مشاورات أمريكية مكثفة لعقد مؤتمر "إعمار غزة" والقاهرة مرشحة لاستضافة اللقاء

الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 08:55 ص / بتوقيت القدس +2GMT
مشاورات أمريكية مكثفة لعقد مؤتمر "إعمار غزة" والقاهرة مرشحة لاستضافة اللقاء



وكالات - سما-

كشفت مصادر مطلعة لوكالة "بلومبيرغ" عن مشاورات أمريكية مكثفة لعقد مؤتمر دولي لإعادة إعمار قطاع غزة الشهر المقبل ضمن مساعي واشنطن لترسيخ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار.

وقال أشخاص مطلعون على الأمر إن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة، في وقت تسعى فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى ضخ زخم جديد في اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة حماس، بعد سلسلة من الإخفاقات.

وبحسب هؤلاء، جرى تداول اسم واشنطن كمكان محتمل لاستضافة المؤتمر، الذي قد يُعقد في وقت مبكر من الشهر المقبل، شريطة عدم الكشف عن هوياتهم نظرًا لخصوصية المناقشات. وأضاف أحدهم أن مصر تُعد من بين عدة مواقع أخرى قيد الدراسة.

وأشار المصدر إلى أن انعقاد المؤتمر سيأتي على الأرجح بعد استكمال تشكيل "مجلس السلام"، الذي سيتولى الإشراف على حكومة انتقالية، وهو ما نصّ عليه اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنهى القتال بين إسرائيل وحماس، وجرى توقيعه في أكتوبر.

وفي هذا السياق، التقى المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف مسؤولين من مصر وتركيا وقطر في ولاية فلوريدا خلال عطلة نهاية الأسبوع، لبحث تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار. وقال ويتكوف في منشور عبر وسائل التواصل الاجتماعي إن "مشاورات إضافية ستتواصل خلال الأسابيع المقبلة لدفع تنفيذ المرحلة الثانية".

وسيكون المؤتمر جزءًا من جهد أوسع للإبقاء على تقدم خطة السلام ذات النقاط العشرين التي أعلنها الرئيس ترامب عند توقيع اتفاق الهدنة. وتنقسم الخطة إلى مرحلتين، إذ تنص المرحلة الأولى على وقف القتال وتأمين الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين الذين أُسروا خلال هجوم حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023.

أما المرحلة الثانية، الأكثر تعقيدًا، فتشمل الانتقال إلى ترتيبات حكم طويلة الأمد في غزة، مع نزع سلاح حركة حماس، وتسمية قوة دولية لتثبيت الاستقرار في المنطقة. وحتى الآن، لم يتم تشكيل "مجلس السلام"، كما لم تُنشأ بعد "قوة الاستقرار الدولية".

وقال آفي مايرستين، مؤسس ورئيس "تحالف السلام في الشرق الأوسط"، وهو شبكة لمنظمات إسرائيلية وفلسطينية معنية ببناء السلام: "لا يمكن المبالغة في حجم الصعوبة، وعدد الأمور التي يجب أن تسير على نحو صحيح".

وكانت خطة سابقة لعقد مؤتمر لإعادة إعمار غزة في نوفمبر، أعلنتها مصر، قد أُلغيت لاحقًا من دون تقديم تفسير. وذكرت صحيفة "الشرق الأوسط" السعودية آنذاك أن دولًا أخرى كانت ترغب في المشاركة، لكنها لم تتمكن من الحصول على ضمانات بعدم تكرار تدمير غزة.

وقال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو للصحفيين يوم الجمعة، إن الوضع القائم «غير قابل للاستمرار»، مشددًا على وجود شعور حقيقي بالإلحاح للانتقال إلى المرحلة الثانية.

وأضاف روبيو: "مجلس السلام، والكيان الفلسطيني، وقوة الاستقرار — كل هذه الأمور يجب أن تحدث بسرعة، خطوة تلو الأخرى. ليس بعد عام من الآن، بل قريبًا جدًا. هذا هو تركيزنا حاليًا".

وتكشف هذه العراقيل تبعات نهج ترامب القائم على "دبلوماسية العناوين العريضة"، والذي نجح في تحقيق انفراج تاريخي في الشرق الأوسط، لكنه ترك غموضًا كبيرًا بشأن ما سيأتي لاحقًا. ويُقارن ذلك بنهج سلفه جو بايدن، الذي كان يميل إلى طرح القضايا التفاوضية الأكثر صعوبة في البداية، لكنه فشل في تثبيت اتفاق بين إسرائيل وحماس.

وقال ترامب إنه "من المرجح" أن يلتقي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في فلوريدا، وهو لقاء قال نتنياهو إنه يخطط لعقده في نهاية الشهر الجاري، فيما لم يؤكد البيت الأبيض بعد موعدًا رسميًا للاجتماع.

وتُعد مهمة تنظيم قوة الاستقرار الدولية أحد الأدوار الرئيسية لمجلس السلام، وركيزة أساسية في خطة ترامب ذات النقاط العشرين، إلى جانب ضمان الأمن طويل الأمد في الأراضي الفلسطينية.

وأفاد شخص مطلع على التخطيط بأن أكثر من 30 دولة أبدت اهتمامًا بالمساهمة في قوة الاستقرار الدولية، سواء بإرسال أفراد أو من خلال تقديم معدات أو تدريب.

وتُعد باكستان من بين الدول التي أبدت استعدادها للمساهمة، من دون وجود خطط واضحة، كما أعربت تركيا عن اهتمامها بالمشاركة، إلا أن إسرائيل عارضت ذلك، علمًا بأنها صاحبة الكلمة الأخيرة بشأن الدول المشاركة في القوة.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة السابقة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية خلال إدارة بايدن: "إذا أصرّ نتنياهو على ما يسمونه ’حرية عمل كاملة‘، فلن تجد أحدًا — حرفيًا لا أحد — مستعدًا لإرسال قواته، بغض النظر عن طبيعة المهمة"، مضيفة أن الدول ستخشى على سلامة جنودها وطبيعة تعاملهم مع حماس.

وأقرّ مسؤولون أميركيون بحجم التحديات التي تواجه المرحلة الثانية، إذ لا تزال تركيبة مجلس السلام غير محسومة، ولم تُنشأ قوة الاستقرار الدولية، في ظل انتظار الدول لتحديد مهمة واضحة. ويُعد نزع سلاح حماس من أصعب مهام هذه المرحلة.

وفي هذا الإطار، تعمل المملكة المتحدة على إعداد مقترحات لكيفية تفكيك ترسانة حماس، مستندة إلى تجربتها السابقة في إيرلندا الشمالية. وتركز الخطة في مرحلتها الأولى على الأسلحة الثقيلة، مثل الصواريخ وقاذفاتها، بدلًا من الأسلحة الخفيفة، غير أن مسؤولين حذروا من أن هذه المهمة هي الأصعب تنفيذًا، كما أنها تعتمد على إنشاء قوة الاستقرار الدولية وهيئة الحكم الفلسطينية أولًا.

وحذّر مسؤول بريطاني رفيع من أن الاتفاق السياسي بين إسرائيل والولايات المتحدة والدول العربية حول آلية تنفيذ هذه العملية لم يتحقق بعد.