن هذه السياسات من خلال البحث عن صيغة لرابطة جوار تجمع كل القوى فى إطار المصلحة المشتركة .اكاديمى وكاتب عربىdrnagish@gmail.com