حسن أنه توجد صحافة كويتية. خبران في صحيفة "الرأي العام" الصادرة في الكويت، وفرا هذا الاسبوع تفسيرا مفصلا لجذور التوتر السائد في الأشهر الاخيرة بين اسرائيل، سوريا وحزب الله. فقد أماطت الصحيفة لثام السرية عما وصف في التقارير في وسائل الاعلام الاسرائيلية بأنه "سلاح خارق للتوازن" نقلته سوريا الى حزب الله. ويدور الحديث حسب الكويتيين عن صواريخ باليستية من طراز سكاد تلقته المنظمة اللبنانية لاول مرة رغم تحذيرات اسرائيلية لدمشق. الاسكاد هو سلاح من مستوى آخر. ستكون هذه هي المرة الاولى التي تحوز فيها منظمة ارهابية او منظمة عصابات ما صاروخ باليستي من النوع الذي يوجد بشكل عام في حوزة الجيوش النظامية. وكان حزب الله بنى في السنوات الاخيرة منظومة صواريخ واسعة وخطيرة. وسيكون اسكاد اضافة هامة وذات مغزى للسلاح الصاروخي لدى المنظمة، وان كان ينبغي الافتراض بأن تفعيله سيحفظ الى يوم الدين. السؤال، بالطبع، هو من سيحدد ما هو يوم الدين: ايران، التي تفضل استخدامه كرد على حالة مهاجمة اسرائيل مواقعها النووية ام حزب الله الذي من شأنه ان يرى في ذلك ردا لبنانيا مناسبا ايضا على اشتعال موضعي مع الجيش الاسرائيلي. في الذاكرة الاسرائيلية الاسكاد هو السلاح غير الفتاك جدا وغير الدقيق على الاطلاق الذي اطلقه العراق على غوش دان وحيفا في 1991. ولا تفصل الصحيفة الكويتية أي نوع من الاسكاد نقل الى حزب الله – طراز بي ام سي القديمين ام طراز دي الحديث والاكثر دقة. وحسب منشورات مختلفة في الغرب في السنوات الاخيرة يحوز حزب الله منذ الان على صواريخ تصل الى مدى نحو 300 كيلومتر، تغطي معظم الاراضي الاسرائيلية. اسكاد سي، الذي يبلغ مداه ضعف ذلك، يكمل اساسا امكانية ضرب المنطقة جنوبي ديمونا، منطقة واسعة ولا تكاد مأهولة اصابتها ليست استراتيجية. التغيير ذو المغزى سيكون في وزن الرأس المتفجر لاسكاد، طن 1 – ضعف الصواريخ السابقة. المعلومات الناقصة تتعلق بمستوى الدقة: اسكاد دي قادر على أن يحقق اصابات متكررة في منطقة بقطر بضع مئات من الامتار. نقل سلاح كهذا الى حزب الله، اذا ما تم حقا، سيسمح له بأن يهدد بشكل منهجي اكثر ليس فقط المراكز السكانية بل وأيضا مواقع استراتيجية، من قيادات وحتى منشآت بنية تحتية. ومع ذلك، يجدر بالذكر بأن حيتس سبق ان أثبت قدرة على اعتراض صواريخ سكاد. في تجربة اسرائيلية – امريكية مشتركة في الولايات المتحدة في صيف 2008، اعترض حيتس دون صعوبة صاروخ من طراز سكاد بي. سكاد، اكثر من صواريخ "زلزال" التي دمرها سلاح الجو قبل ان تطلق في حرب لبنان الثانية، يبقي "ختم" استخباري هام يسهل تشخيصه وضربه. يبدو ان ليس صدفة أنه بعد يوم من النشر، في زيارة الامس الى سلاح الجو في رمات دافيد قال وزير الدفاع: "لدى اسرائيل الطيارين والطيارات الافضل في العالم"، وتعهد بأن يكون بوسع الجيش الاسرائيلي العمل ضد "تهديدات قريبة وبعيدة". ما الذي تكسبه سوريا من خطوة كهذه؟ يبدو ان رئيسها، بشار الاسد، على نحو يشبه زعماء تركيا وايران، يختار ألا يتأثر على نحو خاص بتصريحات ادارة اوباما. منذ تسلمه مهام منصبه اتخذ الاسد خطا مغايرا عن خط ابيه حافظ. فبينما كان الأب حذرا في حينه من التعاون الوثيق جدا مع ايران وحزب الله وأبقى على مسافة عن حزب الله، فان ابنه لا يتردد في معانقة محمود احمدي نجاد وحسن نصرالله. وحتى لو كان السوريون معنيين بالسلام مع اسرائيل مقابل هضبة الجولان، فحاليا تجدهم لا يشعرون بأن في اسرائيل شريكا حقيقيا يمكن التوصل معه الى اتفاق. وعليه فانهم يفضلون ترسيخ الردع الذي سيمنع اسرائيل من أن تهاجم أراضيهم مرة أخرى مثلما فعلت ضد المنشأة النووية في أيلول 2007. حاليا، لا توجد عصا حقيقية تهدد سوريا وتدفعها الى اعادة النظر في التعاون مع حزب الله. فالغرب يواصل التزلف لدمشق وحتى رؤساء المعسكر المناهض لسوريا في لبنان، رئيس الحكومة سعد الدين الحريري وزعيم الدروز وليد جنبلاط يحجون الى القصر الرئاسي السوري لفهمهم معادلة القوة الجديدة في المنطقة. اذا لم يأت الخلاص من الولايات المتحدة فان عليهم ان يتدبروا أمرهم مع السوريين وحدهم. مشكوك فيه ان يؤدي تأخير ارسال السفير الامريكي الى دمشق الى تغيير في سياستها.