خبر : مرمرة وراشيل ولعبة شياطين السياسة .. موفق مطر

الإثنين 07 يونيو 2010 03:17 م / بتوقيت القدس +2GMT
مرمرة وراشيل ولعبة شياطين السياسة .. موفق مطر



لعب نتنياهو أول سهامه التي حذرنا منها بالأمس عندما صرح مادحاً وواصفاً النشطاء الإيرلنديين على متن السفينة راشيل كوري بأنهم نشطاء سلام، ومطلقاً سهام الإتهام بمساندة الإرهاب للنشطاء الأتراك والعرب على ظهر السفينة التركية مرمرة. فنتنياهو قال بعد السيطرة على سفينة الاسمنت : " رأينا اليوم الفارق بين أسطول نشطاء سلام، لا نتفق معهم ولكننا نحترم حقهم في الإعراب عن رأي مغاير لرأينا، وبين أسطول كراهية نظمه متطرفون عنيفون مؤيدون للإرهاب " .رئيس حكومة اسرائيل بعث برسالة مرمزة ( مشفرة ) يستطيع المدقق في تعابيرها استخلاص الأمر الصادر منه لكل مؤيدي اسرائيل في وسائل اعلام العالم، فنتنياهو قصد ربط العنف وتأييد الإرهاب بنشطاء سفينة تركية  معظم ركابها من الأتراك، فبرر بمقولته – عند زعمه -مقتل تسعة وجرح عشرات، وقصد ربط السلام بنشطاء ايرلنديين استجابوا لنداءات قوات جيشه البحرية، فسمحوا للكومانوز بالصعود اليها واقتيادها إلى ميناء اسدود بدون أدنى مقاومة.أن تستسلم فأنت نشيط سلام مرضي عنك، لكن أن تقاوم ولو بالجسد فأنت عنيف وارهابي مغضوب عليك، هذا حسب المنطق " النتنياهوي " . الرؤية في البحر ليست مثلها بالبر والعكس صحيح، ففي البحر يكون المدى بينك وبين الأفق عميقاً  فترى الأشياء حتى ولو كانت صغيرة، ويمكن تشخيصها كلما اقتربت منها أو استعنت بمنظار مكبر، هذا إن لم يكن الجو عابقاً بضباب أو تغضب على البحر عاصفة هوجاء، أما في البر فغالبا ما تصطدم رؤيتك بتلال أو جبال أو عوائق طبيعة أو صناعية فيرتد إليك بصرك حائراً خاسراً أحياناً، لا نتحدث عن الصحراء فحتى هذه لمن لا يعرفها فليست كلها منبسطة  ولا هي دائماً صافية تمكنك من الرؤية حتى المدى ثم أن الحقيقة ليست فقط في الصحراء .  سنتفق بأن الحقائق موزعة ما بين البر والبحر والسماء كونها البعد الثالث  ولها وعليها مثل ما على البر والبحر . المهم أن نعرف اين نوجه آنظارنا إذا أردنا رؤية الحقائق  واختيار الوقت الملائم لذلك،  وهذا ما سنفعله عندما ننظر إلى أقوال نتينياهو  التي بعد أن هدأت عاصفة البحر على سفن الحرية  نستطيع تشخيصها بدقة .عند الحديث عن تركيا فإن صور مدينة المساجد اسطنبول، والمسلمين والهلال والنجمة على العلم الأحمر ستحضر في الذهن، وعند الحديث عن ايرلندا فإن صور الكنائس والمسيحيين الكاثوليكيين وأوروبا الغربية ستحضرأيضاً.. لكن اللاعب البارع كما يفعل نتنياهو الآن يمسح الصورة الأولى بفلتر أحمر فتبدو الصورة وكأنها مغمسة بالدم فيما يمسح الثانية بفلتر أخضر فتبدو وكأنها برعم لتوه نبت للحياة !! الحقيقة ليست كذلك، فالمساجد والكنائس بيوت عبادة يذكر فيها اسم الله السلام  والحق، والناس ايرلندا وتركيا محبون للسلام وتواقون لرؤية السلام يعم حوض البحر الأبيض المتوسط وفلسطين تحديداً،  لكن صناع الفتن هم الذين يفرقون بين الإنسان واخيه الإنسان، ويميزون بين مسلم ومسيحي  ويهودي وبوذي  وهندوسي. حاول نتنياهو حرف أهداف النشطاء  مستغلاً  الأحداث التي جرت على ظهر كل سفينة  لكنه ليس بريئاً من تهمة التفريق والتمييز بين النشطاء  حتى وإن لم يعلن ذلك صراحة لكن كلامه لا يحتاج إلى كثير من الفهم حتى يدرك المتلقي بأنه يلصق العنف بالعرب والمسلمين . يعلم نتنياهو علم اليقين بأن الإرهاب بلا عقيدة  ولا أخلاق، وأن الأخلاق والسلام هي روح أي عقيدة فحتى القوانين لا قيمة لها بدونهما كفلسفة  ومبدأ، ويعلم انه ما قال ذلك حبا بالإيرلنديين وإنما محاولة منه أن اسرائيل عرضة لعنف وارهاب " المسلمين " .حاشى للمسلم أن يكون ارهابياً وحاشى للمسيحي وحاشى لليهودي أو كل صاحب فكر أن يكون ارهابياً، فالمؤمن إما أن يكون داعية سلام ومحبة  أو نشيط من اجل الحق وإلا فإنه صانع حرب وموت ابتكر كلمة سر اشعالها شياطين السياسة .. فاحذروهم .