اعتدنا على أن نراهم يقتحمون خارجين من الماء، يحملون أسلحتهم بثقة ويهجمون على العدو. في كل الصور الرسمية التي تركت آثارها في الذاكرة الجماعية لمقاتلي الكوماندو البحري فأنهم فتيان منيعون ومفعمون بالدوافع ولا يعرفون الخوف. أما أمس فقد ظهر أبطال الوحدة البحرية مثلما لم نشهدهم من قبل أبدا. في الصور التي نشرتها الصحيفة التركية الشعبية "حريات" نجدهم مرضوضين مضروبين، مكشوفي الوجه ونازفين – نتيجة لقاء مع مرتزقة مسلحين انتهى بحدث دبلوماسي أصداؤه تبقى حتى بعد أسبوع. الصور التي نشرت أمس في الصحيفة واسعة الانتشار في تركيا، تحت عنوان "دموع الكوماندو"، التقطت في الدقائق الاولى بعد صعود المقاتلين الى دكة "مرمرة". ويرى فيها أربعة من المقاتلين نزلوا بداية الى "مرمرة" بعد أن سحب سلاحهم وستراتهم الوقائية واحتجزوا عمليا كرهائن. وبعد دقائق نجح رفاقهم الذين وصلوا في المجموعة الثانية الى الدكة في تحريرهم من الآسرين في متن السفينة. محررو "حريات" لم يوفروا الأوصاف المهينة بمقاتلي الوحدة البحرية – بحيث يمكن أن نرى في الصور القاسية مقاتلين يجرون من النشطاء ويقتادون الى متن السفينة، بل وتركيان يكمنان للجنود مع قضبان حديدية. وقد عرض كل الجنود بالصور بوجوه مكشوفة ودون تشويش. الأصعب بينها جميعها الصورة التي بدا فيها مقاتل الكوماندو ب وهو ينزف في رأسه ويتم انزاله على الدرج دون سلاحه الشخصي. "هذا حصل بعد وقت قصير من تلقيه ضرب مبرح وفي النهاية تلقى أيضا قضيبا حديديا على رأسه"، هكذا استعاد أمس المقاتلون الحدث. "لم يعرف على الاطلاق الى أين يقتاد. ب هو أحد المقاتلين الأوائل الذين نزلوا من المروحية. مقاتل قوي جدا، أحد الاقوياء في الوحدة. وهو هائل في معارك الاشتباك. ما كنت أتمنى لأحد ان يلتقيه في زاوية مظلمة. وحتى لو كان أمامه ثلاثة أشخاص لكان مزقهم. قفز عليه أكثر من عشرة نشطاء وهو لم يكن مستعدا لهذا"، شرح المقاتلون. "الصور تثبت بوضوح بأننا تصدينا لمخربين". "نحن مذهولون" لمشهد الصور القاسية، طفت الذكريات حديثة العهد لرجال الكوماندو الشبان: "بعد ان تلقى المقاتلون الاوائل الضربات، ألقوا بهم من القسم العلوي من الدكة الى القسم السفلي"، قالوا مسترجعين الحدث في أحاديثهم مع أقربائهم. "وهناك واصلوا ضربهم وجرهم بالقوة وهم يصرخون بنصف عربية – نصف انجليزية: "طيروا من السفينة او سنختطفكم". وفي غضون دقائق وصل اليهم باقي المقاتلين. الاحساس هو أنه يبدو ان كانت لهم نية لاحتجاز رهائن، ولكنهم لم ينجحوا. اما في اختبار النتيجة فقد عاد الجميع الى الديار". في حديث مغلق آخر قال مقاتلو الوحدة لرفاقهم: "نحن آلات حربية. اذا كنت تقول لنا اجلب مخربا، سنجلبه حتى لو خاطرنا بحياتنا وبتفان. نحن نعرف كيف نقفز على المخرب من بعيد ونعضه في الرقبة إن كانت هناك حاجة، ولكن هنا مشكلة في الاستخبارات، مشكلة في المعطيات المسبقة التي تلقيناها". عن التعقيد في السيطرة على السفينة شدد المقاتلون في أحاديثهم: "توجد جملة واضحة تقول "مخرب في العين – رصاصة في الرأس"، ولكن هنا كانت هذه مظاهرة حية في قلب البحر. حدث معقد، سفينة توجد قيد الحركة، دكة كلها رطبة. وحتى الرصاص يخترق الجدران، واذا ما اطلقت النار فستمس بمن خلفها، فهذه سفينة مدنية، وليست كارين ايه". وروى احد المقاتلين لأبيه عن أحاسيسه بعد مشاهدته للمعركة بالصور. "الصور في الصحف التركية تثير الصدمة"، قال أمس الاب. "الشباب لم يسلموا بعد بالطريقة التي تم فيها كل شيء. في نهاية الأمر هم بشر، والان أنا أفهم لماذا قالوا انهم يحتاجون أيضا الى تعزيز". وتحدث مقاتلو الوحدة البحرية بتقدير شديد ايضا عن قائد الوحدة العقيد أ. في أحاديث مغلقة نجده ينصت، يعزز وبالأساس ينقل رسالة بأنه راض عن النتائج، رغم ما حصل في بداية العملية وانكشف أمس في الصور. رسالتنا للمقاتلين، حتى بعد كشف الصور القاسية تبقى ثابتة: "نحن نبقى معا". أقوياء. لم نفاجأ بل فاجأنا، وهذه نتيجة اعداد. لا تزال بانتظارنا احداث معا وسنجتازها هي أيضا".