غياب قطار سفلي في تل ابيب – أو باسمه الرسمي، شبكة التسفير الجماعي غوش دان – هو من قصورات البنى التحتية الخطيرة لاسرائيل. الدولة التي حظي علماؤها بجوائز نوبل ومستحدثوها يلعبون دور النجوم في اسواق التكنولوجيا المتقدمة، لم تنجح في ان تقيم مشروع مواصلات أساس مثله يعمل حتى في مصر، ايران وكوريا الشمالية. النتيجة هي ان متروبولين تل ابيب، حيث يعيش ويعمل اكثر من 3 مليون نسمة، لا توجد مواصلات عامة معقولة، تطرح بديلا للطرق المزدحمة. القطاع السفلي متوفر، سريع، لا يلوث ومنيع على أثار الطقس. من الصعب وصف مشروع بنية تحتية سيساهم اكثر منه في رفاه السكان في اسرائيل ويقلص الاستخدام الباهظ والملوث للسيارة الخاصة. القطاع السفلي يعتمد على تكنولوجيا تعود الى اكثر من قرن، وأسباب التسويف في اقامته تنبع كلها من ادارة فاشلة. حكومة غولدا مئير قررت منذ العام 1973 بناء قطار سفلي في تل أبيب، ومنذئذ والفكرة عالقة. مرة بسبب جدول اوليات مختلفة، مرة بسبب خلاف بين السلطات والموظفين، والان بسبب مصاعب التمويل للمستحدث الذي حظي بالعطاء. وزارة المالية توصي الان بتأميم المشروع والخروج بعطاء جديد، والقرار سيطرح هذا الاسبوع على رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. هذه فرصة نتنياهو، الهاوي الشديد المحب لمشاريع البنى التحتية والقطارات، في أن يُري حسا زعاميا وأن ينقذ قلب البلاد من أزمات السير والتلوث. فقط رفع المشروع الى رأس جدول الاولويات الوطني سيسمح بازالة جمود دام 37 سنة. ولكن مشكوك أن هذا ما سيحصل. وزير المواصلات، اسرائيل كاتس يخطط لبناء قطارات الى المستوطنات، ونتنياهو يريد قطارات الى كريات شمونة وايلات. أما غوش دان المركز المواصلاتي والاقتصادي لاسرائيل، فلا تعنيهما. آفي برئيلي كشف النقاب أمس في "ذي ماركر" عن سياقات تعيين مدير عام جديد لقطار اسرائيل وبين ان اعتبارات حزبية ودفع مصالح اصحاب الامتياز ورجال الاعمال أهم للسياسيين بكثير من رفاه الجمهور. وزارة المواصلات وفروعها تستخدم من الوزراء المتغيرين كأداة لدفع مصالح سياسية – أما الثمن فيدفعه الجمهور الذي ينتظر في الشمس للباصات، او في أزمات السير في طوابيرها الطويلة عند المداخل الى تل أبيب