ما الجديد فى المفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية بعد مفاوضات طويلة اسستغرقت حتى ألأن أكثر من ستة عشر عاما ؟ فالملاحظ على هذه المفاوضات أن كل الحكومات ألأسرائيلية بكل تكويناتها وتوجهاتها وبرامجها قد تعاقبت عليها ، ويلاحظ التوافق والتوحد بين كل ألحكومات ألأسرائيلية فى كل القضايا التفاوضية من اللاجئييين والقدس والمستوطنات وحتى موضوع الدولة الفلسطينية وشكلها ، ولذا لا جديد مع أى حكومة أسرائيلية جديده ، فيفترض أن مواقف هذه الحكومات بأحزابها معروفة مسبقا للمفاوض الفلسطينى ، وحتى إذا كان هناك درجة من التنازل الشكلى من حكومة ألىأخرى فهذا التنازل لا يمس الثوابت أو المحرمات ألأسرائيلية . وبالمقابل المفاوض الفلسطينى لم يتغير ، نفس الوجوه التى تدير هذه المفاوضات لم تتغير ، ومنظمة التحرير بمرجعيتها الثابته لم تتغير ، والسلطة التى تتفاوض لم تتغير ، والرئاسة هى نفس الرئاسة ، وهذا الفريق الفلسطينى التفاوضى لم يتغير وتعامل مع كل الحكومات ألأسرائيلية ، وبات هذا الفريق التفاوضى مدروسا ومعروفا وأشبه بالكتاب المفتوح لأسرائيل ، ويفترض أن أسرائيل تعرف ماذا يريد الفلسطينيون ، وما حجم التنازل الذى يمكن أن يقدموه ، ونفس الشئ ينطبق على المفاوض ألأسرائيلى. وحتى إذا ذهبنا إلى المستوى ألأقليمى ، لا جديد على المستوى العربى ، فنفس أنظمة الحكم المعتدله والمؤيده للسلام وخيار المفاوضات وما زالت المبادرة العربية مطروحة كخيار عربى للسلام ، وعلى مستوى اللجنة الرباعية هى نفس اللجنة التى شكلت منذ عام 2004، بخريطة طريقها التى لم تعد قائمة على أرض الواقع ، ولم تعد تصلح كإطار عام لللتفاوض، والإطار الدولى أيضا لم يتغير . ,ألأهم من الشخوص الثابته والمستمرة ، الذى لم يتغير وهذا هو ألأهم العقلية والرؤية والمدركات السياسية التى تحكم السلوك السياسى للمفاوضين . ويبدو أن التصلب ألأيدولوجى ثابت لم يتغير وخصوصا فى الجانب ألأسرائيلى الذى تحكمه ثوابت ألأيدولوجية الصهيونية . ولعل أحد أبرز التغيرات السلبية وغير المشجعة تنامى التيارات والحركات المتشدده والرافضه لخيار المفاوضات ، والتحول أيضا فى موازين القوى التى تحكم العلاقات ألأقليمية والدولية ، وبروز دور دولة ايران كدولة أقليمية بات لها دور مؤثر فى السياسة ألأقليمية وفى توجهات الحل السلمى ، وربطه بتنامى القدرات النووية لأيران ، والسؤال هنا الى أى مدى يمكن ان تساهم هذه التحولات فى موازين القوى ، وتراجع دور الدول المركزية فى المنطقة ، فى الدفع نحو خيار التسوية أو الحرب ؟ وبالمقابل التغير والجديد فى هذه المفاوضات هو التغير فى ألأدارة ألأمريكية والرئيس أوباما نفسه الذى جاء ألى الرئاسة بعد حكم ثمان سنوات للرئيس بوش وما لحق بالسياسة ألأمريكية من فقدان مصداقية ، وتعرض مصالحها للخطر ، وأتساع دائرة ألأرهاب والعنف ، وهذا الجديد فى المفاوضات ما أكد عليه الرئيس ألأمريكى وألتزامه منذ ألأيام ألأولى لأدارته فى خطابيه فى أنقرة والقاهرة والذى تعهد فيهما عزمه على خلق عالم جديد من الشراكة الدولية وحل الصراع العربى ألأسرائيلى وقيام الدولة الفلسطينية والذى نال عليه جائزة نوبل للسلام . هذا التغير لا يمكن تجاهله ، ولا بد من إعطائه الفرصة الكامله من الفترة المتبقية لحكمه والتى لم تعد بعيده من ألأن ، وهى فترة العامين والمقرر فيهما قيام الدولة الفلسطينية . وهنا أكثر من سؤال يمكن ان نطرحه ، هل التغير فقط فى شخص الرئيس ألأمريكى ؟ وهل التغير فى السياسة والدور ألأمريكى ؟ وهل التغير فى الألتزام ألأمريكى الصادق والملتزم هذه المرة بقيام الدولة وتسوية الصراع. ؟وبقراءة تطور السياسة ألمريكية منذ قدوم أدارة الرئيس أوباما أنها لا شك ليست هى نفس ألأدارة ألأمريكية السابقة ، وان أوباما ليس هو بوش ، ومع ذلك السياسة ألأمريكية محدداتها وثوابتها ثابته ولم تتغير ، فعندما يتحدث الرئيس أوباما عن الشراكة الدولية فهذا لايعنى مثلا تراجعا فى رؤية أمريكا كدولة عظمى أحادية ، وعندما تتحدث عن ألتزامها بالتسوية السياسية وقيام الدولة الفلسطينية لا يعنى هذا تراجعا فى الثابت السياسيى ألأمريكى بألتزام أمن وبقاء أسرائيل ، ولذلك الأتفاق ألأمريكى ألأسرائيلى حول شكل الدولة الفلسطينية ومواصفاتها ، وحتى الحديث عن يهودية اسرائيل الولايات المتحده تتفهم هذه التوجه ألأسرائيلى. لكن الجديد مع هذه ألأدارة هو تنامى تيار فكرى وسياسى مهم فى الولايات المتحده يرى أن من مصلحة الولايات المتحده أيجاد حل للقضية الفلسطينية ، واهمية قيام الدولة الفلسطينة لأستعادة مصداقية ودور الولايات المتحدده فى المنطقة ، وان هناك قدر من التمايز بين مصالح الولايات المتحده ألأستراتيجية فى المنطقة ومصالح اسرائيل كدولة حليفة عليها ألا تأتى بما يضر المصالح ألأمريكية ، وعليه إذا كانت السياسة والمصلحة ألمريكية تقتضى تسوية الصراع وقيام الدولة الفلسطينية فعلى أسرائيل أن تستجيب لهذه السياسة ، ولا تعمل عكسها . وهذا قد يفسر لنا الموقف ألأمريكى من قضية أستمرار أسرائيل فى بناء المستوطنات فى القدس وغيرها من ألأراضى الفلسطينية . وعليه لا شك أن هناك فرصة مع ألرئيس ألمريكى أوباما ، ولا بد من منح أدارته فرصتها بالكامل ، وحتى مع أستباق القول بان هذه الأدارة لن تأتى بالسلام ، ولن تستطيع فرض ضغوطاتها على أى حكومة أسرائيلية بسبب اللوبى الصهيونى ومحددات السياسة ألأمريكية الداخلية التى لا يستطيع الرئيس أوباما تجاهلها ، لكن ما لا يمكن تجاهله أيضا المصلحة ألأمريكية العليا من ناحية ، ومن ناحية أخرى حاجة الطرف الفلسطينى للموقف ألأمريكى فى خياراته المستقبلية والتى منها الذهاب لمجلس ألأمن لقيام الدولة الفلسطينية . ويبقى هذا الجديد ودوره وتاثيراته ومصداقيته هو المحك االرئيس لإنجاح المفاوضات الفلسطينية ألأسرائيلية .فهل تجد أمريكا نفسها كدولة عظمى فى قيام الدولة الفلسطينية؟. أكاديمى وكاتب عربى drnagish@hotmail.com