لو اتجهت بالسؤال لأي مواطن غزي عن جدوى عقد أي انتخابات فلسطينية قادمة سواء كانت تشريعية أو رئاسية أو حتى بلدية, لوجدت أن لسان حال المواطن في قطاع غزة يقول إنه لا فائدة منها ولا طائل ولو كانت هناك أي فائدة لوجدناها في انتخابات عام 2006م ، لذلك فإن طلب بعض الجهات الفلسطينية والعربية والدولية إجراء انتخابات لأجل الخروج من الأزمة التي يمر بها الشعب الفلسطيني هو طلب القصد منه عقد انتخابات "بالتفصيل" على مقاس جهة فلسطينية محددة لإخراج حماس من نفس البوابة الشرعية التي دخلت منها وإلى الأبد. هذه السذاجة في التفكير لا يمكن بحال من الأحوال أن تمر على حماس، وهو أمر لا يجب أن تُبنى عليه منطلقات المصالحة ولا يمكن بحال من الأحوال أن يكون هذا منطلقاً صريحاً وواضحاً لأجل الخروج من الأزمة التي صنعها المجتمع الدولي بالاتفاق مع بعض الدول العربية _ أقصد دول الاعتدال _ ولو كان الحل في عقد انتخابات, فلماذا الحصار بعد انتخابات عام 2006م وبعد نجاح حماس الشرعي والصريح فيها ؟؟ لذلك فإن عقد الانتخابات بعد المصالحة يمكن أن يكون مدخلاً واضحاً لمزيد من المعاناة ومزيد من الأزمات بين فرقاء الشعب الفلسطيني، لذلك فإن المصالحة الحقيقية غير المشروطة هي المدخل السليم لإنهاء الانقسام ولا مبرر للانتخابات بتاتاً، وحتى لا يُفهم قصد كلامي في غير محلة فإني اقترح أن تشمل المصالحة اتفاقاً وطنياً شاملاً على توزيع السلطة. بالإضافة إلى تمديد ولاية الرئيس عباس أو من يتم الاتفاق عليه فصائلياً وتحديد إستراتيجية وطنية متفق عليها وطنياً للتعامل مع ملفات(المجتمع الدولي_الوضع الداخلي_الوضع الأمني _المقاومة) وترك ملف إدارة المفاوضات للرئيس بعد الاتفاق على إصلاح مؤسسات (م_ت_ف) على ذلك يمكن أن تصبح المصالحة عاملاً من عوامل النهوض بالمجتمع الفلسطيني ومؤسساته بشكل عام لا مدخل للاختلاف من جديد على آليات الانتخابات ولجانها والمضايقات الحاصلة هنا وهناك ناهيكم عن عدم إمكانية التسليم بنتائج الانتخابات لكلا الطرفين في فلسطين ثم التدخل المباشر والتأثير الدولي على نتائج تلك الانتخابات كل ذلك تعتبر مداخل للخلاف، لذلك فإن الاتفاق في الحالة الفلسطينية الراهنة لا يجب أن يكون إلا رزمة واحدة . أما فيما يتعلق بالوسيط المصري الراعي للمصالحة, فإن المشكلة الأساسية تكمن فيه كونه لا يقف على مسافة واحدة من جميع الأطراف المتنازعة في فلسطين ولا أعتقد أن هناك عاقلاً سواء اتفق مع الإجراءات المصرية أو اختلف, بإمكانه أن يقول أن مصر راع نزيه، مصر طرف في المشكلة وإسرائيل طرف في المشكلة وأمريكا طرف في المشكلة وعلينا تحييد أطراف المشكلة لكي يمكن التخلص منها، وحديثي هذا لا يمكن أن يكون تشكيكاً في حِرص مصر على المصالحة لكن موقع مصر الجغرافي وإجراءاتها وتعهداتها الدولية تقف حجر عثرة في طريق المصالحة. ولو نظرنا إلى المشكلة السودانية كمثال لوجدنا أن ليبيا وتدخلات زعيمها المباشرة على خط أزمة دارفور جميعها محاولات لم تنجح رغم التدخلات القوية لحل الأزمة في دارفور الأمر الذي نجحت فيه قطر الدولة الصغيرة كما نجحت فيه لبنان لأنها لا تحمل أجندة وتعهدات لأحد أنا لا أقصد أن تكون قطر وسيطاً لحل مشكلتنا لكن أقصد أن لا تمتلك مصر الملف (كوكيل حصري) هذه ليست تجارة هذه مشكلة شعب وكل جهد عربي أو إسلامي أو دولي هو جهد مشكور ويصب في مصلحتنا الفلسطينية ولا يجب أن يكون حُبنا لمصر وعظمة مصر وتاريخ مصر ونضال مصر سبباً في أن تُعمى أبصارنا ولا يجب أن يستلم مصيرنا إلا من كانت همومه همومنا فلا يجب أن نمنع تركيا من الدخول على الخط ولا روسيا ولا حتى قطر مصلحتنا أهم من الجميع، لذلك فإني أختلف مع تصريحات قادة فتح وحماس القائلة بأن مصر وكيل حصري لملف المصالحة يجب أن يدخل الجميع على خط الإصلاح بين الفرقاء في غزة لأن كل يوم تأخير هناك إزهاق لأنفس زكية في غزة هناك أناس يعيشون في العراء هناك 200 ألف عامل عاطلون. هنا أقول إن المشكلة في حماس وفتح بالأساس لأن الرغبة في التصالح غير موجودة بالحد الأدنى لكليهما ولو كانت موجودة لما غرقت الجهود بالتفاصيل المملة والمُخزية والمعيبة لنضالات وجراحات شعبنا وعلى الفرقاء في فلسطين أن يعرفوا أنهم أمام مفترق فيه التاريخ لا يرحم. كاتب من غزة