مسؤول حكومي كبير طلب مني ذات مرة مشورة، كيف يدفن نبأ غير مريح. انشره، قلت. في اسرائيل مدى حياة الانباء التي تنشر قصير على نحو مثير للعجب. يظهر عنوان رئيس في الصحيفة. ينشر خبر عاجل على الانترنت. برامج الصباح في الراديو تبث او لا تبث مقابلة من خمس دقائق، وفي حالات نادرة التلفزيون يضيف شيئا ما بين الاعلانات، وهذا هو. الافضل لدفن النبأ هو نشره يوم الجمعة: السبت هو سور الفصل الحقيقي لدى الاسرائيليين. يوم الاحد يستيقظون الى عالم جديد، رائع، نظيف من الفضائح الماضية ومستعدون للفضيحة القادمة. خسارة، إذ من كثرة الفضائح لا يستنفدون هنا تقريبا أي شيء. خذوا مثلا وزارة الداخلية. الوزارة صعدت الى العناوين الرئيسة في أعقاب قرار دانا كلدرون، موظفة على مستوى متوسط في سلطة الهجرة والسكان، بعدم السماح بدخول نوعام تشومسكي، البروفيسور اليهودي الامريكي الذي دعي لالقاء محاضرة في جامعة بيرزيت، في جسر اللنبي. تشومسكي هو في نظر العديد من الاسرائيليين، وفي نظري أيضا، رجل مقيت. ليس لدي سبيل آخر لان اشرح حقيقة أنه اختار ان يحل ضيفا في نهاية الاسبوع لدى حزب الله، المنظمة الارهابية التي تتحدث علنا عن ابادة اسرائيل بل وتعمل غير قليل في هذا الاتجاه. ولكن ان يمنع دخوله الى الضفة كان عملا غير قانوني، يخرج عن الاجماع ويضر بالدولة. وهذا لا اقوله انا فقط – بل تقوله ايضا وزارة الداخلية. عندما فهم الموظفون بانهم في مشكلة، حاولوا ان يورطوا في الموضوع منسق الاعمال في المناطق. التفاصيل مضنية، ولكن السطر الاخير خطير: ظاهرا، موظفو وزارة الداخلية غذوا ضباط الجيش الاسرائيلي بحجة كاذبة كي يحصلوا على شرعية باثر رجعي لعمل غير قانوني ارتكبوه. احد لم يحقق معه، احد لم يقدم الى المحاكمة، احد لم يوبخ. اناس يعرفون جيدا وزارة الداخلية يتحدثون عن اجواء عامة لعبد بات ملكا: قوة هائلة معطاة لموظفين مستواهم الشخصي متدنٍ ودوافعهم مشكوك فيها. روح القائد التي يبثها الوزير ايلي يشاي (شاس) تساهم في اجواء نزعة القوة هذه.معظم الحالات تتركز في وحدة واحدة تعمل في اطار الوزارة: سلطة الهجرة والسكان. يوم الجمعة نشرت في ملحق السبت في هذه الصحيفة مقابلة مع يهوديت تسور، قاضية لوائية تنال التقدير، فصلت سلسلة من الحالات التي صعدت فيها القوة الى رؤوس موظفي الهجرة. احيانا يمكن للمحكمة أن تصلح الظلم. ليس دوما، وليس دوما في الوقت المناسب.امور مشابهة سمعتها مؤخرا على لسان موظف كبير في سلطة المطارات. فقد قال خلافا للرأي السائد ان التأخيرات الزائدة في الدخول والخروج من والى اسرائيل لا يسببها جهاز الامن العام المخابرات او الشرطة، بل موظفي وزارة الداخلية. وقد وصف الوضع هناك بالفضائحي.على رأس سلطة الهجرة اليوم امنون بن عامي، الذي كان مديرا عاما في ديوان رئيس الوزراء وأدى وظائف عليا في وزارات اخرى. حسب ما قاله في الاستيضاح الداخلي الذي اجري في اعقاب قضية تشومسكي، هناك انطباع بانه هو ايضا مصدوم من الوضع ومصمم على احداث النظام. المسألة مفتوحة، اذا كان هو قادرا على ان يجعل الاقوال افعالا.لا يقترح أي شخص جدي فتح بوابات البلاد على مصارعها. اسرائيل، مثل كل دولة اخرى، مخولة بان تستجوب الوافدين اليها وان تمنع دخول اناس غير مرغوب فيهم، مهاجري عمل مموهين، جهات جنائية او جهات خطيرة من الناحية الامنية.ولكن ليس من حق الموظفين ان يتدخلوا، خلافا للقانون، في الاحوال الشخصية او الدينية. وليس من حقهم أن يمنعوا بروفيسورا، مناهضا لاسرائيل قدر ما يكون، من أن يحاضر في جامعة فلسطينية. رئيس الوزراء يعلن بانه مع اقامة دولة فلسطينية، كيف سيصدقونه في العالم، اذا كان موظفونا يمنعون دخول بروفيسور ابن 82 سنة الى الدولة العتيدة؟(في مقالتي في ذات الموضوع يوم الجمعة كتبت ان الجامعات في اسرائيل امتنعت عن شجب اغلاق البوابات في وجه تشومسكي. من الجامعة العبرية عدلوني: فقد نشروا بيان احتجاج قصير).