خبر : كام ضد المصدر/يديعوت

الأحد 11 أبريل 2010 11:35 ص / بتوقيت القدس +2GMT
كام ضد المصدر/يديعوت



في حزيران 1972 وقع اقتحام لمكاتب الحزب الديمقراطي في نطاق ووترغيت في واشنطن. بوب وودوورد وكارل برنستين، صحافيان من "واشنطن بوست"، كشفا النقاب عن ان الاقتحام تم بعلم الرئيس ريتشارد نكسون، الحقيقة التي ادت الى استقالته. وادعى الرجلان في كتاب نشراه، "كل رجال الرئيس" بانهما اعتمدا على مصدر كبير اسمياه "حلق عميق". ودافعا بكل حزم عن اخفاء هوية هذا المصدر، وفي 2005 فقط كشفت، صحيفة اخرى، بان المقصود هو مارك بلت الذي كان في زمن الاقتحام نائب رئيس الـ اف.بي.اي . وتدرس القضية في كل مدارس الصحافة في العالم كقدوة للصحافة المحققة الشجاعة، التي نجحت ايضا في الحفاظ على سرية هوية مصدرها. يحتمل ان تكون عنات كام اعتقدت بانها هي التي ينبغي لها أن تكون "الحلق العميق" في الجيش الاسرائيلي، التي تكشف النقاب عن افعال غير قانونية او اخلاقية في جهاز الامن، غير أنها بدلا من أن تحصل على وودوورد وبرنستين حصلت على الصحفي اوري بلاو. هذا، خلافا لهما أدى في نهاية المطاف الى الكشف عن مصدره. حسب التفاصيل عن عنات كام والتي نشرت في وسائل الاعلام، لا يدور الحديث عن من هي نيتها المس عن عمد بأمن الدولة. فقد حاولت ان تقبل في دورة طيران ودورة ضباط وقدمته خدمة عسكرية كاملة في مكتب قائد المنطقة الوسطى. كام، مراهقة غريبة الاطوار مع نسبة ذكاء هائلة وقدرة طفولية على الحكم ، نسخت وثائق، بعضها برأيها، تمس بالطبيعة الاخلاقية للجيش الاسرائيلي. لم تحاول نقل المادة الى جهة معادية او غير اسرائيلية بل الى صحفي معروف في صحيفة تعمل حسب اوامر الرقابة. وبالفعل، قسم من المواد كشفت عن نشاط دار، بزعم الصحيفة، خلافا لتعليمات محكمة العدل العليا. كام لم تطلب مالا لقاء المادة ولا حظوة لقاء النشر، بحيث يمكن الافتراض بانها عملت حسب أمر ضميري. هذا ليس قانونيا، ومن يرتكب افعالا كهذه يجب أن يعاقب، بشكل متوازٍ، حيث أن عمرها الصغير، عدم وجود نية مبيتة ونتيجة افعالها لم تمس بامن الدولة بحيث يجب ان تعتبر ظروف مخففة. هل يجوز لوسائل الاعلام ان تستخدم مادة يتم الحصول عليها بوسائل غير قانونية؟ بالتأكيد، اذا كانت المصلحة العامة تبرر ذلك. المفهوم الاعلامي هو انه يجب تشجيع ظواهر "الحلق العميق" في اوساط الهيئات الرسمية، رغم أن هذه غير قانونية، وذلك من أجل الكشف عن افعال غير سليمة لتلك الاجهزة. هذا النهج الاعلامي يقول ايضا انه محظور على الصحفي أن يكشف عن مصادره، حتى لو كان من شأنه أن يقدم الى المحاكمة على ذلك. اذا ما خرق الصحفي هذا لمبدأ فانه يسحب من تحت اقدام وسائل الاعلام طريقة عمل حيوية يمكنها من خلالها ان تؤدي مهامها. هنا اخطأ اوري بلاو تجاه مصدره وتجاه قدرة وسائل الاعلام على اداء مهامها على حد سواء. وحسب شهادة صديقة كام، فقد طلبت من صحفي "هآرتس" الا ينشر صورة الوثائق. فقد عرفت، وكان ينبغي له ان يفترض بان الامر سيكشف هوية مسلم الوثيقة. نشر صور الوثائق أدى بالطبع الى تحقيق من المخابرات التي طلبت من الصحفي الوثائق. وكان طلب الحصول على الوثائق يرمي الى تحقيق هدف واحد: معرفة مصدر التسريب إذ ان لدى الجيش الاسرائيلي توجد الوثائق الاصلية. كان يمكن تدميرها بحضور محامي الطرفين، مثلما دمر الحاسوب الشخصي للصحفي. بلاو، بدلا من ذلك هرب من البلاد مع مادة وعد خطيا باعادتها وسلم عمليا مصدره. وهكذا يكون اصبح هو نفسه "حلق عميق" للمخابرات.