خبر : من الباب حتى المحراب والكل محاصر .. بقلم: المحامي زياد ابو زياد

الإثنين 07 يونيو 2010 02:00 ص / بتوقيت القدس +2GMT
من الباب حتى المحراب والكل محاصر .. بقلم: المحامي زياد ابو زياد



غزة محاصر .. نعم .. ولكن من يظن ان غزة وحدها محاصرة يقع في الخطأ، فالكل هنا محاصر. القدس محاصرة .. لا نستطيع الدخول اليها الا بتصريح من الاسرائيليين وهناك مئات الالاف من ابناء الضفة لم يستطيعوا الدخول للقدس منذ سنين طويلة لان السلطات الاسرائيلية ترفض اعطاءهم اذنا بذلك وتصر على استمرار فرض الحصار على القدس امام ابناء الضفة وبطبيعة الحال، القطاع.والمسجد الاقصى محاصر، وهناك مئات الالاف ممن يتوقون للصلاة في الاقصى من ابناء الضفة والقطاع بل الملايين من الاقطار العربية والاسلامية ولكنهم لا يستطيعون ذلك لان اسرائيل تفرض الحصار على الاقصى.والاقصى محاصر ليس فقط امام ابناء الضفة والقطاع والخارج بل امام ابناء القدس نفسها. فقد عمدت اسرائيل الى اتباع سياسة التدخل فيمن يستطيع ان يصلي بالاقصى من ابناء القدس ومن لا يستطيع. فهي تعلن من حين لاخر اية اعمار يسمح لها بالدخول للاقصى وتفرض طوقا من رجال امنها من الشرطة والقوات الخاصة ليدققوا في هويات القادمين للصلاة فتمنع فئات عمرية معنية من دخول الاقصى بحجة انهم قد يثيرون المشاكل!.والاقصى محاصر .. فاسرائيل تصدر اوامر منع من دخول الاقصى ضد العشرات من الشخصيات الدينية كالشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الاسلامية الذي تم مؤخرا تجديد قرار منعه من دخول الاقصى لستة اشهر اخرى، وضد الشخصيات الوطنية مثل حاتم عبد القادر عضو المجلس التشريعي السابق.وقرارات منع دخول الاقصى لا تقتصر على رجال الدين والشخصيات العامة وانما هناك قائمة تضم العشرات من الشبان الذين منعوا من مجرد الاقتراب من الاقصى لفترات زمنية متفاوتة بحجة ان تواجدهم في الاقصى يثير المتاعب!!.ومن بين هؤلاء عدد من الموظفين العاملين في حراسة الاقصى سبق ان تصدوا في مناسبات مختلفة لمحاولات اليهود المتطرفين الدخول للاقصى.والتجمعات السكانية في الضفة الغربية محاصرة، ولا يسمح لابناء المناطق المصنفة «أ» او «ب» البناء في المناطق المصنفة ج» بحجة ان هذه المناطق تحت السيطرة الامنية الاسرائيلية وهي في الواقع مخصصة للاستعمال المستقبلي لتوسيع المستوطنات، بل ويمنع حتى الرعاة من دخول هذه المناطق.وليس هذا فحسب، بل ان الفلسطينيين داخل الضفة محاصرون اذ ان هناك طرق وشوارع في الضفة ممنوع على الفلسطينيين السفر عليها، وهي طرقات مخصصة للمستوطنين تماما كما كان الحال في جنوب افريقيا ايام النظام العنصري.وسكان الضفة في مجملهم محاصرون اذ لا يستطيعون السفر عبر الجسر الى الاردن الا باذن اسرائيلي وكثيرا ما نسمع بأن اسرائيل اعادت عن الجسر هذا الشخص او ذاك لانه ممنوع من السفر ومحاصر في الضفة الغربية!..والضفة الغربية محاصرة فلا زائر عربي او اجنبي يستطيع دخول الضفة بدون اذن اسرائيلي بما في ذلك الذين يرغبون القدوم الى مناطق السلطة الفلسطينية التي لا تملك ان تمنح اذناً او تأشيرة لأحد للقدوم اليها، او توفر الحق لأحد من ابنائها بالسفر الى الخارج وضمان عدم التعرض له من السلطات الاسرائيلية ومنعه من السفر.هذه بعض امثلة على الحصار الذي نعيشه وهي نتاج طبيعي في أدق تفاصيل حياتنا اليومية ويضعنا في قلب أطواق متتالية من الحصار تلو الحصار..غزة محاصرة.. نعم.. ولكن على الاقل ليست محاصرة من الداخل، فبامكان ابناء القطاع ان يتنقلوا بحرية داخل القطاع وان يبنوا حيث يريدون، وأن يصلوا حيث يريدون، فحصار غزة هو الحصار المفروض عليها من الخارج بعد ان تداعت كل اشكال الحصار التي كانت مفروضة عليها من الداخل.العالم كله اليوم يتحدث عن حصار غزة ولا احد يتحدث عن حصار القدس او اشكال الحصار المختلفة المفروضة على ابناء الضفة من اضيق دائرة وهي المسجد الأقصى الى اوسع دائرة وهي السفر الى خارج الضفة وبالاتجاهين.الكل يتحدث عن رفع الحصار عن غزة، حتى الاتحاد الاوروبي الذي كان من بين اوائل من أيد الحصار ضد حكومة حماس بعد انتخابات ٢٠٠٦ وكذلك العديد من المؤسسات والهيئات الغربية.. فقد اصبحت القضية الفلسطينية اليوم تتقزم في رفع الحصار عن غزة والاعتراف بحكومة حماس!..هل فقدنا البوصلة؟ ربما ، ولكن حصار غزة هو جزء من الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني بأكمله سواء في الضفة او القطاع وهو في الضفة ليس بأحسن حال من غزة وهذا ما لا يدركه الكثيرون ممن الهبت عواطفهم فكرة رفع الحصار عن غزة، ووقعوا في وهم الاعتقاد بأن رفع الحصار عن غزة هو المرهم الشافي للجرح الفلسطيني.لا يجوز اخراج مطلب رفع الحصار عن غزة من اطار مطلب شامل اوسع وهو المطالبة برفع الحصار عن الشعب الفلسطيني في الضفة والقدس والقطاع كل على حد سواء.رفع الحصار عن غزة وحدها قد يكون البوابة الى تكريس الانفصال وتقزيم القضية الفلسطينية في اقامة دويلة غزة وسقوط الضفة والقدس فريسة بين أنياب الاستيطان والاحتلال.. وهذا ما يجب على الجميع ان يدركه ، ولا شك ان المدخل الى ذلك هو اعادة اللحمة بين الضفة والقطاع وفي قلبهما القدس.