خبر : الشهيد أبو جهاد وبعض البدايات في الثورة .. ، رحيل الجد إلى الرملة 1915 ..ابو علي شاهين

الجمعة 16 أبريل 2010 10:48 ص / بتوقيت القدس +2GMT
الشهيد أبو جهاد وبعض البدايات في الثورة .. ، رحيل الجد إلى الرملة 1915 ..ابو علي شاهين



تناولت الكثير من الأقلام «أبو جهاد - خليل الوزير، الإنسان والقائد» ..، وهأنذا أوضح وألقي الضوء على بعض البدايات في هذا المقال .، الذي آمل أن أتبعه بمقال ومقال ومقال .. لكي أُجلي بعض الحقائق .. قبل لحاقي به وبأخواته وإخوانه من سفراء ثورتنا الوطنية المعاصرة، ثورتنا العربية الفلسطينية. مقدمة  أعلنت تركيا الحرب مع ألمانيا (1914) ضد الحلفاء، وجهزت جيوشها في بقايا إمبراطوريتها، وجعلت جبهة فلسطين من أهم مواقع دفاعها، بإمرة جمال باشا السفاح قائد الجيش الرابع ، وذلك لمواجهة الجيش البريطاني المنتظر قدومه من الديار المصرية (سيناء) بقيادة الجنرال اللنبي. في هذه الأثناء عاث الجيش التركي فساداً في فلسطين .. خاصة جنوبها، فقطع الأشجار وسرق المحاصيل وجعل " قضاء غزة " منطقة عسكرية مغلقة. ( 1 ) رحيل الجد .لقد دفعت السياسة التركية الغاشمة الكثير من أبناء مدينة غزة إلى الهجرة منها متجهين شمالاً ..، وقل تعداد المدينة إلى ما دون (3000 مواطن) .. مع العلم أنها المدينة الأكثر تعداداً في المدن الفلسطينية عبر آلاف السنين. ارتحل محمود الوزير (الجد) إلى مدينة الرملة (عروس السهل الساحلي)، وذلك عام ( 1915) واستقر هناك .. وتزوج ابنه إبراهيم في منتصف الثلاثينيات ، وأنجب خليل (الحفيد) في اليوم ما قبل الأخير من الإضراب الفلسطيني التاريخي [17/4/1936 – 11/10/1936].    ( 2 )  طرد الأب من الرملة 1948ودرس ( الحفيد ـ خليل ) في مدارس الرملة الابتدائية، حتى انسحاب الجيش العربي الأردني من مدينتي (اللد والرملة) في [ 10/ يوليو ـ تموز /1948 ] ، حيث فرض قائد الهجوم " الإسرائيلي " موسى كالمن ومساعده  إسحاق رابين .. الخروج القصري على المواطنين، وفُـرض عليهم التوجه شرقاً إلى اللطرون ومن ثم إلى رام الله، ومن أراد التوجه جنوباً في اتجاه المجدل وغزة فعليه أن يسلك طريقه عبر الطريق الساحلي المعبد ( يبنا ، المجدل ، غزة ) ، وأعطى لجيشه حق سلب أولئك المواطنين رجالاً ونساءً من كل ما في حوزتهم، فعلاً خرجوا بملابسهم التي على أجسادهم ..، وحدث هناك أمراً مهماً ، لقد تعرض الصبي خليل الوزير – فعلاً – إلى إطلاق نار مباشر من أحد جنود العصابات الصهيونية ، ولكن الرصاص أصاب عربي آخر ، .. ( هو صديقه وإبن حارته الذي إلتقاه بعد ثلاثة عشر عاماً في عمان وبادره بالقول :ـ " لقد إفتديتك يا خليل " ولكن الأمر الأهم .. كان بالإجهاز قتلاً على مرأى من الجميع لحالات عديدة كما حدث في مجزرة " مسجد دهماش الكبير " حيث قُـتل العشرات داخل المسجد وأُجهز على معظم الجرحى الذي زاد عددهم عن مائة شهيد ، كل هذا لكيلا تتعب عناصر العصابات الصهيونية ، وتكلف خاطرها ، بنقل أياً منهم إلى مستشفى، فالرصاصة أقل كلفة من العلاج – والعربي الجيد، في العرف الصهيوني، هو العربي الميت -!!!. تأثر الصبي (خليل) بهذه المناظر المؤذية للنفس ، والتي تترسب في الأعماق لصبي دون الثانية عشر من عمره، خاصة أن هذا الصبي كان ذكياً ولماحاً .. فهو الأول على أقرانه في المدرسة، وبقي كذلك حتى تخرجه من «الثانوية العامة» في مدينة غزة، (1955). وبعد مصادمة الموت هذه ، وجهاً لوجه في مدينة الرملة حيث كانت والدته قد دفعت إليه بِصرة ( الزوادة ) ليحملها .. وعند وصوله الباص أمره المسلح الصهيوني ، أن يدع الصُـرّة على كوم الصُـرّر ، فوضعها وصعد إلى " الباص " ـ ولكنه فجأة عاد ليأخذ " صُـرّة الزوادة " فعاجله المسلح الصهيوني بصلية من الرصاص من رشاشه أصيب صديقه وعاد أدراجه .  نجحت الأسرة أخيراً في الوصول بعد صعاب - ما أنزل الله بها من سلطان – إلى مدينة غزة، وسكنت منزل العائلة في حي الدرج، وعمل الوالد في «حمام السمرة» خاصتهم، وانتظم الابن خليل في مدرسة الزيتون ثم  الرمال الإعدادية للاجئين . ( 3 ) إلى أين ؟وتأثر الصبي بما أحاط به من أحداث وبقي قارئاً أميناً وحافظاً جيداً لذلك المشهد .. مشهد المحاولة الصهيونية للاقتلاع من الجذور ..، حيث تم القطع الحِدي للتطور المجتمعي الفلسطيني، والقي به بعيداً .. عاش المسلح الصهيوني عضو العصابات بصورته كاملة ، قاتلاً ، مغتصباً ، في أعماق أعماق نفسية ذاك الصبي .. وتعاظم دور ذاك الصهيوني الغازي سلباً على كامل حراك حياة الصبي ..، وصراخه الأخير لازال يملأ عليه الأسماع والبصر – ويثقل عليه بصيرته (يالا روخ من هون) ..، والسؤال الأبدي .. في أعماق الصبي إلى أين؟ ..، ودوماً برز على مجمل حياة الصبي السؤال الأكثر خطورة .. أين القيادة؟ .. ولكن السؤال الأشد خطورة – كمن في – أين الأشقاء العرب / شعوباً وأحزاباً وملوكاً وأمراءاً ورؤساءًا؟ .. ، . هنا حدث الإسقاط الشَـرطي ما بين خليل الوزير وإسماعيل شموط ، حيث رسم كل منهما لوحته المُـعبرة ( إلى أين ؟ ) . الأول رسمها بالدم والعطاء المتواصل والثاني رسم لوحته بألوان الزيت وكان التكامل الحضاري الدائم ما بين أذرع الفعل الثوري نضالياً وعملياً وميدانياً . ( 4 )  الجواب:- حركة الكل الوطني  كبر الصبي .. وكبرت الأسئلة ووجد نفسه يجيب عليها ..، علينا خلق الإطار التنظيمي الذي سيتولى رد الضيم الواقع على شعبنا، وهذا لا يكون إلا بإعطاء الدور القيادي الأول لشعبنا في قضيته .. مع تثوير طاقاته وإمكاناته وقدراته .. وأن تصب جميعاً في خانة النضال الوطني .. بكافة أوجهه .. وتوجهاته وجبهاته وأذرعه متكاملاً في الأداء على أرضية معادلة «الكل الوطني» أسوة بكل حركات التحرر العالمية ..، أي أن الحاجة تفرض .. بل وتحتم خلق حركة تحرر وطني فلسطينية ، ثورية ، شعبية ، عربية ، تتبنى الكفاح المسلح / ذراعاً مركزياً وأساسياً من أذرع النضال الوطني الفلسطيني  /، وتكون هذه الحركة (القابلة للتطور) هي القيادة الوطنية الفلسطينية الراعية لمشروع التحرر الوطني الفلسطيني، والمحافظة على القرار الوطني السياسي الفلسطيني، وأن يبقى مستقلاً عن النظام العربي الرسمي، استفادة من التجربة الوطنية الفلسطينية السابقة ونهلاً من تجربة الثورة الجزائرية الشقيقة منذ انطلاقتها في 1/11/1954. ( 5 ) «التنظيم هو الحل» . هنا توجه " خليل الوزير " بحثاً عن الإطار التنظيمي ، .. الذي بحث عنه إبان احتدام الصراع بينه وبين نفسه، وهو يرى الجنود الصهاينة يمارسون فاشيتهم وساديتهم، هنا للإجابة على السؤال الملح في عقله الباطن وواقعه القائم على الأرض .. إلتحق بِـ " جماعة الإخوان المسلمين " أوائل الخمسينات من القرن الماضي، متأثراً بدعاياتهم وبأحاديثهم المنمقة حول فلسطين ودورهم ( الدعائي المزور ) في حرب 1948 ، وإعلانهم ضرورة إستردادها بالكفاح المسلح ( الجهاد ) ..، انتظم حسبما يفرض عليه عمره، بما أطلق عليه حينئذ «الفتيان» وتلقى بعض التدريبات الكشفية والعسكرية في رفح وشمال سيناء .. وأصبح المسئول الأول لهؤلاء الشباب «الفتيان»،. ( 6 )  فلسطين الأولوية الثانية . وعندما طالبهم " خليل الوزير " مع غيره بالسماح لهم بتنفيذ وممارسة ما إستفادوه من التدريب العسكري ضد العدو الصهيوني ( اليهود ـ كما كانوا يطلقون على الصهاينة ) ، فوجئوا بالرد الحاسم بأن الأولوية للجهاد ليست ضد «إسرائيل» بالرغم من خطرها .. بل إن أولوية الجهاد الأولى هي ضد النظام المصري بقيادة جمال عبد الناصر. كان ذلك في شهر [ ديسمبر ـ كانون أول / 1953 ] ، حيث أبلغهم بذلك .. مسئولهم في " جماعة الإخوان المسلمين " ( هاني بسيسو ) وكان الصراع قد إحتدم بين قادة ( ثورة 23 / يوليو ـ تموز 1952 ) وزعامة " جماعة الإخوان المسلمين " ولم يكن هناك من سبب للصراع هذا .. اللهم إلا من يتولى الحُـكْـم في الديار المصرية التي قد أصبحت الجمهورية المصرية . إن " خليل الوزير " ومجموعة من الفتيان قد حاورت وناقشت وإحتد النقاش مع " هاني بسيسو " حول رفضهم هذه النتيجة الإخوانجية ، وإلتئم شملهم في جلسة خاصة بهم ( كراج سيارة حسن الإفرنجي ) وقرروا الإنسحاب النهائي من " جماعة الإخوان المسلمين "  ، وأن يبدأوا ( فوراً ) بالعمل العسكري المباشر في الاراضي الفلسطينية المحتلة عام ( 1948 ) ، وبالفعل بدأوا بتنفيذ أولى هذه العمليات في الأسبوع الأول من عام ( 1954 ) ، وإختاروا " خليل الوزير " مسئولاً لهذه المجموعة ، وأطلقوا عليه إسم ( المُـعـلـم ) ، وإتفقوا على دور مميز للشعب الفلسطيني في حرب ( إسترداد التراب الوطني ) وعودة الشعب الفلسطيني إلى دياره . ( 7 ) المنعطف المصيري .هنا كان المنعطف الحاسم والخطير في حياة " خليل الوزير " وهذه المجموعة من «الفتيان» - مما سيؤثر في تاريخ فلسطين المعاصر والمنطقة على مدى العقود الطويلة من السنين. هنا بدأ وبعض إخوانه .. في اتخاذ القرار الجدي الذي سيتأثر كل منهم .. حتى نهاية حياته نتيجة هذا القرار المصيري لكل منهم وفي تاريخ فلسطين المعاصر . لقد كان قرارهم .. هو ترجمة وتجسيد حي .. مبدع وخلاّق .. لما دار في كيان الصبي خليل الوزير وهزه من أعماقه بمدينة الرملة .. وقد صاحبه مع غيره من أبناء جيله ..،. هنا كان التنفيذ الحي للخلاص الوطني الفلسطيني .. ألا وهو القسم بممارسة النضال الثوري ، وإبراز الكفاح المسلح ليكون بوابة المرحلة الوطنية الفلسطينية المعاصرة مع التأكيد فيما بين هذه المجموعة الشابة الخارجة والمتخلصة من ثوب «جماعة الإخوان المسلمين» إلى غير رجعة .. بأن العمل المسلح داخل الأرض المحتلة هو «خشبة الخلاص» لمعاناة الشعب الفلسطيني ، والطريق الذي لا بديل له لاسترداد التراب العربي الفلسطيني وعودة الإنسان الفلسطيني إلى أرضه .. للتفاعل العمودي مع أرضه ، والتفاعل الأفقي مع مواطنيه ، أسوة بكل شعوب وأمم الأرض. ( 8 ) العمل العسكري الأول . وأخطر ما في الأمر .. أنهم قد طبقوا وقرنوا القول بالفعل .. حيث بدأوا ممارسة العمل العسكري مباشرة من قطاع غزة، داخل الأرض المحتلة ( 1948 ) . ونجحوا في إختراق خطوط هدنة (1949) ، واستطلاع بعض الأهداف والوصول إليها (وهي متواضعة) وضربها. إن «إسرائيل» على مستوى أعلى زعاماتها قد درست هذه الظاهرة الآتية عبر الحدود ..، ولم يكن أياً من هؤلاء الشباب قد جاوز (20 عاماً) من عمره، ما عدا / حمد العايدي /، لقد أوضح هؤلاء الشباب .. «أن التنظيم .. حتماً في خدمة القضية» وليس العكس، وفي اجتماعهم السري الأول اختاروا / خليل الوزير / مسئولاً عن هذه المجموعة –  وأطلقوا عليه مسمى «المعلم» - ووزعوا الأدوار ، حيث أبقوا / كمال عدوان / على عضويته ب " جماعة الإخوان المسلمين " ، لينقل إليهم ما يدور في " الجماعة " وليخفف من هجوم «الجماعة» ضدهم ما أمكن . ( 9 ) العلم .. الأرضية الصلبة للعودة . بعد الانتهاء من المرحلة الدراسية الإعدادية، التحق / خليل الوزير / بمدرسة فلسطين الثانوية .. (1952 – 1955) ونشط بفاعليات ثقافية وطنية .. شهد له بها الجميع من أقرانه ومدرسيه، حيث أصبح وهو في السنة الثانية ثانوي رئيساً للجنة الثقافية المشرفة على المهرجانات الخطابية اليومية والموسمية ، والبرنامج الخطابي الصباحي والتمثيل وجرائد الحائط والمجلة المطبوعة الصادرة بإسم المدرسة،. هنا بدأت مَـلَـكات الشاب/ خليل الوزير/ بالتبلور والتمايز وظهرت شخصيته القيادية المتسمة بالهدوء والانسياب وقوة الإقناع والحسم في اتخاذ القرار. ( 10 )  تفجير خزان زوهر ومضاعفاته . صاحب دوره في المدرسة الثانوية .. دوره القيادي لمجموعة العمل العسكري الفلسطيني الأول بعد نكبة (1948) وذلك في الأشهر الأولى لعام 1954، قام مع إخوانه بعمليات عسكرية عدة .. إلى أن كانت العملية الكبيرة ليلة 25/2/1955 .. حيث قامت دورية عسكرية من المجموعة إياها بتفجير ( خزان زوهر ) ..، وتدفقت مياهه المحجوزة عبر وادي ( القرية الفلسطينية على خط الهدنة ـ  دِمرة ) إلى البحر الأبيض المتوسط .. ولكن هذه المياه تدفقت نتائجها سياسياً في المنطقة بكاملها، فلقد اتخذ دافيد بن غوريون وزير دفاع «إسرائيل» حينئذٍ قراره بالانتقام ، وبالفعل قامت (وحدة 101 + قوات المظليين) بالهجوم على جنوب مدينة غزة وشمالها ، حيث أَوقَـعَـت في كمينها سيارة لوري مغطاة (بالشادر)، وكانت النتيجة 39 شهيداً مصرياً وفلسطينياً من ضباط وصف ضباط وجنود الجيش الفلسطيني – وعُرفت بحادثة 28/فبراير/1955. ووقع الكمين هذا في مربع الشهداء على شارع صلاح الدين ، حيث يطلق عليه العامة ( نقطة البوليس الحربي ) وهو مفرق مستوطنة نتساريم سابقاً وأما رأس الحربة الثانية في الهجوم فكانت شمال مدينة غزة ، حيث قامت القوة الصهيونية المهاجمة بتدمير ( بئر الصفا ) وإشتبكت مع مجموعة من " الهجانة " السودانية / أي قوات حرس الحدود . إن خسائر العدوان الصهيوني في هذه الليلة قد فاق العشرين قتيلاً صهيونياً شمالاً وجنوباً . ( 11 ) انفجار المظاهرات وكتيبة مصطفى حافظ . خرجت المظاهرات العارمة في قطاع غزة منادية بالتسليح [ صباح الأول من / مارس ـ آذار 1955 ]  واعتقل عشرات الحزبيين (اليمين واليسار) ، ووصل عبد الناصر في زيارة مفاجئة وخاطفة وإجتمع مع وجهاء القطاع ، وإثر هذا الإجتماع اتخذ عبد الناصر قرارات جريئة وفي غاية الخطورة ..، حيث أقلع نهائياً .. مغلقاً ملف البحث عن السلاح لدى الغرب .. ، أمراً رئيس البعثة المصرية لشراء السلاح في واشنطن ( علي صبري ) بالعودة للقاهرة . هنا بدأ البحث عن السلاح الشرقي ، وتوجه لشراء السلاح السوفيتي .. وهذا ما كان له تأثيره السياسي في المنطقة حتى تاريخه. لقد أكدت حادثة[28/فبراير ـ شباط ] ، أفكار ووجهة نظر جمال عبد الناصر أن الخطر الأول على الأمن القومي المصري – والعربي لا يكمن في المنظومة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي ( الملحد ! ) .. بل يكمن في العدو المركزي للأمة العربية «إسرائيل» وتحالفاتها، وكذا في سياسة الأحلاف الغربية في المنطقة. هنا كانت صفقة السلاح «التشيكية» [ أكتوبر ـ تشرين أول 1955 ] وتفاعلاتها حتى تاريخه، ولا يغيب عن المتتبع لتاريخ تلك المرحلة السياسي الدور الإيجابي في إنجاز هذه الصفقة للأصدقاء في الصين الشعبية وخاصة ( شو إن لاي ) رئيس الوزراء الصيني أنذاك . وقامت القيادة المصرية بدورها في التصدي للعدوان الصهيوني الدائم .. حيث تأسست كتيبة (421) من الفدائيين بقيادة البكباشي ( المقدم  مصطفى حافظ ) ، حيث أثرت في المزاج الشعبي والمعنوية الوطنية والعقل الكفاحي العربي الفلسطيني، ولازالت هذه الكتيبة وقائدها تحظيان بالاحترام الكبير في جميع أوساط الشعب الفلسطيني. لقد نجحت المجموعة الشابة في تجنيد بعض أفرادها في هذه الكتيبة وعقدت صداقات عبرهم مع البعض الأخر ، فكانت الدورية تقوم بدورها المخابراتي وعلى مسافة ليست قريبة تقوم بتنفيذ المهمة الموكلة لها من قيادة هذه المجموعة من الشباب ، وكان لِـ " خليل الوزير " و " حمد العايدي " و " كمال عدوان " أدواراً مميزة في لظم حبات هذه المسبحة التنظيمية ، في إرهاصاتها الأولى العملية والميدانية . ( 12 )  اعتقال القائد .. «المعلم»  .إعتقلت إدارة الحاكم الإداري العام لقطاع غزة، الشاب / خليل الوزير / على خلفية تفجير خزان زوهر .. ومكث في السجن فترة ، ولقد ساعده نسيبه وكيل النيابة ( المحامي فايز أبو رحمة ) .. وتدخل لصالحه كل من الشيخ هاشم الخزندار و هاشم عطا الشوا ، وخرج بكفالة أحد العاملين في إدارة الحاكم العام (بمدينة غزة) وهو سوداني الأصل، ونال / خليل الوزير / إعجاب الضباط العاملين في إدارة الحاكم العام، هذه هي القومية العربية الذي إذا وُضعت على المحك فإن معدنها الأصيل .. هو الوحيد الذي يتمايز.     ( 13 ) الجامعة والآفاق الجديدة . أنهى خليل الوزير / دراسته الثانوية عام 1955 وإلتحق بجامعة الإسكندرية / كلية الآداب – قسم فلسفة وعلم اجتماع، وهنا في مصر كانت إحدى أهم حلقات حياته الذهنية ..، حيث التقى مع / عبد الفتاح عيسى حمود/، وكانت مجموعة الشباب في قطاع غزة، قد أوفدت، كمال عدوان للالتقاء به، ولكن المخابرات عثرت على رسالتهم معه ..، واستمر التواصل معه سراً – إلى أن كان لقاء (الوزير مع حمود) من أهم خطوات انتشار الفكرة الجديدة .. حيث شكلا ثنائياً ناجحاً لطرح الفكرة.  وهنا تعلم خليل الوزير .. أكثر عن تجربة رابطة الطلاب الفلسطينيين .. وتأكد أن فكرتهم في قطاع غزة – القائلة بالخروج من الأزمة الوطنية التنظيمية الطارحة ذاتها وبعمق .. إنما يكمن في جمع حدود معادلة " الكل الوطني " في محصلة فعل ضد المشروع الاستعماري الصهيوني، وتأكد من إمكانية نجاح ذلك بعد إطلاعه بالتفصيل من / عبد الفتاح عيسى حمود / على تجربة رابطة الطلاب الفلسطينيين .. حيث من الممكن أن تتعايش الأفكار مهما تناقضت من أجل إنجاز هدف سام .. على غرار هدف " استرداد فلسطين " .  لقد كان / خليل الوزير / متعمقاً في رفض مشروعات التوطين .. «أياً كانت مسمياتها .. وهنا زاد وعيه وإدراكه بخطورة هذه المشاريع .. وبأنها فعلاً أخطر ما يواجه القضية الفلسطينية من عوامل وعناصر لتصفيتها. واطلع كذلك على مشاريع تحويل مياه نهر الأردن ..، وعرف كما لم يكن يعرف .. أحوال الشعب الفلسطيني في الشتات خاصة في دول الجوار. ( 14 ) قف وفكر .. فلسطين الثبات . كانت هذه الأمور وغيرها مدعاة لِ" خليل الوزير أن يقف ويفكر ويطور أفكاره النضالية التحررية .. ودرس وباستفاضة ما وقع بين يديه من دراسات حول حركات التحرر الوطني العالمية .. وقصد معظم مكاتبها في القاهرة ، وتحادث مع العاملين فيها وأخذ الكثير من نشراتهم .. وتأثر منذ البدايات بالتجربة التحررية الجزائرية .. ولقد بقي لهذه التجربة في قلبه وعقله مكاناً .. ومساحة لا محدودة. وبدأت آفاق " خليل الوزير " تتسع بمساحات واسعة وتتفاعل أفقياً وعمودياً وتتلاقح أفكاره مع المستجدات من الطروحات الفكرية الثورية .. وبقيت فلسطين تشكل شمال بوصلته الثابتة وتحريرها .. هاجسه الأول والأخير .. وكل شيء لخدمة حرب الاسترداد .. أنها الحرب الوطنية المقدسة في خاطر وعقل وضمير وأحاسيس ووجدان " خليل الوزير " . ( 15 )  التنظيم .. الشخصية .. الهوية .. الكفاح .. الثورة .. الانتصار . بدأت طروحات الفكرة الجديدة بالبلورة وتوضحت أهم هذه القضايا بالآتي : - - إن الإطار التنظيمي إنما وُجد لخدمة القضية الفلسطينية وليس العكس ، نعم .. (التنظيم في خدمة فلسطين). - تم الحسم بألا يكون الاسم «جماعة» أو حزباً .. لأن المطروح أمام المجموعة كان متأثراً بأفكار حركات التحرر الوطني العالمية .. إما جبهة أو حركة ، ولكيلا يقع الإطار فيما لا يحمد عقباه .. فقد تم التوجه نحو تسمية «حركة»، خاصة أنها تعني أول ما تعني القدرة على التطور. - وهذه " الحركة " .. لابد أن تكون وطنية وثورية وأن الانبثاق الحقيقي لها من صميم إرادة الشعب العربي الفلسطيني وطموحاته وتطلعاته. - إن الشخصية الوطنية الفلسطينية قد تعرضت إلى مالا يطاق ، ولا يحتمل من مؤامرات الشطب والتذويب والإنهاء والتصفية .. وهذا الإطار عليه أن يجدد وجود ودور الشخصية الوطنية الفلسطينية عربياً ودولياً / غير الخاضعة لأي كان ، وليست تابعة أو موجهة إلا لثوابت نضال الشعب الفلسطيني وأمته العربية. - وتقع على مسئولية هذا الإطار التعبأة الثورية للشعب الفلسطيني .. لأخذ دوره الطليعي والأساسي والمركزي في بعث وإدارة وقيادة القضية الفلسطينية لتحرير فلسطين من المشروع الاستعماري الصهيوني وتحالفاته الاستعمارية الدولية. - إن الشخصية الوطنية والمسئولية القيادية تؤكدان أن مستقبل هذا الإطار ليس يمينياً أو يسارياً، فلابد من تجاوز كل هذه الطروحات وغيرها وصولاً لإنجاز هدف التحرير، وإسترداد الأرض العربية في فلسطين وعودة الشعب الفلسطيني إلى دياره الذي طُرد منها. - إن تحرير فلسطين يتم عبر وسيلة الثورة المسلحة .. في الأرض المحتلة من فلسطين، حسبما ترتئيه قيادة الإطار مستقبلاً. - كل هذا يكون على أرضية إستعادة الشعب الفلسطيني لدوره في الميدان القتالي .. مع الجزم أن دوره هذا لا يتعدى كونه رأس الحربة، والأمة العربية هي جسم هذه الحربة وقاعدتها الصلبة. - وهذا يدفع للحسم في مسألة القرار الوطني الفلسطيني، وبأنه قرار مستقل لا مساومة عليه مع أحد. - إن هذه الجدلية في العلاقة الفلسطينية – العربية بنيت على أرضية أن الإطار الفلسطيني القائد للثورة الفلسطينية .. يرى أن الثورة الفلسطينية برمتها هي جزء من حركة طلائع الأمة العربية الثورية. - وهكذا أكدت الفكرة الجديدة أن الشعب الفلسطيني / هو جزء لا يتجزأ من الأمة العربية وأن ثورته هي جزء لا يتجزأ من الحركة القومية الثورية. - إن تحرير فلسطين واجب وطني فلسطيني وواجب قومي عربي وواجب ديني إنساني لخدمة الحضارة البشرية. ( 16 ) الصهيونية واليهودية الدينية . لقد فرق دعاة الإطار الأول بين الصهيونية كمشروع استعماري، وبين اليهودية كدين سماوي .. وجندوا كل قدراتهم لمحاربة المشروع الصهيوني مع عدم الانتباه للمسألة الدينية اليهودية .. إلا بمدى ضرر بعض أتباعها ومحاربتهم للمشروع الوطني العربي الفلسطيني.  وأكد دعاة الإطار أن إقامة العلاقات مع الدول العربية – (وإن لم تضعها جميعاً في سلة واحدة) – يتجهون بكل فكرهم وطاقاتهم وإبداعاتهم من أجل إنطلاق الثورة وتكريس ذلك بالفعل الثوري المسلح، وبذلك فإن كل الإمكانات مجندة من أجل ديمومة الثورة وإعلاء شأن القضية وصولاً للنصر. على قاعدة إن المناضل هو صاحب الأرض ومالك نصاب القضية الوطنية والأمين على انتزاع النصر. ( 17 )  الصراع / هو صراع وجود . لقد رفض الإطار بقيادة " خليل الوزير " الدخول في طروحات المسألة الاجتماعية، بواقع أن الصراع ضد المشروع الاستعماري الصهيوني، هو صراع وجود، وليس صراعاً يدور حول مبدأ إجتماعي ما. رفضت هذه المجموعة بطروحاتها الفكرية الجديدة .. الخوض في المفاهيم الاجتماعية لما بعد الانتصار وإقامة الدولة الفلسطينية، مؤكدة أن جميع شرائح وطبقات ومسميات الشعب الفلسطيني قد تأثرت بنكبة 1948، والآن على جميع القوى هذه وغيرها أن تدرك أن الحالة الفلسطينية لا تقبل القسمة ولا الطرح ولا ضرب بعضنا بعض .. بل تقبل الجمع والتفاضل والتكامل .  وأكد هذا الإطار أن على جميع الشباب الفلسطيني أن يجمد كل ارتباطاته والتزاماته الحزبية أثناء  المعركة ، وأن القضية هي قضية وطنية شاملة وليست قضية طبقية، فهي ليست قضية تحالف فقراء عرب و" يهود " صهاينة، ضد تحالف أغنياء عرب وأغنياء " يهود " صهاينة ..، بل هي قضية وجود ما بين المشروع الاستعماري الصهيوني الغازي وبين المشروع الوطني الفلسطيني .. صاحب الأرض والقضية والمصير.أكد الإطار على الديمقراطية الثورية .. قاعدة مهمة من قواعد الاستقرار والفعالية والديمومة، وتمارس برؤى المركزية الديمقراطية والقيادة الجماعية وحرية الرأي وممارسة القواعد التنظيمية لدورها الرقابي على قيادتها، وإيلاء النقد والنقد الذاتي أهمية خاصة لتدعيم وترسيخ وتمتين المفاهيم الديمقراطية.نظراً للوضع السري الخاص الذي سيكتنف العمل التنظيمي فلابد من تثوير دور العضو بالفاعلية وتسليحه بالمبادرة وتجنيده لاتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب لصالح الفعل المناسب.تم إقرار استعمال كلمة (أخ) من واقع وقراءة أن العضو الفاعل في الإطار، سيكون رفيق سلاح في العمل الثوري العسكري، إن تداول " الأخ " في الإطار التنظيمي هو الأساس ، لأن الدراسات الحزبية اليسارية تؤكد أن المستقبل الإيجابي لاستعمال كلمة «رفيق» ستصبح «الأخ».تم الحسم على مسألة التقشف في الصرف والتطوع في الدفع المالي بكل القدرات الممكنة وإعتبار الإلتزام بدفع الإشتراك هو حتمية مؤكدة وواجبة لديمومة العضوية . ( 18 )  الوحدة الوطنية .ولعل الدرس الأول المستفاد من تجارب حركات التحرر الوطني العالمية .. يكمن في وعي وهضم مفاهيم ودلالات الوحدة الوطنية، كل شعوب وأمم الأرض بحاجة ماسة في نضالها ضد (الاستعمار أو الاحتلال أو الدكتاتورية المحلية) – للوحدة الوطنية، بل وبحاجة ماسة وبنسبة عالية جداً لذلك ..، إلا أن حاجة الشعب العربي الفلسطيني أكثر وبكثير من حاجة أي شعب من شعوب الأرض للوحدة الوطنية .. إنها بوابة النصر الوحيدة ضد المشروع الاستعماري الصهيوني وتحالفاته الدولية. ولكن هؤلاء الشباب وضعوا الوحدة الوطنية نُصب أعينهم من أجل فلسطين .. وليس من أجل " الحزب " ، ورفعوا شعارهم «فلسطين فوق الحزب» فوق الأحزاب والحزبية والتحزب. ومنذ البداية أكدوا أن خير موقع يتم اللقاء فيه من أجل وحدة وطنية مثمرة .. «هو اللقاء في أرض المعركة» ضد العدو المركزي، حيث «البنادق كل البنادق باتجاه صدر العدو». ( 19 )  لقاء «الصبرا» - من إرهاصات «فتح» الأساسية .هذه الأفكار طُـرحت خطوطها العريضة في لقاء ضم (13) شاباً في أحد أحياء مدينة غزة (الصبرا) أوائل عام 1954، حيث انطلقت العمليات العسكرية الأولى بعد نكبة (1948). من أولئك الشباب الذين كانوا من «الفتيان» وهم على غرار (الطلائع الشبيبية) في " جماعة الإخوان المسلمين " ..، حيث إنسلخوا عنها نهائياً لعدم تجاوبها مع طروحاتهم التحررية. وتطورت طروحات الأفكار الجديدة، بعد انتهاء اللقاء بين " خليل الوزير " و " عبد الفتاح عيسى حمود " .. حيث أعُتبر الثاني بمثابة ممثل لأفكار «الشباب الثلاثة عشر» في القاهرة، وإن تم منذ اللقاء الأول في «الصبرا» الإجماع فيما بينهم على إسناد دور القيادة لهذا التشكيل إلى " خليل الوزير " . ( 20 ) لقاء القاهرة .. مارس 1956 .كان الإتفاق المعقود فيما بين شباب المجموعة أن يجتمعوا في [ مارس ـ اذار 1955 ] ، إلا أن الظروف المحيطة بالوضع في قطاع غزة انذاك اثر حادثة [ 28 / فبرايرـ شباط 1955 ] قد حال دون لقائهم . وأُتفق على لقاء في القاهرة ، أنا تسمح الظروف .  تم طرح الأفكار السابقة .. في لقاء القاهرة الذي ضم بعض المؤيدين .. وذلك في [ مارس ـ أذار  1956 ] ، والذي حضره إلى جانب " خليل الوزير "، رفيق عمره " كمال عدوان " – الذي كان له الفضل في الدعوة للاجتماع الأول لـ «الشباب الثلاثة عشر» في غزة ، وكانا مفوضان من قِبل المجموعة للقاء القاهرة ـ ذاك ـ ومعهما عبد الفتاح عيسى حمود .. وحضر اللقاء غيرهم من الشباب الفلسطيني الجامعي الذي اختاره " حمود " .  وأسند ل" خليل الوزير " وحمود مهمة تبويب الطروحات الجديدة الخاصة بالإطار مع رفض إعلانه تنظيماً في ذلك اللقاء. وأُسند لحْمود مهمة الاتصال مع الجهات الوطنية المؤيدة لطروحاتهم الجديدة على الساحة الفلسطينية والعربية، واستمرار الاتصال مع " حمد العايدي " الذي تسلل إلى الأردن ، وأبقى لقاء القاهرة مهمة خليل الوزير قائمة .. كما تمت عام (1954) في غزة. وأُتفق على لقاء أخر بعد عام.  ( 21 ) الانتشار الحذر والاتصال بثوار العالم .  وبدء الانتشار الأفقي الحذر للغاية، خشية أجهزة المخابرات العربية ..، ولكن هذه المرة على أرضية طروحات الأفكار المتبناة للإطار. تيقن خليل الوزير أن مهمة تاريخية تنتظره، ولابد أن يسعى جاهداً لإتقان دوره فيها..، واتسعت آفاقه التحررية نتيجة اتصالاته الحثيثة بمكاتب حركات التحرير الوطني في القاهرة .. التي أصبحت بعد مؤتمر باندونج بأندونيسيا [ 18 إلى 25 / إبريل – نيسان  1955 ] / كعبة الثوار والأحرار يحجون إليها من كل حدب وصوب، وكثف من قراءاته المتعددة التوجهات / السياسية والفكرية والأديان / .. وشغف بالدراسات المتعلقة بحركات التحرر والتاريخ الفلسطيني والعربي وتاريخ المشروع الاستعماري الصهيوني – وكل ما يتعلق بذلك . وتابع بانتباه وتركيز شديدين ما يدور في قطاع غزة ودور كتيبة الفدائيين (421) وما زرعته من رعب داخل خطوط الهدنة ودور " الإطار " في المهمات الملقاة على عاتق بعض دوريات تلك الكتيبة ، حيث تأكدت صحة ودقة وجهات نظر «مجموعة الصبرا» ..، وبقى على إتصال وثيق بكل ما يتعلق باللاجئين في الضفة الغربية والضفة الشرقية وسوريا ولبنان ..، لقد كانت استعداداته عالية للعمل الفدائي القادم. ( 22 ) حرب 1956 والإنتصار القومي بقيادة جمال عبد الناصر . في خضم هذه الأحداث .. جاء الدور الأمريكي القذر ضد ثورة [ 23 / يوليو ـ تموز 1952 ] ، وذلك بسحب تمويل السد العالي .. الذي أعقبه تأميم شركة قناة السويس العالمية ، ومضاعفات ذلك .. مؤتمر لندن للمنتفعين السابقين من الشركة المؤممة، وفشل مهمة " منزيس " رئيس وزراء استراليا موفداً من مؤتمر لندن ، إثر لقائه مع جمال عبد الناصر، لقاءات سيفر السرية «بريطانيا، فرنسا، إسرائيل» والإعداد للعدوان الثلاثي على مصر .. موقف السوفيات المؤيد لمصر .. الموقف القومي العربي المبايع لمصر قائدة للأمة العربية ..، الاستعدادات المصرية والعربية لردع العدوان .. البدء بتنفيذ العدوان الثلاثي .. احتلال قطاع غزة وسيناء وجزء من بُورسعيد، انسحاب الجيش المصري لغربي القناة، المقاومة البطولية في بورسعيد .. ويشهد لها العالم بالبسالة، وتتعطل الملاحة في قناة السويس .. وعبد الناصر لازال خطابه يتردد في الأذهان «حنحارب» ..، «حنحارب» ..، «حنحارب» ..، وذلك من على منبر الأزهر الشريف ..،  حقاً .. " والله زمان يا سلاحي " .. وفعلاً "    الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر فوق كيد المعتدي " ..، هنا إذاعة " صوت العرب " من دمشق، مظاهرات عارمة حتى في " عراق ـ نوري السعيد وعبد الإله " ، المناضل عبد الحميد السراج مع إخوانه الأحرار في سوريا يدمرون نسفاً أنابيب النفط المارة بالأراضي السورية..، ثوار الجزائر في الجبال يضربون جيش الاحتلال بقوة ويُصعدون من هجماتهم على كامل التراب الجزائري بعد مؤتمر " الصمَّـام " وخطف الفرنسيين ل " أحمد بن بيلا " ورفاقه . عاش الوطن العربي لحظات مجد وكبرياء وهم يُعلي صوته مؤيداً مصر في لحظة محنة ولدت نصراً سياسياً مبيناً .. وتنضم العروبة من الخليج إلى المحيط .. إلى جانب مصر الثورة، مصر عبد الناصر، مصر التأميم، مصر التمصير، وكأنها تصرخ بصوت واحد / مصر أولاً .. مصر أخيراً ..، نعم / لا عرب بلا مصر .. ولا مصر بلا عرب.ويبرز دور " جماعة الإخوان المسلمين " بتأييدهم المطلق لبريطانيا وفرنسا في العدوان الثلاثي خاصة من المحطات الإذاعية السرية الموجهة ضد العرب عموماً ومصر خصوصاً ، ونشطت " الجماعة " بدورها المضاد للحركة القومية العربية بقيادة " جمال عبد الناصر " .. عدو " الجماعة " اللدود . ( 23 ) المد القومي .تلاحقت الأحداث صيف عام 1956 .. وفلسطين في القلب من الحدث، إنها القضية المركزية للأمة العربية..، وها هي مصر – قائدة الأمة – تتعرض للعدوان العسكري المباشر .. كانت قلوب شعبنا الفلسطيني – مع مصر أولاً .. فشعبنا يعلم ويعرف تمام المعرفة أن أهم عوامل فشل الحملة الصليبية (الفرنجة) إنما كمن في عدم قدرتها على إحتلال مصر ..، مصر مطرقة الأمة العربية عبر تاريخ العروبة الطويل، وسوريا سندانتها وفلسطين (مقر معارك الأمة المصيرية قديماً وحديثاً) وممر غزاتها .. يمروا ولكن لا ولم ولن يستقروا قط. ( 24 ) نشرة «صوت الشعب» في القاهرة .تابعت مجوعة «الإطار» ما يدور من أحداث على الأرض .. وأثناء وقوع العدوان الثلاثي قامت هذه المجموعة – بإصدار نشرة سرية «صوت الشعب» / في القاهرة / تنطق باسم المقاومة الشعبية» في قطاع غزة ، وأشرف / خليل الوزير على كامل إصدارات هذه النشرة، وشاركه فيها / كمال عدوان وصلاح خلف – رئيس رابطة الطلبة الفلسطينيين في القاهرة – ومنير عجور وفوزي جبر. وكان خليل الوزير على اتصال دائم مع كمال عدوان المسئول في جبهة المقاومة الشعبية، الذي وصل إلى العريش إثر مطاردة من جيش الاحتلال. ( 25 ) 7 / مارس – آذار / 1957 . رحل جيش العدوان عن بورسعيد[  23/12/1956 ] وتلكأ بالرحيل عن قطاع غزة وشمال سيناء .. إلا أنه أمام الإصرار المصري والإسناد العربي والدعم السوفياتي والمداهنة الأمريكية والمقاومة الشعبية المتواضعة، أُجبر جيش الاحتلال على الإنكفاء [ فجر 7 / مارس ـ أذار 1957 ] ..، - حيث فوجئ أهالي قطاع غزة .. أن قوات الطوارئ الدولية قد تسلمت القطاع من قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي .. ، فكانت الفرحة العارمة .. ولكنها لم تتم، فلقد أعلن البريجادير جنرال بيرنز قائد قوات الطوارئ الدولية .. أن هذه القوات قد جاءت لتنفيذ قرار الأمم المتحدة القاضي بالتمركز على الحدود (الجانب المصري) من شرم الشيخ حتى رفح .. وأما قطاع غزة .. فإنه منطقة دولية. ( 26 ) لا للتدويل .هب قطاع غزة .. هبة رجل واحد ، وشاركت القوى السياسية في التحريض ضد هذا القرار، وكان لمجموعة «الإطار» دوراً مميزاً في رفض هذا القرار .. سواءاً من شاركوا بمقاومة الاحتلال في قطاع غزة أو إخوانهم ممن وصلوا من العريش ، حيث كانوا ينتظرون الانسحاب الإسرائيلي بين لحظة وأخرى. تدفقت الجموع وحاصرت جميع مقرات قوات الطوارئ الدولية على مستوى القطاع .. وبرزت الكثير من الأسماء ممن عُرفوا فيما بعد .. من بين شباب «الإطار». واستشهد الشاب ( محمد المُـشرف ) برصاص ( البوليس الدولي ) وهو يحمل العلم المصري ليرفعه على سارية قيادة قوات الطوارئ الدولية في مدينة غزة ، وهذ مما أجج حركة الإحتجاج . وبعد أسبوع من المظاهرات المتصلة على مدار 24 ساعة، أعلن داج همرشولد الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة، أن مواقع القوات الدولية في قطاع غزة ستكون على الحدود ..، وإستقبل الشعب الفلسطيني ذلك بفرحة إكتملت في ذات اليوم باستقبال قطاع غزة / الذي خرج عن بكرة أبيه .. رجالاً ونساءاً .. شيباً وشباباً .. ليستقبل اللواء أركان حرب محمد حسن عبد اللطيف، الحاكم العام المصري ولتعود الإدارة العربية المصرية إلى قطاع غزة العربي الفلسطيني. لقد أيدت " جماعة الاخوان المسلمين " التوجهات الشعبية تلك ، وذلك لأن ممثلهم في قيادة " المقاومة الشعبية " الأخ ابو الأديب الزعنون الذي نهل من تجربة رابطة الطلبة الفلسطينيين بالقاهرة وتوجهاتها القائمة على التعددية والوحدة الوطنية والتوجه للتحرير على أرضية عمل جبهوي ميداني . لكن الرفاق الشيوعيين مع بعض ملاك الاراضي قد طالبوا بالتدويل . ( 27 ) اللقاء الثالث / مارس – آذار / 1957 . تحت ظلال هذه النشوة الوطنية والقومية العارمة التأم شمل «الإطار» من القطاع ومصر في مارس 1957 .. وكان اللقاء الثالث للإطار، ولكنه اللقاء الأول الموسع – وكان بعد عام من اللقاء الثاني (مارس 1956)، وبالفعل كان هذا اللقاء بمثابة المؤتمر التحضيري الثالث الذي أخذ على عاتقه مسئولية التأسيس التنظيمي لطروحات الفكرة المنبثقة من الحاجة / ومن الضرورة. لقد تمت الموافقة على جميع الطروحات التي قدمها " خليل الوزير " للمجتمعين .. وهو المكلف بذلك. وكانت الدعوة واضحة لاستمرار الاتصال بالقوى الوطنية من الإحزاب السياسية من أجل وضع الطروحات الوطنية للإطار أمامهم جميعاً. ولقد تم في تلك الاجتماعات رفض وثيقة الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور القاضية بملء الفراغ في الشرق الأوسط، بعد الهزيمة والانسحاب التي منيت بها دول العدوان الثلاثي على مصر وقطاع غزة. أخذ الجميع على عاتقه مسئولية نشر فكرة الاطار بين معارفه الثقات ، خشية افتضاح امر " الاطار " في ارهاصاته قبل وصوله ليكون تنظيميا فلسطينيا حركيا عاملا على مستوى الساحة والقضية الفلسطينية . وهنا من اللافت للنظر أن دور رابطة الطلبة الفلسطينيين في القاهرة لم يكن ملحوظا في هذا الاجتماع . ( 28 )  " جماعة الإخوان المسلمين " .. يرفضون تحرير فلسطين . بناءً على توجهات «الإطار» قدم خليل الوزير في [ يوليو ـ تموز / 1957 ] ، مذكرة مكتوبة لمسئول " جماعة الإخوان المسلمين " في قطاع غزة – هاني بسيسو .. لأن تتبنى " جماعة الإخوان المسلمين " آفاق تنظيم خاص بجانب تنظيمهم ، بحيث لا يحمل لوناً إسلامياً في مظهره وشعاراته، وإنما يحمل شعار تحرير فلسطين عن طريق الكفاح المسلح، وأن يتولى التنظيم الجديد الإعداد لهذا الكفاح وأن يبدأ بممارسته متى توفرت له العدة .على الذين ينضمون إلى التنظيم سواء كانوا من " الإخوان " أو من الذين ستوجه لهم الدعوة من خارج الإخوان أن يخلعوا ثيابهم الإخوانية أو الحزبية ويلبسوا بدلاً منها ثياباً فلسطينية، كما أن عليهم أن يمتنعوا عن الدعوة لأية عقيدة أو أيديلوجية . ( 29 ) أعضاء " الإخوان " يتركون " الإخوان "  . لم تأخذ زعامة " جماعة الإخوان المسلمين " بهذه الأفكار .. بل إعتبروها «أضغاث أحلام» .. ولم يردوا على تلك المذكرة حتى تاريخه ( !!! ) ،. ولكن شباب «الجماعة» سرعان ما بدءوا يُنَظِّرون للأفكار المطروحة .. وبدأت الاستعدادات تترى للإنضمام إلى صفوف «الإطار». وكان لانضمام جمهرة من شباب " الإخوان " المعروفين لدى الأوساط الحزبية والسياسية الأثر البالغ لإتساع قاعدة " الإطار " في أكثر من دولة عربية ، . وكان لإنضمام أبو الأديب – سليم الزعنون – أهمية خاصة .. فهو المسئول الأول عن جبهة المقاومة الشعبية في قطاع غزة أثناء الاحتلال .. ولقد طرح فكرته القائلة إن تجربة رابطة الطلاب الفلسطينيين في القاهرة .. كانت ناجحة حيث حسمت أمر التعايش ما بين الأفكار لخدمة الهدف الوطني، وكذلك فإن تجربة جبهة المقاومة الشعبية كانت تجربة ناجحة في السياق ذاته .. وخلص إلى القول إن هذا الإثراء في التجربة يدفع إلى تبني فكرة «الإطار» التي تدعو لخلق فعل سياسي فلسطيني تحرري على غرار تجارب حركات التحرر الوطني العالمية .. متبنياً الكفاح المسلح على أرض فلسطين لتحريرها. ( 30 ) جماعة الإخوان المسلمين .. تناكف .لقد أكدت مذكرة [ يوليو –تموز/ 1957 ] على الدور الإيجابي الذي يوليه " الإطار " للصف العربي المساند من أبناء الأمة العربية وللدول العربية عامة والدول التقدمية منها خاصة، حيث لا يريد «الإطار» ولا يبحث عن أي صراع مع أحد من العرب سواءاً من الدول العربية أو من شعوب الأمة .. بل يريد وينتظر دعمها جميعاً ما أمكن، فردت زعامة " جماعة الإخوان المسلمين " مؤكدة أن الدول العربية الثورية لن تسمح بنشاط فلسطيني فوق أراضيها، دون إخضاعه لسياساتها، وعند القتال ستجعل التنظيم الفلسطيني ينطلق من دول مجاورة، وليس من أراضيها، لتصفية حسابات عربية – عربية، فإن عاندها التنظيم الفلسطيني فستبطش به وتتهمه بالتآمر مع جهات أجنبية تعمل ضد الأمة العربية، وبالتالي لن يجدي الحياد في تجنب الصراع مع الدول العربية إن رَفَـضَ الخضوع للدولة المضيفة. وهكذا أرادات زعامة " جماعة الإخوان المسلمين " أن تضع العصي في دواليب العربة التي لم تتمكن من السير والحركة بعد. ( 31 ) الانتشار – الإيجابي . إثر ذلك إنتشر «القوم» من رجالات «الإطار» .. وإن تصلبت مواقفهم أكثر وأكثر وتسلحوا / بمسئولية متناهية الدقة والحساسية .. فلقد ملكوا الأجوبة على الكثير من الأسئلة المطروحة منذ نكبة عام ( 1948 ) .. إنتشروا وبدء كل منهم بقدراته ومَـلَـكاته التبشير بطروحات الفكرة الجديدة .. شعب، شخصية، هوية، ثورة، حرب عصابات، نضال، كفاح، وحدة وطنية حركة تحرر .. مفردات ذات دلالات بينة ولكنها جديدة كل الجِـدَة على المواطنين الفلسطينيين، وكان للإنتشار حسنة ما بعدها حسنة، ولو خطط له ما أتى بتلك النتائج حقاً . " وما رميت إذ رميت " . ( 32 )  إرهاصة – على درب التحرير .انتشر الجميع .. خليل الوزير إلى المنطقة الجنوبية الغربية من السعودية ( نجران ) ، عبد الفتاح عيسى حمود إلى الضفتين ومن ثم إلى المنطقة الشرقية من المملكة السعودية، كمال عدوان إلى الدوحة – قطر ثم السعودية ..، وهناك تعرَّف / أكثر على مجموعة أخرى «رابطة أبناء فلسطين» ذات طروحات متقاربة / محمود عباس وعبد الله الدنان، وهم من أبناء اللاجئين الفلسطينيين إلى سوريا مع اخوانهم محمود سليمان المغربي (رئيس وزراء ليبيا الأول بعد نجاح ثورة الفاتح من سبتمبر ـ أيلول  1969) / محمد السهلي وظافر الخضراء وغيرهم ..، الذين سبق وطالبوا بالتحاق الفلسطينيين للكلية الحربية وحصلوا عن ذلك، في نهاية عام 1956، دخل بعض أعضاء هذه المجموعة الكلية العسكرية في مدينة حمص ومنهم محمود عباس الذي سرعان ما رفضته الكلية العسكرية لعدم إجتيازه إمتحاناً طبياً ( قوة النظر ) . ( 33 ) الفكرة تنتصر .بدأت أسماء مميزة في عالم «جماعة الإخوان المسلمين» تترك «الجماعة» وتقترب من طروحات الأفكار الجديدة للإطار، محمد يوسف النجار، سليم الزعنون، غالب الوزير، رفيق النتشة، سليمان الشرفا، أسعد الصفطاوي، صلاح خلف، فتحي البلعاوي، سعيد المزين، رمضان البنا، علي الحسن، محمد أبو سردانه، يوسف عميرة وغيرهم ممن أخذوا على أنفسهم خلع ثوب " جماعة الإخوان المسلمين " عنهم .. والتخلص نهائياً من أعبائه، والتوجه بالكامل نحو تحرير فلسطين بالكفاح المسلح. ( 34 ) إرهاصة أخرى . التقت هذه المجاميع مع غيرها، من الشباب الفلسطيني اللاجئين في سوريا .. ومنهم مجموعة «صوت فلسطين» والذي تحور إسمها ليصبح أكثر عروبة وقومية وهكذا غدت وعرفت هذه المجموعة بإسم  «عرب فلسطين» وكان على قمة هرمها هايل عبد الحميد وفيصل الحوراني ورفيقهم أنيس عبد الخطيب، وجاء في برنامجهم: «أن أهل فلسطين مدعوون للاعتماد على أنفسهم ومطالبون بأخذ زمام المبادرة ليشكلوا رأس الحربة في الكفاح». إنها ليست محض صدفة أو توارد خواطر .. إنها الحاجة والضرورة والحتمية لآخذ المبادرة لتلبية وإنجاز طموحات المواطن العربي الفلسطيني بعد نكبة 1948. نقل كمال عدوان صورة «الإطار» للأخوة الوطنيين الفلسطينيين بالدوحة ، ونقل عنهم أوضاعهم ل " خليل الوزير " .. الذي أطلع الآخرين من «الإطار» عليها ..، ومن خلال عبد الله الدنان وعلاقاته مع كمال عدوان .. أطلعه على ماهية عادل عبد الكريم ياسين ( الكويت ) ودوره في رابطة أبناء فلسطين، التي كانت تهدف إلى تجنيد الفلسطينيين في سوريا وتدريبهم عسكرياً لمواصلة الكفاح المسلح على أرض فلسطين. ( 35 ) لقاء الخفجي 1958 . أنهى خليل الوزير العام الدراسي 1957-1958 مدرساً في السعودية، وتعاقد للعمل مدرساً في الكويت، ووصلها في 20/9/1958 ، واتصل فوراً بعادل عبد الكريم ياسين، الذي كان ومنذ سنين متعاقداً / مدرساً ، وأطلعه على كافة أمور «الإطار» واتفقا على الاتصال سريعاً بعبد الفتاح عيسى حْمود – مهندس البترول في السعودية – وتم ترتيب اللقاء في بلدة الخفجي (المنطقة المحايدة ما بين السعودية والكويت) .. وتم الاتفاق على المضي قدماً بفكرة «الإطار. ( 36 ) التسمية ـ " حركة "  . وأُتفق في هذا الاجتماع على المنطلقات النظرية لما قام بطرحه كل من خليل الوزير وعبد الفتاح عيسى حْمود، حيث تقبله عادل عبد الكريم ، وكذا الاتفاق على الاتصال بالمجموعات الشبيهة وكانت كثيرة، وأن تتم الاتصالات الأولى بالمجموعات التي دعت إلى الكفاح المسلح أو ما يشبه ذلك. وأُتفق على أن يقوم خليل الوزير وعادل عبد الكريم بمراجعة القضايا النظرية لبناء «الإطار» وليصبح تنظيماً سياسياً معبراً عن إرادة الإنسان الفلسطيني بالتحرير والعودة .  وكذا تم تحديد أن مسمى " الإطار " هو «حركة» تسعى لتحرير فلسطين بمنهج وطني ثوري، وتم كذلك تحديد البؤر الثورية التي سيتم الاتصال بها .. وتم تكليف كل منهم بالجهة المنوي الاتصال بها والتواصل معها. وهكذا تم وضع ميثاق التنظيم الحركي والذي سيتم اختيار اسم «فتح» له – على المدى المرئي – وهذا ما تم قبل نهاية (1958) وكان ل" عمر عبد الكريم " الدور الواضح لاختيار الاسم للحركة «فتح». ( 37 ) عرفات / الرابطة – الخريجين – التنظيم .  وغادر عبد الفتاح عيسى حْمود إلى السعودية .. وعاد خليل الوزير / وعمر عبد الكريم إلى الكويت ..، ولم يكونا على علاقة مباشرة عميقة مع ياسر عرفات بعد، المهندس في المشاريع العامة الحكومية في الكويت .  إلا أن «حْمود» أكد لهما أهمية وجوده مع «التنظيم – الحركة» واتفق الثلاثة، أن تاريخه مُشرف منذ عام 1948 ومشاركته جيش الجهاد المقدس .. وكذا دوره في إحداث حرب الفدائيين في «قنال / السويس» 1951، وعام 1953 .. وانضمامه وقتاله مع الجيش المصري ضد العدوان الثلاثي .  ولا يغيب عن الجميع دوره القيادي البارز رئيساً لرابطة الفلسطينيين (1952-1956) متحالفاً مع الجميع بلا عضوية مع أي من الأحزاب آنذاك، ومن ثم تأسيسه لرابطة الخريجين الجامعيين الفلسطينيين، وقد كانت حالة إعلامية أكثر منها واقعاً وظاهرة جوهرية .. وعرف الجميع من أبناء جيله كل هذه الحقائق الإيجابية وغيرها لصالحه كثير .. إلا أنهم كانوا / أيضاً / يعرفون عنه .. حبه وشغفه الشديدين للتفرد وجمع خيوط العمل والفعاليات بين يديه، بسلطة أبوية دينامية تثير الانبهار. ولكن حتى خصومه السياسيين يعترفون له بعمق وثراء وغنى تجربته في رابطة الطلبة الفلسطينيين، هذه «الرابطة» التي تعتبر ه