مر أكثر من شهر منذ "أزمة رمات شلومو" أثناء زيارة نائب الرئيس الامريكي جو بايدن، ولا تزال المسيرة السياسية في جمود تام. رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو رد طلب الادارة الامريكية تجميد البناء الاسرائيلي في شرقي القدس، وعلق في مواجهة زائدة وضارة مع الحليف الهام لاسرائيل. محادثات التقارب مع الفلسطينيين تتأخر، والزمن المتبقي حتى نهاية تجميد البناء في الضفة آخذ في النفاد. والامريكيون يلمحون بأنه اذا ما استمر الجمود السياسي، فانهم سينشرون خطة سلام، يرى فيها نتنياهو وصفة لفرض تسوية. الجمهور الاسرائيلي غير مبال في معظمه من المسيرة السياسية طالما لا يوجد ارهاب وانتفاضة، فان اسرائيليين قلائل فقط معنيون بشكل عام بوضع الفلسطينيين او في ما يجري في المناطق. عدم الاكتراث هذا يعفي نتنياهو من ضغوط داخلية ويمنحه حرية عمل غير ان رئيس الوزراء يفضل كسب الوقت، على ما يبدو في توقع بأن يخفف الرئيس براك اوباما من حدة مطالبه او أن ينتظم مؤيدو اسرائيل في الولايات المتحدة في كفاح ضد "التسوية المفروضة". سلوك نتنياهو يكشف عن مواقفه الحقيقية: توسيع التواجد اليهودي في شرقي القدس أهم بالنسبة له من الحفاظ على العلاقات الحيوية مع الولايات المتحدة. وهو يفضل البناء في الشيخ جراح ومخاصمة اوباما، بدلا من توثيق التنسيق والتفاهم مع الادارة حيال التهديد الايراني. في لحظة الحقيقة، اختار نتنياهو جذوره الايديولوجية، وقرر التضحية في سبيلها بالمصالح الاستراتيجية لاسرائيل – وبوعده بدفع التسوية مع الفلسطينيين الى الامام على اساس "الدولتين للشعبين". سلم اولويات نتنياهو مغلوط، ولكن لم يفت الاوان بعد لاصلاح الامر. عليه ان يرد بالايجاب على الطلب الامريكي، فيوقف لزمن محدد البناء في شرقي القدس ويستأنف بسرعة المحادثات مع الفلسطينيين. مستقبل شرقي القدس يجب ان يتقرر في المفاوضات، كما تعهدت اسرائيل في الماضي، وليس بقرارات من جانب واحد. اسرائيل لا تكسب شيئا من جذب الزمن الذي يقوم به نتنياهو، بل فقط تعاني من استمرار النزاع وتضعضع الدعم الامريكي. وبدلا من الترسخ في مواقفه خلف شركائه السياسيين، على رئيس الوزراء أن يتأزر بالشجاعة وأن يحطم الجمود السياسي بعد أكثر من سنة على هزال الفعل في السلطة.