خبر : الفلسطينيون والأجماع القومى .. د. ناجى صادق شراب

الإثنين 07 يونيو 2010 02:26 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الفلسطينيون والأجماع القومى  .. د. ناجى صادق شراب



لقد أنتصرت سفينة الحرية لكسر الحصار على غزة ، ونجحت فى توصيل رسالتها ألأنسانية والحضارية والأخلاقية ، على الرغم من عدم وصولها لغزة المحاصرة ، بسبب القوة العسكرية المفرطة التى أستخدمتها قوات البحرية ألأسرائيلية ضد متضامنيين للسلام وألأنسانية جاءوا من أكثر من أربعين دولة يمثلون الضمير العالمى ، والتى دفعوا ثمنا لها أكثر من عشرة شهداء، ومن منظور القوة التى تملكها أسرائيل لا شك أنها نجحت فى عدم وصزل سفن الحرية ، وفى الوقت ذاته فقد فشلت فشلا ذريعا ، فى العديد من النواحى ، فأولا فشلت فى اخفاء أن هناك حصارا ، وان هذه هى لحظة رفع الحصار ، وان هناك شعب محاصر ، ولا يمارس أدنى مظاهر الحياة السياسية المدنية من حرية تنقل ، والعيش فى منازل وبيوت آمنه ، والفشل ألآخر ان هذه الجريمة كشفت عن وجه أسرائيل الحقيقى ، فأولا أكدت سلطتها كسلطة أحتلال ، وثانيا كشفت الوجه الحقيقى لسياسة القوة ، واللاديموقراطية واللانسانية فى التعامل مع متضامنين يعملون من أجل ألأنسانية العالمية ، وكشفت عن عدم أكتراث أسرائيل بالقوانين الدولية ألأنسانية ، ووضعت مصداقية النظم السياسية للدول الغربية التى تتنادى بالقيم الديموقراطية والأنسانية ومحاربة ألأرهاب وليس فقط اسرائيل أمام أختبار كبير فى الممصداقية السياسية ، ووضعت العالم والولايات المتحده أمام مسؤولياتها كدول عظمى وكبرى ، ومن مظاهر الفشل أن صورة أسرائيل لم تعد قائمة ، وان حالة من النقد والإنتقاد والتراجع ، وإعادة الحسابات على المستويين الرسمى والمجتمعى قد بدأت تبرز وبشكل قوى ، وكل هذا سيضع علامات أستفهام خطيرة أمام مستقبل أسرائيل ، وماذا تريد هل تريد السلام والعيش كبقية الشعوب ألأخرى فى المنطقة ، وعلى أساس أنهاء أحتلالها وإنسحابها للأراضى العربية والفلسطينية والسماح للشعب الفلسطينى أن يمارس حقوقه ألأنسانية والسياسية ،أم انها تريد ان تبقى دولة قوة ، ومرفوضه من محيطها ، وأن تبقى تمارس سياسات ألأستعلاء وغطرسة القوة ، وأنها الدولة التى فوق المحاسبة بسبب الفيتو الأمريكى ، حتى هذا العامل يبدو أن اسرائيل ستفقده ، لأنه سيضع فى النهاية مصداقية السياسة ألأمريكية ومصالحها فى المنطقة فى محك ألأختبار وألأختيار . إذن أسرائيل أمام خطر حقيقى بسبب هذه الجريمة ، وقد وضعتها أمام خطر وجودى لا يقل عن خطر أى قنبلة نووية . والذى أستوقفنى فى متابعة كل ماجرى هو كيف تعاملت أسرائيل مع بوادر هذه الخطر ؟ وكيف تعامل الفلسطينيون؟ الذى يلفت ألأنتباه هذا ألأجماع القومى الذى تعيشه أسرائيل ، وهو لا يحدث ألا فى الآوقات التى تشعر فيها أسرائيل أن هناك خطر وجودى حقيقى يتهددها ، وهذه المرة الخطر ياتى من الداخل وبسبب سياسات قوة غير محسوبة العواقب والنتائج والتداعيات ، فلم يعد العالم اليوم هو نفس العالم قبل عقود قصيرة ولم تعد الشعوب هى نفس الشعوب ، هذا ألأحساس بالخطر هو الذى يفسر لنا وقوف جميع القوى وألأحزاب ألأسرائيلية معارضة أو فى السلطة للدفاع عن صورة أسرائيل ووجودها المعرض للخطر من تنظيمات فلسطينية لا حول ولا قو لها ألا حقها فى الحياة مثل بقية الشعوب ، وهنا الذى أستوقفنى مثلا موقف حزب كاديما ودفاعه عما قام به الجيش ألأسرائيلى ، وقد وقفت أكثر من وقوف الحكومة نفسها ، وعودة نيتيناهو وعدم لقائه الرئيس ألأمريكى علما أن عدم اللقاء تم بإيحاء وبإشارة أمريكية ، ودفاعه عن جيشه ، وبدلا من التلميح ولو بدرجة أدنى من الخطأ يخرج ويدافع عن القرار ألأسرائيلى وتصوير ألأمر على أنه مواجهة ضد ألأرهاب والخطر الذى تمثله حماس وغزة ، ومما يسترعى ألأنتباه أيضا موقف قوى اليسار وقوى السلام حتى بيلين الذى يعتبر من أكبر المناصرين للسلام وقف مع ألأجماع القومى ، ويقف وراء هذا ألأجماع القومى حملة أعلامية موحده ، وخطاب أعلامى موحد. هذا هو الدرس الذى ينبغى التوقف عنده وإستيعابه فلسطينيا ، ففى لحظة الخطر الحقيقى تجب كلا الخلافات وتنصهر فى بوتقة ألأجماع القومى الوطنى . والسؤال أين الفلسطينيون من ذلك ؟ صحيح ان هناك تماثل كبير من نقد والتعامل مع ما حدث ، بل أن الرئيس ذهب ووصف ما حدث بالجريمة ضد ألأنسانية . وان هناك بوادر لزيارات ولقاءات فلسطينية ، وهناك الكثير من مظاهر النقد والمسيرات الشعبية ، وهناك خيمة عزاء فلسطينية واحده ، كل هذا لا يكفى ، أين هو ألأجماع القومى فى أنهاء الأنقسام ، الكل متفق على رفع الحصار عن الشعب الفلسطينى فى غزة وغيرها لكن الكل ضد ألأنقسام الذى ينبغى أن يزول، وهذا هو المعنى الحقيقى للأجماع القومى الفلسطيني.ولا ينبغى تسجيل أنتصار لغزة وحكومتها فقط ، فالأنتصار الحقيقى هو للشعب الفلسطينى وقضيته ، فرفع الحصار ليس هونهاية المطاف ، هو خطوة فى طريق طويل ، ولا ينبغى أن تجمعنا ألأحداث والكوارث فى لحظات وقتية ظرفية ، وبعدها يذهب  كل واحد الى الوطن الذىيريد. المعيار الحقيقى هو فى ألأجماع القومى والذى يترجم فى برامج ورؤى سياسية وإطار للحركة السياسية الملزم للجميع والذى يدفع الجميع للألتقاء والتوافق الوطنى. ويبدو أن مستوى العمل الجماعى الفلسطينى لم يرقى بعد الى مستوى ما حدث حتى يحقق مفهوم ألأجماع القومى ، نريد غيرنا أن نفعل ما نعجز عنه ، فالعالم لن يسمعنا ، لن يرفع الحصار ، ولن ننهى ألأحتلال ونقيم الدولة الفلسطينية دون أن يتوفر لهذه الدولة أجماعا قوميا. أكاديمىوكاتب عربى drnagish@gmail.com