خبر : غياب نتنياهو.. ليس نووياً!! ... بقلم : هاني حبيب

الإثنين 12 أبريل 2010 02:09 ص / بتوقيت القدس +2GMT
غياب نتنياهو.. ليس نووياً!! ... بقلم : هاني حبيب



وضعت الادارة الأميركية حداً للتحليلات السياسية والشائعات التي سادت الاوساط السياسية والاعلامية في الآونة الأخيرة، حول نيتها التقدم بخطة سلام تفرضها على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي بعد تعذر اطلاق العملية التفاوضية، وذلك عندما اشار البيت الأبيض إلى انه ليس في نية الرئيس أوباما تجاوز الطرفين من خلال التقدم بخطة سلام يفرضها عليهما، وكأنما هذه الاشارة جاءت رداً على ما ورد على لسان رئيس الحكومة الاسرائيلية مؤخراً، من ان الدولة العبرية لا يمكنها التعامل مع أية خطة يتم فرضها من أي جانب، الاعلان الأميركي جاء ليشير إلى ان الجهد الاوروبي في الضغط على ادارة أوباما من أجل عرض المسألة على مجلس الأمن والخروج بموقف موحد باعلان دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، هذا الجهد لم يؤت ثماره بعد، يعود ذلك - ربما- إلى مدى تعقيد رؤية الادارة الأميركية ازاء الضغوط التي مورست عليها من قبل اللوبي الصهيوني من ناحية والمحافظين "الجدد" الذين ما زال لهم دور كبير في التأثير على السياسة الأميركية، رغم تراجع هذا الدور، ولكن ليس إلى الحد الذي يمكن تجاهله من قبل الادارة الأميركية التي تحاول جاهدة اختراق عملية الجمود المستمرة حول مسألة العملية التفاوضية في الشرق الاوسط عموماً وعلى الملف الفلسطيني - الاسرائيلي على وجه الخصوص. اعلان نتنياهو عن معارضته لفرض تسوية على اسرائيل من "محافل خارجية" اشارة ضمنية إلى انه بالفعل، كانت هناك خطة بهذا الصدد، سبق وان تداولتها صحيفة واشنطن بوست الأميركية وهآرتس الاسرائيلية، هذا الموقف اضافة إلى خلافات بشأن طريقة الحل لدى طاقم الرئيس الأميركي، أدى ذلك كله إلى نفي الادارة نيتها التقدم بمثل هذه الخطة، فالمبعوث الخاص إلى الشرق الاوسط جورج ميتشل يحاول التوصل إلى استئناف العملية التفاوضية من خلال خطة "الخطوة خطوة" من خلال تجميد مؤقت ومرحلي للاستيطان، وبدء مفاوضات على ملف الحدود، لكن مستشار الرئيس دنيس روس يرى ان توقف العملية التفاوضية يجب ان يدفع واشنطن إلى التركيز على بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية "من تحت إلى فوق إلى حين نضوج شروط العودة إلى المفاوضات"، أما الرأي الثالث فيعود إلى عدد من كبار المسؤولين في البيت الأبيض والداعي إلى ضرورة بلورة خطة سلام أميركية، تقترب من تلك التي عرضها الرئيس الأسبق بيل كلينتون في اعقاب فشل محادثات كامب ديفيد، تلك الصيغة التي عرضت العام 2000 وافقت عليها اسرائيل بينما اعترض عليها الرئيس عرفات. وما جعل الاوساط السياسية تتحدث عن تلك الخطة الأميركية، هو الاجتماع الذي جرى في البيت الأبيض وبحضور الرئيس أوباما والذي دعا اليه مستشار الأمن القومي الجنرال جيمس جونز وبحضور نخبة مميزة من كبار الساسة الأميركيين في الادارات السابقة: برانت سكوكروفت، مستشار الرئيسين فورد وبوش الاب، وزبغيو بريجنسكي مستشار الرئيس كارتر، وكل من ساندي بيرغر وكولن باول وروبرت ماك برلاين وفرانك كارلوتشي، المستشارين في عهد ريغان.. هؤلاء اتفقوا على ضرورة ان توفر اية خطة سلام الأمن لاسرائيل، لكن ذلك - وهو الأهم- ان الاستيطان ليس ضمانة لهذا الأمن بل سبب يحول دون تحقيقه وان تعديلاً محدوداً للخطط التي عرضت اثناء ادارة كلينتون سيكون مناسباً على ان يتم ربطها بالتصدي للملف النووي الايراني من ناحية ورفعها إلى مستوى يسمح برسم خطة سلام اقليمية تضم سورية، الملف الايراني في الخطة سيشجع اسرائيل على عدم رفضها، ودخول سورية على الخط سيسمح لدمشق بالضغط على الفصائل المعارضة للتكيف معها! للتأكيد على وجود مثل هذه الخطة، ما نقل على لسان كولن باول، من ان ادارة أوباما يجب ان تدرس الخيارات الممكنة التي ستلجأ اليها في حال اعتراض اسرائيل عليها، كما يقال بهذا الصدد، ان الرئيس أوباما، لم يتحدث كثيراً بل طرح اسئلة وانصت إلى اجابات المتحدثين.. في هذا الاجتماع الذي عقد في الرابع والعشرين من آذار الماضي، ظهر وكأن هناك اتفاقاً على ان تقدم الولايات المتحدة على عرض خطتها التي تستنسخ مع بعض التعديل خطة كلينتون، لكن الخلافات حول ذلك ظهرت بعدما تسرب هذا الاتفاق حول الخطة، وظهور انقسامات لدى طاقم البيت الأبيض وضغوط من جانب اللوبي الصهيوني والمحافظين الذين ما زال يطلق عليهم الجدد مع انهم لم يعودوا كذلك مقارنة مع عهد ريغان! وليس بعيداً عن هذا الجدل، يقال ان نتنياهو "عدل" عن مشاركته في القمة النووية التي ستعقد في العاصمة الاميركية بعد أيام، ويقال ان هذا العدول يعود إلى استعداد كل من مصر وتركيا لاستجوابه بشأن السلاح النووي الاسرائيلي، وانه فضل "المكوث في البيت" على ان يتعرض لمثل هذا الاستجواب.. وقد تابعت هذه المسألة منذ أيام، واشرت في مقالين سابقين إلى ان نتنياهو لم يقرر في الاصل المشاركة في هذا المؤتمر، وان ذلك يعود إلى ان هناك تلميحات اميركية، بأن الرئيس أوباما لن يستقبله في حال عدم حصول واشنطن، قبل ذلك على اجابات عن الاسئلة التي حملها أكثر من مرة المبعوث الأميركي ميتشل إلى اسرائيل وتتعلق اساساً بوقف الاستيطان في القدس والضفة الغربية، وموقف اسرائيل من مسألة الحدود، ليس هناك اجابات جديدة من قبل اسرائيل على مثل هذه الاسئلة الأمر الذي سيضع نتنياهو في حرج شديد اذا وصل إلى واشنطن من دون ان يستقبله أوباما، خاصة وان هذه الزيارة تكلف الميزانية الاسرائيلية، مليون دولار بالتمام والكمال، وللتأكيد على ذلك، فانه كان من المقرر ان يصل جورج ميتشل إلى اسرائيل هذا الاسبوع لتلقي اجابات اسرائيل قبل يوم غد، غير ان ميتشل بدوره عدل عن الزيارة لانه تيقن ان لا اجابات محددة من قبل اسرائيل على تلك الاسئلة، ما يجعل زيارته بلا معنى، مثل زياراته المكوكية السابقة. فنتنياهو ليس مضطراً للخضوع لاستجواب حول أي مسألة، خاصة حول الملف النووي الاسرائيلي الخاضع إلى سياسة الغموض التي تبنتها الدولة العبرية منذ العام 1969 أي بعد أربع سنوات من بناء مفاعل ديمونا بدعم فرنسي، وهو أصلاً ليس مضطراً لأي استجواب خاصة من قبل مصر وتركيا، لكن من الممكن اشاعة هذا المبرر، لتبرير موقفه من عدم المشاركة في المؤتمر شخصياً من خلال وفد اسرائيلي عالي المستوى، بدوره لن يخضع لأي استجواب، ومن ناحية ثانية، حتى يقال ان حضوره لهذا المؤتمر قد يشكل احراجاً لواشنطن التي تحاول ان تضع التسلح النووي الايراني على رأس أجندة هذا المؤتمر، وجود نتنياهو قد يشكل احراجاً للأميركان، الذي يمكن له ان يبيع هذا المبرر لصالح واشنطن من خلال تجنيب ادارة أوباما هذا الاحراج!www.hanihabib.com